رفض نواب البرلمان الإيراني خلال جلسة اليوم الثلاثاء، منح الثقة لفخر الدين دانش آشتياني، وهو الاسم الذي قدمه الرئيس الإيراني حسن روحاني ليتولى منصب وزير التعليم أخيراً بعد عزل الوزير السابق رضا فرجي دانا في أغسطس/آب الماضي، ليكون بذلك الاسم الرابع الذي تم صدّه منذ تشكيل الحكومة من قبل البرلمان الذي يسيطر المحافظون على معظم مقاعده.
ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية أن 171 نائباً اعترضوا على منح الثقة، فيما وافق 70 نائباً، وامتنع 16 آخرين عن التصويت، ويعود الأمر حسب هؤلاء النواب إلى ارتباط آشتياني بالإصلاحيين وبرموز "الحركة الخضراء"، التي أثارت احتجاجات عام 2009 بعد اعتراض مناصري المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، على فوز الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، بولاية رئاسية ثانية إثر تشكيكهم بنزاهة الانتخابات.
دانش آشتياني حاصل على الدكتوراة في هندسة الزلازل، وتولى مناصب عديدة في وزارة التعليم على مر السنوات الماضية، كما يدرس في جامعات إيرانية عدة. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أكد على كفاءاته وعلى قدراته وخبراته العلمية قائلاً إنّ هذا هو السبب الذي جعله يطرح اسمه لتولي هذا المنصب.
وأضاف روحاني في كلمته التي ألقاها أمام النواب قبل إجراء التصويت إنّ بلاده تمرّ بظروف صعبة تتطلب تعاون الجميع كما تحتاج إلى إدارة جيدة، مشيراً إلى أن وزارة التعليم من أهم الوزارات في البلاد كونها تشرف على ملايين الطلبة الجامعيين.
وأشار روحاني إلى أنّه لم يطرح هذا الاسم تحت أي ضغط من قبل أي حزب أو تيار، مطالباً الكل بعدم تسييس القضية. كما قال إنّه لا فرق بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران، في وقت يجب أن يعمل فيه الكل لمصلحة هذا البلد.
لكنّ تصريحات روحاني لم تكن مقنعة للعديد من النواب، وقال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حسين نقوي إنّ الفتنة واحدة من الخطوط الحمراء في البلاد التي لا يمكن تعديها، إذ وصف ما حدث عام 2009 بالفتنة. وأشار إلى أن كل المرتبطين بها لا يجب أن تمنح لهم أي فرصة للنفوذ داخل مؤسسات البلاد من جديد. وأضاف نقوي حسب وكالة "إيسنا" إن الرئيس روحاني وعد بتشكيل حكومة ائتلاف من المحافظين والإصلاحيين، متسائلاً عن سبب ترشيحه المتكرر لأسماء تنتمي بالمجمل لهذا الطيف.
من جهته، اعتبر النائب علي مطهري وهو أحد الموافقين على منح الثقة لآشتياني، بأنه على النواب إعطاء مبررات حقيقية بعيداً عن كل هذا التسييس. ورأى أنه عليهم تقديم مبرراتهم هذه للإيرانيين أنفسهم في الوقت الذي يصف فيه البعض أشخاصاً خدموا وشاركوا في الثورة الإسلامية قبل أكثر من ثلاثة عقود بمثيري الفتنة.
وكان نواب البرلمان قد رفضوا منح الثقة لمحمود نيلي أحمد أبادي الشهر الماضي أيضاً، كما رفضوا منحها لجعفر ميلي منفرد، الذي طرح اسمه مع بدايات تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة العام الماضي. وتراجع روحاني عن ترشيح اسم جعفر توفيقي لهذا المنصب بعد الحديث عن إمكانية رفضه أيضاً، وكل هذا كان قبل طرح اسم فرجي دانا، الذي تم منحه الثقة، ولكنه عزل بعد تسعة أشهر من توليه لمهامه.
و كل هذه الأسماء ترتبط بالتيار الإصلاحي وباحتجاجات عام 2009، ولكن عزل فرجي دانا أثار بلبلة كبيرة في البلاد، لا تزال تبعاتها تتردد في الداخل الإيراني حتى اليوم. اذ استدعاه النواب للبرلمان ووجهوا إليه أصابع الاتهام لحضه على إثارة الفتن بسبب تعيينه لشخصيات إصلاحية مثيرة للجدل في وزارته وفي الجامعات الإيرانية، كما قالوا.
هذا إضافة إلى توجيه فرجي دانا لاتهام جدي للحلقة المقربة من أحمدي نجاد وذلك لحصولهم على منح دراسية من وزارة التعليم دون استيفاء الشروط المطلوبة، كما قال، فأوقف منحهم، وهو ما رفضه هؤلاء وما أدى لعزله لاحقاً. وكل هذا جعل مسألة وزارة التعليم وتعيين وزيرها معضلة تزداد تعقيدا وتزيد الطين بلة بين الحكومة المعتدلة والبرلمان المحافظ بغالبيته.