إيقاف "العاشرة مساء": كل الحق عالـ"سيرفر"

21 أكتوبر 2014
وجّه الإبراشي غضبه ضدّ وزراء في الحكومة (تويتر)
+ الخط -

"النفاق للسيسي مش عيب، لأنه نفاق للوطن"، هذه واحدة من "مأثورات" الإعلامي المصري، وائل الإبراشي، وتذكّرها ضروري  لفهم ما حصل للبرنامج، الذي ورث تقديمه عن منى الشاذلي. باختصار: أوقف البرنامج على الهواء مباشرة، بالطريقة المعتادة أي الخروج لفاصل إعلاني، وعدم العودة مجدداً.

الإبراشي، أصدر بياناً شديد اللهجة، عزا فيه وقف بث برنامجه لـ"ضغوط مارسها وزراء". بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال "هناك وزراء لا يستحقون أن ينتموا إلى هذه الحكومة وفشلهم لا يختلف عن رصاص الإخوان". وامتنع عن الظهور في حلقة أمس، فشاب الغموض مصير البرنامج، في ظل شح المعلومات من قبل كل الأطراف حول مستقبله.

من ناحيته أكّد أسامة عز الدين ـ رئيس مجلس إدارة قنوات "دريم" ـ أن انقطاع الإرسال عن برنامج "العاشرة مساء" جاء بسبب عطل في "السيرفر" استمر حتى الواحدة إلا عشر دقائق من صباح اليوم التالي، نافياً أن تكون هناك أي أسباب سياسية أو تدخلات خارجية في قطع الإرسال عن برنامج التوك شو الرئيسي بالقناة. وهو ما تطابق مع رواية الحكومة لما حدث، إذ علّق السفير حسام قاويش المتحدث باسم مجلس الوزراء، على واقعة قطع البث عبر مداخلة هاتفية مع قناة "أون تي في" قال فيها: "إن الحكومة ليست لها أي صلة بسياسات القنوات، ومحتوى البرامج المقدمة أو تحديد المذيعين، والأمر يخصّ سياسة القناة".

لكن دينا الحسيني مساعدة رئيس تحرير "العاشرة مساء"، كان لها رواية أخرى للواقعة، فقالت على حسابها الشخصي: "إن مخرج البرنامج أخبرها أن النايل سات وراء قطع البث، خصوصاً أن الإبراشي تلقى مكالمة قبل البرنامج تفيد بأن وزيري التربية والتعليم والإسكان هددا بتقديم استقالتيهما لمحلب، اعتراضاً على الانتقادات التي توجه لهما في برنامجه".
في حين قالت، مصادر لـ"العربي الجديد" من داخل قناة "دريم": "إن السبب الحقيقي لانقطاع البث هوعطل فني مفاجئ، أصاب "السيرفر" الخاص بالكنترول أثناء بث الحلقة على الهواء، ولكن هناك خلافات مالية بين الإبراشي وإدارة القناة منذ فترة، هدد على إثرها الإبراشي بترك البرنامج في حال لم تحقق له إدارة القناة طموحاته المادية".

كذلك نفت  لـ"العربي الجديد" مصادر من داخل شركة الإعلانات صاحبة الحق الحصري للإعلان على شاشة قناة "أون تي في"، الأنباء التي تناقلها الناشطون على مواقع التواصل عن انتقال الإبراشي للقناة، وأنه الدافع الحقيقي وراء افتعال الأزمة. واستبعدت المصادر هذه الأنباء في وقت قريب، نظراً لازدحام خريطة البرامج الخاصة بـ"أون تي في"، خصوصاً بعد انتقال يوسف الحسيني من "أون تي في لايف" إلى شاشة القناة الرئيسية، إلى جانب إبراهيم عيسى وجابر القرموطي. رغم تعدّد الروايات يبقى الأكيد أن الإبراشي ارتكب سلسلة سقطات فادحة خلال عمله في البرنامج.

منصات التواصل الاجتماعي تفاعلت بقوة مع الواقعة، وتباينت آراء الناشطين والمتابعين، ففريق أكد أن ما حدث هي محاولة للترويج لبعض مؤيدي النظام، ووضعهم في غير موضعهم كمعارضة خيوطها بيد السلطة. فكتب الصحافي والمدوّن وائل عباس: "الإبراشي وأديب بيحاولوا يعملوا بطولات وهمية ومعارضة جديدة متقيّفة متظبطة"، خلوا بالكم". ناشطة أخرى أكدت ذلك في تغريدتها: "شوفتي حملة التضامن بتاعت الإبراشي؟ هو ده اللي طالبه الإبراشي بالظبط، واتعملت له حملة تضامن، وبكرة يقولوا كلنا وائل الإبراشي".

وفريق آخر ذهب إلى أن هذه دلالة على قمع النظام، وبطشه بأي صوت منتقد له، ولو كان هذا الصوت من إعلاميين اشتهروا بمناصرته، ورأى هذا الفريق أن هذا ديدن أي نظام عسكري يدير الدولة ككتيبة في الجيش لا مكان فيها لأي صوت معارض. فأحد الناشطين علق قائلاً: "الإبراشي الأول، هل من مزيد ادّيها كمان حرية". وآخر قال: "فيه ناس لأن وائل الإبراشي ضدهم عادي عندهم إنه تم قطع البث، وانهارده البرنامج نفسه العاشرة مساء اتمنع فعادي عندهم، لا تسأل عن حرية التعبير".  

اللافت أن بعض مؤيدي النظام أعلنوا تضامنهم مع الإبراشي، فالناشط المعروف حازم عبد العظيم أعلن ذلك صراحة، وقال: "لم أتابع حوار قطع البث عن الإبراشي، ولو كان الكلام ده صحيح يبقى دخلنا في مرحلة التهريج، وده مش حلو". الفريق الثالث، ومعظمهم من مؤيدي السيسي، كعادتهم لا يجدون أي غضاضة في تبرير أي تصرف، فرأوا أن الإبراشي تجاوز حدوده، مثله مثل إعلاميين آخرين، داعين إلى اتخاذ مواقف أشد قوة معهم، "لأن البلد في خطر" ولا وقت للحريات الإعلامية الآن.

وكان لافتاً موقف الإعلاميين الآخرين، إذ لم يتخذ معظمهم موقفاً متضامناً مع الإبراشي، ولم يفكر أحدهم بمنحه فرصة لمداخلة هاتفية، بل منح بعضهم ممثلي الحكومة الفرصة للحديث ونفي علاقتهم بوقف البرنامج، وهو ما يتناقض وموقفهم مع الإعلامي نفسه عندما تم إيقاف قناته في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي كان لأسباب إجرائية.

 

المساهمون