وهاجم رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي، وقال، خلال جلسة عقدها البرلمان، اليوم الأربعاء، إنّه "ليس لدى ترامب القدرة الذهنية اللازمة لحل المسائل"، واصفاً خطابه، أمس الثلاثاء، بـ"السخيف"، وواصما شخصيته بـ"الازدواجية التي تطلق مواقف متباينة وتتراجع عنها، وتظن أنّ الآخرين ينسونها، من قبيل تلك التصريحات حول سورية أو كوريا الشمالية".
وأضاف لاريجاني أنّ "تصرفات ترامب التي تدعم الخطوات الاستفزازية لبعض أطراف المنطقة، لا تبعث على الفخر، بل هو يصادر كل ما فعلته الحكومة الأميركية السابقة".
وأعلن ترامب، أمس الثلاثاء، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وقال، في كلمة من البيت الأبيض، إنّه سيوقع قرارا باستئناف العقوبات على طهران.
ورفض رئيس البرلمان الإيراني، اتهامات ترامب بشأن وجود نشاط نووي عسكري في إيران، متوجهاً إليه بالقول "هل تهدّد إيران العالم بهذه الادعاءات؟ أم أنّ العالم أصبح في خطر بسبب سياساتك؟".
واعتبر لاريجاني أنّ "رفض القرار من قبل أطراف كثيرة، يدل على حجم عقلانية ترامب"، داعياً هيئة الطاقة الذرية الإيرانية "لتجهيز نفسها أمام استئناف النشاط النووي" في بلاده.
كما أكد أنّ "موقف الرئيس الإيراني حسن روحاني، بشأن البقاء في الاتفاق مؤقتاً حتى فتح حوار مكثّف مع الأوروبيين بما يضمن المصالح، يثبت أنّ طهران غير متهورة".
وفيما أبدى عدم ثقته بالغرب، أعرب لاريجاني في الوقت عينه، عن "دعم المحاولة الأوروبية حتى النهاية، لاختبار حسن نية الاتحاد الأوروبي".
وكلّف لاريجاني، لجنة الأمن القومي في البرلمان، بمتابعة الجولة التي سيقوم بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والتواصل مع وزارته، لاتخاذ القرار النهائي، بشأن البقاء أو الانسحاب من الاتفاق بناء عليها.
وكان جواد ظريف أكد، أمس الثلاثاء، أنّه سيبدأ بالتفاوض مع الأطراف الأخرى في الاتفاق، خلال جولة ديبلوماسية يقوم بها في الفترة المقبلة، قبيل أن تعلن إيران عن قرارها.
وفي 14 يوليو/تموز 2015، أبرمت إيران ومجموعة "5+1" (الصين وروسيا وأميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا إضافة لألمانيا)، الاتفاق النووي، الذي يلزم طهران بتقليص قدرات برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
وقبيل جلسة البرلمان، اليوم الأربعاء، تجمّع عدد من الطلاب الجامعيين، المحسوبين على مكتب قوات التعبئة المعروفة بـ"الباسيج"، في ساحة آزادي" غربي العاصمة طهران، وأحرقوا نص الاتفاق النووي اعتراضاً على قرار ترامب.
وطالب هؤلاء الحكومة الإيرانية بالتعامل بالمثل والخروج من الاتفاق، وعدم الثقة مجدداً بالأطراف الأوروبية، داعين لوقف التطبيع مع الغرب.
وأحرق المحتجون العلم الأميركي، مرددين شعار "الموت لأميركا"، وهو ما فعله أيضاً نواب في البرلمان، أحرقوا كذلك، خلال الجلسة، نص الاتفاق، معتبرين أنّه فقد شرعيته بعد انسحاب ترامب.
من جهته، قال علاء الدين برجوردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني، إنّ "لدى البرلمان الجهوزية للتصويت على موازنة لدعم البرنامج الصاروخي لطهران"، مشدداً على أنّ إيران "لا تساوم على هذا الملف".
واعتبر، في تصريحات، أنّ انسحاب ترامب من الاتفاق "أثبت للجميع أنّ أميركا ليست أهلاً للثقة"، متعهداً بأنّ "إيران ستصبح أقوى من السابق".
وأشاد برجوردي بردود فعل الأطراف الثانية في الاتفاق، التي أكدت التزامها بالتعهدات، داعياً، في الوقت عينه، المعنيين في إيران إلى اتخاذ القرار وفقاً للمصالح القومية، "فالتجربة أثبتت أنّ الدول الأوروبية لم تبدِ أي قدرة على الصمود بوجه الضغط الأميركي، وأمامها الآن اختبار صعب"، بحسب قوله.
موقف العسكر
أما عسكرياً، فبدت ردود الفعل الإيرانية صارمة للغاية، إذ قال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، في تصريحات، "أبارك خروج أميركا من الاتفاق الذي لم تكن له أهمية، حتى قبل انسحابها".
وأضاف أنّ "الانسحاب أثبت أنّ التخصيب كان حجة، وأنّ المشكلة تتعلّق بالخشية من قوة إيران الصاروخية، ودورها الإقليمي في المنطقة"، معتبراً أنّ "مستقبل الاتفاق واضح فأوروبا لا تستطيع اتخاذ قرارها بعيداً عن أميركا"، بحسب قوله.
من جهته، قال رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، إنّ "الاتفاق لم يكن مطلب الإيرانيين بالأساس، لكن طهران قبلته لإتمام الحجة".
ورأى باقري، في تصريحات نقلتها وكالة "فارس"، أنّ "الخزانة الأميركية تريد منع المال عن طهران، كما يعمل الشاب غير الناضج ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على ضربها، لكنهم لن يجرؤوا على ذلك"، بحسب وصفه.
وطالب باقري، بلاده بالاعتماد على قدرات الداخل، معتبراً أنّ "ما حدث يؤكد أهمية الاتكاء على الذات، لا على الاتفاق النووي وما يشابهه".
من ناحيته، رأى قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، أنّ "أكبر خسارة ناتجة عن الاتفاق، كانت تتعلّق بمنح المشروعية للتفاوض مع أميركا"، موجهاً انتقادات مبطنة للحكومة المعتدلة التي تبنّت خطاباً ديبلوماسياً.
وأعرب موسوي عن سعادته لانسحاب واشنطن من الاتفاق، ورأى أنّ "التصاق السعودية بأميركا والصهاينة يحمل عبراً ومواعظ كثيرة".
وفي المواقف أيضاً، كشف حسام الدين آشنا مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، أنّ الحكومة وضعت 12 سيناريو للتعامل مع قرار انسحاب ترامب.
وقال آشنا، في تصريحات، إنّ "إيران ليست متهورة في قرارها، وإذا ما ضمن الأوروبيون مصالحها في الاتفاق فسيستطيعون حصد المكاسب التي يتطلعون إليها، وإذا لم يتحقق هذا الشرط فلا يجب أن ينتظروا من طهران أي شيء آخر".