كان أومبرتو إيكو، إلى وقت قريب من أشد المعجبين بشبكة الإنترنت لفتحها باب التواصل والاتصال والمعرفة بأشكالها المختلفة على مصراعيها بين الناس. غير أنه راجع موقفه مؤخراً ودقّ ناقوس الخطر، محذراً من مغبة سيطرة الأغبياء على هذه الوسيلة التكنولوجية الحيوية.
ويشرح إيكو رؤيته قائلاً إن ثرثرة الأغبياء في الماضي كانت لا تتعدى أسوار المقاهي والبارات، أما اليوم في زمن الفيسبوك والتويتر فقد تجاوزت كل الحدود الجغرافية واللغوية. من هنا وجب التصدي بحزم وشجاعة لهذه الظاهرة.
وكما كان متوقعاً، تصاعدت صيحات النقد والاستنكار، متهمة إيكو بالنخبوية واحتكار الحق في التعبير، بل هناك من اتهمه بمعاداة الديمقراطية لأن الإنترنت هي أغورا جديدة وكبيرة يجب ألا يُقصى فيها أحد. ولكن هل كانت الساحة العامة في أثينا أي أغورا مفتوحة للجميع بلا استثناء؟
لقد اخترع اليونانيون الديمقراطية ومارسوها في حياتهم اليومية، ولكن لم تكن أبداً حكم الشعب أو الأغلبية، بل كانت حكم النخبة والأقلية بامتياز. فقد كان حق المشاركة مكفولاً للرجل "الأثيني الحر" فقط.
وعاد إيكو إلى نفس الموضوع في عموده الأخير في مجلة "إسبريسو" الإيطالية، واقترح الاحتكام إلى مبدأ واضح: لا يحق لأي شخص الكلام في موضوع ما إلا إذا كان ملماً به إلماماً كبيراً. لكن هل بوسع أحدٍ إسكات الأغبياء؟