بعد أربعة أيام من وقوع حادثة منشأة "نطنز" النووية في إيران، مازالت الشكوك تتزايد حول طبيعتها، وسط رفض مستمر للسلطات الكشف عن سبب وقوعها، رغم إعلانها أنها توصلت إلى ذلك، ليقول المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، مساء اليوم الأحد، إنه "كما أعلنت أمانة سر المجلس الأعلى للأمن القومي، فإن السلطات الأمنية تعلم سبب وقوع الحادث، لكنها لاعتبارات أمنية لا تريد الحديث عنه في الوقت الراهن".
وزاد هذا الموقف من الغموض والإبهام بشأن حادثة الانفجار في "نطنز"، فجر الخميس الماضي، عما إذا كانت واقعة طبيعية أو "عملية تخريبة" أو "قصفاً إسرائيلياً"، وسط تلميحات إسرائيلية بذلك، لكن إضفاء الطابع الأمني على الحادث ورفض الكشف عن السبب رغم التأكيد على الوصول إليه، يرجح فرضية أنه ناجم عن "تدخل خارجي"، بغض النظر عن شكله وطبيعته وحجمه.
وقالت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، الخميس، بعد ساعات من وقوع الحادث، إن "حريقاً" نشب في إحدى الصالات قيد البناء لمنشأة "نطنز" في فضائها المفتوح.
وكشف المتحدث باسم الهيئة، اليوم الأحد، في حوار مع وكالة "إرنا" الرسمية، أن "الحادث لم يخلف خسائر في الأرواح، لكن خسائره المالية لافتة"، مشيراً إلى "اتخاذ قرارات لازمة لإعادة بناء الصالة المنكوبة"، وقال إنه "تقرر بناء صالة أكبر وبمعدات أكثر تطوراً في المجمع النووي".
قالت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، الخميس، بعد ساعات من وقوع الحادث، إن "حريقاً" نشب في إحدى الصالات قيد البناء لمنشأة "نطنز" في فضائها المفتوح
لكنه أكد، في الوقت ذاته، أنه لم يتحدد بعد "إن كان سيتم بناء الصالة في موقعها الحالي أو تنبى في مكان مناسب آخر، مع الأخذ بعين الاعتبار اعتبارات الدفاع المدني".
وعن مواصفات الصالة التي تعرضت للحادث، قال كمالوندي إن "بناءها قد بدأ عام 2013، وبناء على رأي الدكتور صالحي (رئيس هيئة الطاقة الذرية) كان قد تقرر أن يتم تدشينه لتجميع أجهزة الطرد المركزي المتطورة ولإكمال مراحلها الأخيرة"، مضيفاً أنه "في العام 2015 كان يجري استكمال المشروع، لكن لم يتم ذلك كاملاً بسبب الاتفاق النووي".
وأكد أن "هذه الصالة أنشئت لإنتاج المزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وتم افتتاحها في السادس من تموز 2018، بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بناء على تعليمات قائد الثورة لهيئة الطاقة الذرية لإيجاد الأرضيات اللازمة لإنتاج 190 ألف وحدة سو (وحدة قياس تخصيب اليورانيوم) في إطار الاتفاق النووي".
إلا أن المتحدث الإيراني كشف عن أنه بعد افتتاح الموقع "لم يكن يعمل بكل طاقاته، بسبب قيود الاتفاق النووي، لكن مع ذلك كان الهدف إكمال مشروع الصالة، وهو أمر كان مستمراً حتى يوم وقوع الحادث".
وعن الخسائر الفنية بسبب الحادث، قال كمالوندي إن "جزءاً من معدات القياس وأدوات دقيقة أخرى قد تدمر وجزء آخر لحقت به أضرار"، لافتاً إلى أنه "بالنظر إلى نوعية المعدات، حتى لو كان الحادث في أبعاد أصغر، فما كان ممكناً استخدامها مجدداً".
وفيما تعتبر منشأة "نطنز" أكبر وأهم موقع نووي في إيران لتخصيب اليورانيوم، أكد المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية على أن الحادث "لم يؤد إلى أي خلل وتوقف في عمل التخصيب"، إلا أنه كشف أنه "يمكن أن يبطئ عملية تطوير وإنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة، لكننا سنحاول تعويض ذلك بجهود الزملاء في هيئة الطاقة الذرية على مدار الساعة".
كمالوندي: جزء من معدات القياس وأدوات دقيقة أخرى قد تدمر، وجزء آخر لحقت به أضرار، وبالنظر إلى نوعية المعدات، حتى لو كان الحادث في أبعاد أصغر، فما كان ممكناً استخدامها مجدداً
وأشار إلى "ضرورة العمل في مسارين لبناء الصالة المنكوبة، مسار بناء المنشآت ومسار توفر المعدات بموازاة ذلك".
وعلى صعيد متصل، نقل المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية، أبو الفضل عمويي، عن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، خلال اجتماع له مع اللجنة اليوم الأحد، قوله بشأن أسباب وقوع الحادث، أن "سناريوهات مختلفة نوقشت وسيتم الإعلان عن النتائج قريباً".
وقال عمويي لوكالة "إيسنا" إن صالحي أكد لأعضاء لجنة الأمن القومي البرلمانية أن "خبراء مختلف أجهزة الأمن والاستخبارات درسوا مختلف جوانب القضية، وكما أعلن مجلس الأمن القومي فإنه تم تحديد أسباب الحادث، لكن لأسباب أمنية لم تعلن عن نتائج التحقيقات".
وكان المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، قد كشف، الجمعة، توصل السلطات الإيرانية إلى سبب وقوع الحادث في منشأة "نطنز"، من دون الإعلان عن ذلك.
وقال خسروي إن السلطات الإيرانية ناقشت "فرضيات مختلفة حول سبب وقوع الحادث مع تحليل دقيق للآثار وطريقة ومستوى الضرر، وتم التوصل إلى السبب"، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أنه "لاعتبارات أمنية ستعلن عن سبب وطريقة وقوع هذه الحادثة في الوقت المناسب".