إيران تهدّد بالتدخّل في العراق.. وعينها على تركيا

07 أكتوبر 2014
إيران قلقة من السعي لإطاحة الأسد (آدم التن/فرانس برس)
+ الخط -

لم تخف إيران قلقها من المستجدات المتسارعة في المنطقة، والتي باتت تشكل تهديداً كبيراً على جميع الأطراف والقوى المؤثرة في المنطقة والعالم، وباتت البلاد تستشعر الخطر المحدق من حولها، ولا سيما ذلك الناتج عن تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، من جهة العراق.

ولاقى هذا القلق ترجمته في كلام المستشار القانوني والبرلماني لوزير الدفاع الإيراني الجنرال، رضا طلايي، الذي قال أخيراً، إنّ بلاده ستردّ بشكل قاطع في حال تجاوز خطوطها الحمراء، وسيكون هذا في حالتين، الأولى تجاوز الحدود الإيرانيّة، والثانية تهديد العتبات المقدسة، وهو ما سيسمح بتدخل إيراني قاطع في العراق بالذات، وربما في سورية، ضدّ تنظيم "داعش".

وتعكس تصريحات طلايي لقناة "العالم" الإيرانية، قبل يومين، استعداد القوات المسلّحة الإيرانية للوقوف في وجه أي خطر أو تهديد، سواء ذلك القادم من المجموعات الإرهابية، أو من الدول التي تتدخل في المنطقة، أو من "الكيان الصهيوني". وليست هذه التصريحات الإيرانية عن تدخل علني، أكان في العراق أم سورية، جديدة من نوعها، إذ سبق للرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن شدّد على أنّ تهديد الأماكن المقدسة والمزارات، في العراق خصوصاً، سيستدعي تدخلاً إيرانيّاً لحمايتها من الهجمات الإرهابيّة المتطرّفة.

وفي السياق ذاته، لم ينكر قائد القوات المسلحة الجنرال، حسن فيروز أبادي، قبل أسبوعين تقريباً، أن إيران تُقدّم مساعداتها واستشاراتها العسكرية وترسل مستشارين الى العراق وسورية لمساعدة حكومتي البلدين على مواجهة الإرهاب، فيما يعتبر نائبه اللواء، محمد باقري، أنّ ما قدمته إيران حتى الآن كافٍ، ولكن في حال تجاوز الخطوط الحمر ستتدخل بشكل أوسع.

وتوالت تصريحات شبيهة في الآونة الأخيرة، من المسؤولين والعسكريين الإيرانيين، ولا سيما أولئك المنتمون الى مؤسسة الحرس الثوري، ومنهم القائد السابق للحرس، محسن رضائي، الذي شكر علناً قاسم سليماني، وهو الرجل الذي يدير هذه العمليات على الأرض في سورية والعراق، معتبراً أنّ الأخير كان السبب في منع دخول عناصر "داعش" أربيل، وفق تصريحات نشرها موقع "تسنيم" الإخباري، المقرّب من مؤسّسة الحرس.

صدور هذه التصريحات الإيرانية، في وقت سابق، وبحسب مراقبين، يجعل الربط صعباً بينها وبين قرار البرلمان التركي بالموافقة على طلب الحكومة السماح بتدخل الجيش ضد "داعش" في حال لزم الأمر. وكانت طهران رفضت القرار التركي بشكل فوري، ولها أسبابها المعلنة وغير المعلنة، إذ استنكر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في اتصال هاتفي بنظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، قراراً من هذا النوع، مبرراً ذلك بقلقه من جرّ المنطقة إلى أوضاع أكثر تعقيداً.

ولا تتعلّق الهواجس الإيرانيّة فقط بتدخل عسكري من الولايات المتحدة الأميركية على رأس تحالف دولي في المنطقة، وإنما تتعلق بتخوّف من تهديد للحليف الاستراتيجي لإيران والمتمثل في نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما تحدث عنه المسؤولون الإيرانيون علناً.

ومن شأن شروع تركيا رسميّاً في عملياتها العسكرية ضد "داعش"، أن يعطي مشروعية أكبر لهذا التحالف، كون تركيا لاعباً إقليميّاً فاعلاً يمكنها أن تلعب دوراً أكبر في المستقبل، وانطلاقاً من اتهام طهران شركاء الولايات المتحدة في التحالف، في وقت سابق، بأنهم أتباع واشنطن في المنطقة. ومن هنا يأتي التخوف الإيراني الأكبر، والمتعلق بتعاظم الدور التركي في المنطقة، بوصف تركيا المنافس الأول لإيران، ما يعني تأثر ميزان القوة إقليميّاً لمصلحة أنقرة.

النقطة الثانية التي تتعلق بالهاجس الإيراني من تركيا على وجه الخصوص، تتعلّق بإصرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكثر من غيره، على ضرورة إطاحة الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما سبّب خلافاً سابقاً بين طهران وأنقرة. ويعني تعاظم الدور التركي، في هذا الصدد، التركيز على القضاء على الأسد تزامناً مع التخلص من إرهاب "داعش".

ولا يمكن التغاضي، حسب محللين، عن أن تركيا هي عضو في حلف شمال الأطلسي، ما يعني أنّ أيّ خطر يتهدّدها، قد يحرّك قواعد الحلف العسكرية القريبة، وهو ما سيزيد الخطر على النظام السوري.

في النهاية، تعني التطورات الإقليميّة صراعاً بين القوى الإقليمية من جديد، وعلى رأسها طهران وأنقرة. وقد لا تكون تحركات إيران وتصعيد تصريحاتها، رداً على تركيا بقدر ما تعكس نيّتها التحرّك، فور تعرّض أمنها القومي للخطر، بغضّ النظر عن التبعات، وهو ما سيعيدها إلى لعبة توازن القوى في الوقت ذاته، في موازاة محاولتها قدر الإمكان عدم الاشتباك مع تركيا.

أخيراً، لا يلغي التنافس الإيراني التركي العلاقة الاستراتيجية بين أكبر شريكين في المنطقة، فالشراكة الاقتصادية والتجارية، هي ما شفعت لهما من قبل، ومنعتهما من الوصول الى حافة الانهيار، وعلى الرغم من أنّ تطوّر الأوضاع سيؤدي الى تأزم الأمور بينهما، ليعود الخلاف السياسي إلى الواجهة، لكنّه لن يلغي الشراكة على صعد أخرى بين هاتين القوتين.