شكلت الآلية المالية الأوروبية "إنستكس" التي أنشأتها الترويكا الأوروبية في الآونة الأخيرة لمواصلة العمل التجاري مع إيران، محور نقاشات اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا، والذي انطلق مساء اليوم الأربعاء في العاصمة النمساوية فيينا بحضور المديرين السياسيين ومساعدي وزراء خارجية إيران ودول مجموعة 4+1، إضافة إلى مساعدة مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي هيلغا شميت.
وذكرت وكالة "إيسنا" الطلابية الإيرانية أن اجتماع اليوم في فيينا جاء بعد مباحثات مكثفة جرت بين خبراء إيران وبقية الأطراف منذ الإثنين، ناقشوا فيها تداعيات انسحاب واشنطن من خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة بالاتفاق النووي، وإعادتها فرض العقوبات على طهران، وكذلك آليات تنفيذ بقية شركاء الاتفاق التزاماتهم الواردة في الاتفاق.
ومنذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/ أيار من عام 2018، وعودة العقوبات الأميركية على مرحلتين في أغسطس/ آب ونوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، تطالب إيران الشركاء الأوروبيين للاتفاق بأن تعوض عن خسائر لحقت باقتصادها بعد هذا الانسحاب من خلال تنفيذ التزاماتهم، وتمكينها من مواصلة التجارة مع العالم الخارجي.
واشتكت طهران خلال الشهور العشرة الماضية من التأخير الأوروبي في تنفيذ تعهداته ووعوده للحفاظ على الاتفاق النووي، وسط تهديدات بين فينة وأخرى بالانسحاب منه إن لم تترجم أوروبا أقوالها في هذا الصدد إلى إجراءات وأعمال تساعد الحكومة الإيرانية في الالتفاف على العقوبات الأميركية.
وفي تصريحات له، بعد الاجتماع، قال مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، عباس عراقجي الذي وصل إلى فيينا صباح الثلاثاء، إن الأطراف الأوروبية قدّمت توضيحات تفصيلية عن القناة المالية "إنستكس" وآليات الدفع والاستلام عبرها، وكذلك طريقة التعاون بينها وبين هيئة إيرانية، أعلن البنك المركزي الإيراني نهاية فبراير/ شباط أنه يعمل على تأسيسها.
وليست واضحة بعد طبيعة عمل هذه القناة وموعد انطلاق عملها، كما أن البيان الصادر عن اجتماع فيينا اليوم، والذي تناول موضوع إنستكس في بنده الثامن، لم يشر إلى ذلك لا من بعيد ولا من قريب، بحسب عراقجي الذي اكتفى بالقول إن "الاتحاد الأوروبي يواصل دعمه لتفعيل الآلية المالية في أسرع وقت"، من دون أن يحدد موعدا لذلك.
مع ذلك، أعرب عراقجي عن أمله أن تدخل القناة الأوروبية حيز التنفيذ قبل نهاية العام الإيراني الحالي في 21 مارس/ آذار، أي بعد أسبوعين.
وأضاف عراقجي أن الهيئة الإيرانية ستؤسس قريبا للعمل مع إنستكس، قائلا إن مدير القناة الأوروبية، بير فيشر، "سيزور طهران قريبا جدا لإجراء مباحثات مع نظرائه الإيرانيين".
وفيما أكد المسؤول الإيراني على أهمية القناة الأوروبية، لكنه في الوقت نفسه لمّح إلى أنها غير كافية لتمكين إيران من مواصلة التجارة مع العالم، بالقول إنها "تمثل إحدى التزامات أوروبا وليس كلها بموجب الاتفاق النووي، والتعاون الاقتصادي مع طهران له أبعاد مختلفة، اتفق عليها وزراء خارجية إيران وشركاء الاتفاق النووي في بروكسل"، وذلك في إشارة إلى لقاء جرى بينهم في العاصمة البلجيكية بروكسل في يوليو/ تموز من عام 2018.
إلى ذلك، لفت عراقجي إلى أن بلاده ستبحث جميع الطرق الممكنة لمواجهة العقوبات الأميركية، "ولا تعتمد بالضرورة على أوروبا والاتفاق النووي"، ما يؤكد أن طهران ليست متفائلة بشأن نتيجة مباحثاتها مع الأوروبيين ووعودهم بالحفاظ على الاتفاق، والتي لم تنفذ بعد.
وفي السياق ذاته، كان لافتا نشر موقع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، الإثنين الماضي، تصريحات سابقة له لم تنشر من قبل، أدلى بها خلال اجتماع مع أعضاء الحكومة الإيرانية في يونيو/ حزيران 2018، قال فيها "إن ربط المشاكل الاقتصادية لإيران بأشياء خارج إرادة البلاد، كالاتفاق النووي والحزمة الأوروبية (للحفاظ على الاتفاق)، يتعارض مع مصالح البلاد"، مناشدا الحكومة "لا تنتظروا أوروبا".
وأكد خامنئي "يجب عدم تعويد الناس على الحزمة المقترحة من جانب الاتحاد الأوروبي إلى إيران"، مخاطبا الحكومة الإيرانية "تابعوا العمل بجدية في إطار قدرات البلد، لا تنتظروا هذا وذاك."
وأضاف "اعتمدنا ذات يوم على الاتفاق النووي لحل مشاكل البلاد الاقتصادية، لكنه لم ينجح في حلها ولم يقدم لنا مساعدة كبيرة. فكانت النتيجة تعوّد الناس على الاتفاق النووي، إذ حينما قال فلان (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) إنه يريد الخروج من الاتفاق النووي، أصيبت الأسواق بالاضطراب".