إيطاليا تعتمد بيع فرقاطتين لمصر بعد اتصال السيسي وكونتي

09 يونيو 2020
يُتوقع أن تسلم إيطاليا مصر الفرقاطات سريعاً (الأناضول)
+ الخط -

كشف مصدر دبلوماسي مصري عن إتمام اتفاق بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، على شراء فرقاطتين من نوع "فريم" متعددتي المهام بقيمة 1.5 مليار يورو، لتنضما إلى مثيلتهما التي سبق أن اشترتها مصر من فرنسا.

وأضاف المصدر أن الاتفاق تم خلال المباحثات الهاتفية التي جرت بين الطرفين، أمس الأول الأحد، والتي ركزت بشكل أساسي على الأوضاع في ليبيا، كما تطرقت للعلاقات الثنائية بين البلدين.

وكان البيان المصري الرسمي الصادر عن المباحثات قد أشار إلى مناقشات حول "التعاون العسكري"، دون إيضاح مزيد من التفاصيل.

وأوضح المصدر أنه بموجب هذا الاتفاق، أصدرت وزارة الخارجية الإيطالية موافقتها على خطاب الاعتماد الخاص بالصفقة، مما يعني السماح للشركة المصنعة بتصدير الفرقاطتين إلى مصر.

وتتزامن الصفقة مع توتر الأوضاع في ليبيا بين قوات حكومة الوفاق المدعومة سياسيا وميدانيا من تركيا، وقوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر والمجموعات التابعة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمدعومين من مصر والإمارات والسعودية.

وتحمل الفرقاطتان اسمي سكيرجات وبيانكي، ومن المؤكد أن تعيد القوات البحرية المصرية تسميتهما بقرار من السيسي.

وكان "العربي الجديد" قد نشر أمس تقريرا عن طلب مصر تقسيم صفقة التسليح الكبرى التي قد تتجاوز قيمتها 9 مليارات دولار، إلى عدة مراحل لتسهيل صدور خطابات الاعتماد من الخارجية الإيطالية، والتهرب من استمرار ضغط دوائر إيطالية عديدة على حكومة كونتي لتعطيل الصفقة لحين تحقيق تقدم ملموس في كشف الحقيقة والتعاون القضائي حول مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني والذي اختفى في القاهرة في 25 يناير/ كانون الثاني 2016.

وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أنه بناء على مشورة بعض السياسيين في أحزاب ودوائر يمينية، قريبة الصلة بالنظام المصري، وعلى تواصل مستمر مع السفارة المصرية في روما وكذلك مع عدد من رؤساء شركات التسليح التي ستستفيد من الصفقة المصرية، فإن القاهرة طلبت إمكانية تقسيم الصفقة لعدة صفقات صغيرة، على أن تكون الأولوية للفرقاطتين، واحتمالية تأجيل الحصول على طائرات هيليكوبتر ومقاتلات من طراز "يوروفايتر تايفون"، وهو ما حدث بالفعل بعد ساعات.

وستتحمل مصر بشكل مباشر 500 مليون يورو تقريبا من سعر الفرقاطتين، ونجحت في تأمين جزء كبير من المبلغ بقروض من بنوك أوروبية.

ووفقا لأسعار السوق هذا العام، فالفرقاطة فريم التي يتم إنتاجها في فرنسا وإيطاليا، يناهز سعرها حاليا 700 مليون يورو، وستحصل مصر بالإضافة للفرقاطتين في نفس الصفقة على عدد من الأسلحة البحرية وتكنولوجيا المراقبة والتسيير عن بعد.

وسبق أن كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية ومصرية بالقاهرة لـ"العربي الجديد" في 10 و19 فبراير/شباط الماضي، أن مصر أبلغت في الخريف الماضي كلا من روما وباريس برغبتها في "رفع كفاءة قواتها البحرية، وتوسيع الأسطول الخاص بالفرقاطات متعددة المهام، وأن فرنسا أبلغت مصر في حينه بأنها لن تستطيع الوفاء بالطلبات الخاصة بها على نحو سريع، وأن إيطاليا لديها قطع جاهزة من الفرقاطات فريم، يمكنها إمداد مصر بها في ربيع 2020 بحد أقصى".

وأضافت أن الفرنسيين لم يكونوا صادقين في إدعائهم بأن سببا فنيا وراء صعوبة إمداد مصر بالأسلحة والمعدات المطلوبة، بل إن السبب هو "توتر دبلوماسي مكتوم بين البلدين على خلفية عدة ملفات، أبرزها أوضاع حقوق الإنسان، وعدم استجابة السيسي للحديث الذي أدلى به إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة لمصر في يناير/ كانون الثاني 2019" وذلك عندما دخل الاثنان خلال مؤتمر صحافي مشترك في مساجلة علنية حول أولوية حقوق الإنسان من وجهتها السياسية في السياق المصري، وعندها كرر السيسي تمسكه بأن حقوق الإنسان في مصر تختلف عنها في أوروبا وأن الاهتمام يجب أن يقتصر على ما يسميه السيسي "الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، قاصدا بذلك الأجور والمعاشات وصور الضمان الاجتماعي المختلفة والتشغيل والإسكان.

وفي إبريل/نيسان الماضي، وبينما كانت المستشفيات المصرية سواء التابعة لوزارة الصحة أو للجامعات تعاني من نقص واضح في المستلزمات الطبية والواقيات وأدوات الحماية ضد جائحة كورونا، أرسل السيسي شحنتين من المساعدات الطبية لإيطاليا، تحتويان على ما لا يقل عن مليون و250 ألفا على دفعتين، بينما تفتقر المستشفيات الكبرى بمصر لأبسط التجهيزات الوقائية.

وبحسب مصادر مصرية، فإن المساعدات كانت تهدف إلى أمرين رئيسيين؛ الأول هو وقف الضغوط في قضية ريجيني والثاني هو التغلب على الاعتراضات التي ما زالت تعطل بعض التفاصيل في صفقات التسليح.

وكانت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإيطالية، نشر "العربي الجديد" تفاصيلها في يوليو/تموز الماضي، كشفت أن مصر حققت رقماً قياسياً على مستوى مشتريات الأسلحة والذخائر والنظم المعلوماتية الأمنية الإيطالية في العام الماضي، فتخطى الـ69 مليون يورو، وهو أكثر من ضعف أكبر مبلغ دفعته مصر نظير الأسلحة الإيطالية في عام واحد على الإطلاق، برقم يفوق بكثير سعر مشترياتها من الأسلحة والذخيرة في جميع الأعوام من 2013 إلى 2017".

ففي عام 2013 استوردت مصر أسلحة من إيطاليا بمبلغ 17.2 مليون يورو، وفي عام 2014 استوردت بمبلغ 31.8 مليون يورو، وفي عام 2015 بلغ ثمن الواردات 37.6 مليون يورو، ثم انخفضت الواردات بشكل ملحوظ عام 2016 ليبلغ سعرها 7.1 ملايين يورو، وفي 2017 ازدادت بصورة طفيفة إلى 7.4 ملايين يورو، قبل أن تصل إلى مستوى قياسي في عام 2018 بمبلغ 69.1 مليون يورو.


وربطت مصادر دبلوماسية مصرية آنذاك بين هذه الزيادة الهائلة في استيراد الأسلحة من إيطاليا وبين رغبة النظام في إرضاء روما وتقليص احتمالات الصدام معها، على خلفية استمرار الجمود في ما يتعلق بالتعاون المشترك في تحقيقات قضية ريجيني، وكذلك الخلافات السياسية حول ليبيا.