إيقاعات "الماريمبا" تشدو في القاهرة

17 يونيو 2016
تطورت الماريمبا في أميركا الوسطى على يد الأفارقة (Getty)
+ الخط -
أصبحت حفلات العزف على آلة الماريمبا من الفعاليات الفنية التي يتهافت عليها كثير من الشباب في القاهرة. نسمة عبد العزيز، فنانة شابة، اقتحمت عالم "الماريمبا" الممتع وألحقته بالتخت الشرقي؛ إذ يعود لها الفضل في تطويع الذائقة العربية لاستقبال الإيقاعات الصادرة عن الماريمبا، عبر تطويعها في ألحان مشهورة بمشاركة فرقة "عمر خيرت" أولاً، ثم بصورة منفردة لاحقاً، عبر فرقتها الخاصة.
والماريمبا آلة موسيقية تتألف من مجموعة من القضبان الخشبية أو المعدنية، مرتبة بنفس الطريقة التي ترتب بها مفاتيح البيانو، وينقر عليها بواسطة مطارق، وتُلحَق بالقضبان أنابيب لتضخيم الصوت تسمى بالرنانات. وهي تشبه "الإكسليفون" الذي لا يحوي أنابيب مصوتة. وتنتمي هذه الآلة، وفقاً للموسيقيين، إلى "المنقورات المصمتة"، بينما هي في الواقع، تنتمي إلى "المنقورات الرنانة".
الموقف الشرقي التقليدي من تلك الآلات كان حاداً، إذْ يقولُ المؤرخ الموسيقي، غطاس عبد الملك، إنَّ الآلة أُدخلت إلى بلاد المشرق لتكون ضمن الآلات التي تستخدم في تعليم الناشِئة، بالرغم من أنها غير صالحة على حالتها تلك، لا في تعليم النغم ولا في تعليم الإيقاع، بالقياس إلى تعريف المبادئ والأصول في الموسيقى العربية عند أهل المشرق. وقد انتقد غطاس ما قام به المجمع اللغوي في مصر حين أطلق عليهما اسم "الخشبية" و"المعدنية"؛ إذ كان من الأحرى أن يسمى الخشبي منها بـ "المُدرج الخشبي التوقيعي"، والمعدني بـ "المدرج المعدني التوقيعي"، فضلاً عن أنه ليس من المفيد تعريبهما ضمن الآلات الموسيقية أصلاً، لأنهما يندرجان ضمن آلات التسلية ولعب الأطفال.
تنحدر الماريمبا من آلة "البافالون" الأفريقية، ثم تطورت في أميركا الوسطى على يد الأفارقة في القرن السابع عشر، وقد ذاع استخدامها منذ القرن الثامن عشر في الاحتفالات والمهرجانات الشعبية. وفي عام 1821، تم إعلان الماريمبا الآلة الوطنية الرسمية لدولة جواتيمالا في وثيقة إعلان الاستقلال. وللماريمبا وجود قوي في الولايات المكسيكية الجنوبية، وفي الهندوراس والسلفادور ونيكاراجوا وكوستاريكا، وكذلك في الإكوادور وكولومبيا. فيما لا تزال تستخدم على نطاق واسع في غرب أفريقيا ووسطها. والاستخدامات الحديثة للماريمبا تتضمن الأداء المنفرد، والعزف ضمن فرق النحاسيات والنفخ، وموسيقى الجاز والفرق الموسيقية الكبيرة وفرق الطبول والبوق والأوركستراليات.
تطوير الآلة المستمر واختراع الأشكال الحديثة من المطارق، أتاحت للعازفين آفاقاً جدية للتحكم في درجات الصوت وتنويع النغمات. وفي وقت لاحق، استُبدلت الأنابيب الرنانة بصناديق خشبية توافقية، وتم توسيع لوحة المفاتيح لحوالى خمسة أوكتافات على السلم الموسيقي. كما ظهرت شرائح الصلب والزجاج والخيزران محل القضبان الخشبية. في عام 1892، قام، كورازون دي خيسوس، وهو موسيقي من تشاباس (بالمكسيك)، بتوسيع الماريمبا عن طريق إضافة صف آخر من القضبان الصوتية، أقرب للمفاتيح السوداء في البيانو.
لاحقاً أطلق اسم الماريمبا على آلات الأوركسترا المستوحاة من الموسيقى اللاتينية. وفي الولايات المتحدة، استخدمت الآلة بداية في الموسيقى الخفيفة الراقصة وفي العروض الكوميدية، وكان، كلير أومار موسر، أشهر عازفي الماريمبا في الولايات المتحدة. وفي أوروبا، وضع الملحن الفرنسي، داريوس ميلو، حجر الأساس لدخول الماريمبا في الموسيقى الكلاسيكية الغربية، في كتابه عام 1947 "كونشيرتو للماريمبا والفيبرافون".

المساهمون