منذ أن فرضت الإدارة الأميركية ورئيسها الجديد، دونالد ترامب، عقوباتها الأخيرة على إيران، يُبدي المسؤولون في طهران تحفّظهم على الأمر، معتبرين أن فيه انتهاكا للاتفاق النووي، الذي توصلت إليه البلاد مع السداسية الدولية في يوليو/تموز 2015، وهو الاتفاق الذي ألغى العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على البلاد في سنوات سابقة.
وحسب مسؤولين ومحللي اقتصاد في إيران، فإن الإجراءات الأميركية التي أصدرها ترامب تتناقض مع روح الاتفاق النووي، الذي من المفترض أن يعلق فرض أي حظر جديد، وبسبب الاتفاق الذي ترى طهران أنه ليس ثنائيا، لكن يتعلق بأطراف أخرى تريد استمراره، تقلّل البلاد من شأن هذه العقوبات الجديدة، ولا ترى أنها ستحمل تبعات اقتصادية كبرى.
وحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إسنا)، فإن إيران استطاعت خلال 4 أشهر رفع إنتاجها إلى نحو 4 ملايين برميل يومياً، وزادت صادراتها النفطية البالغة نحو مليون برميل في اليوم، خلال سنوات الحظر.
وفي هذا السياق، رأى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، على أمامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تبعات هذه العقوبات لن تكون ملموسة في المستقبل القريب، فإذا ما تمت مقارنتها بالعقوبات الشاملة الأوروبية والأميركية السابقة، فهذه الجديدة لا تستهدف النفط أو الأموال الإيرانية، ولكنها قد تسبب نوعا من القلق لدى الآخرين الراغبين في تطوير علاقاتهم مع البلاد.
وفيما يتعلق بالشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار في القطاع النفطي الإيراني، أكد إمامي أن عمر عقوبات الولايات المتحدة وصل إلى 38 عاما، وبالتالي لن يكون الثمن باهظا للنفط، في ظل وجود شركات من إيطاليا وفرنسا وألمانيا، إلا إذا قررت الولايات المتحدة التصعيد واستهداف الشركات الأوروبية.
واستهدفت العقوبات الأميركية 13 شخصا من إيران وبلدان أخرى، واعتبرت واشنطن أن هؤلاء يساعدون طهران في تمويل ما وصفته بالإرهاب، أو أنهم على ارتباط بالحرس الثوري الإيراني. فضلا عن ذلك، شمل الحظر 12 شركة وكيانا، منها شركات إيرانية وصينية ولبنانية وبوسنية، وهي التي تزود طهران بمعدات قد تستخدم لأغراض مزدوجة، وهو ما يساعد على تطوير المنظومة الصاروخية الإيرانية، حسب الولايات المتحدة.
وكانت إيران تعتمد على الدول الآسيوية خلال سنوات العقوبات المشددة، لكنها بعد إلغاء العقوبات وتطبيق الاتفاق عمليا، مطلع العام الماضي، استطاعت أن تجلب زبائن جددا، وباتت 15 شركة أوروبية تشتري ما يزيد عن 700 ألف برميل يوميا من إيران، وأهمها توتال الفرنسية، ساراس الإيطالية، هلنيك بتروليوم اليونانية، سبساي الإسبانية، فضلا عن توقيع صفقات حديثة مع شركتي لوك أويل الروسية، وتابراش التركية، وكلها عقود طويلة الأمد.
اقــرأ أيضاً
ورغم هذه الطمأنينة، إلا أن البعض متخوف مما سيحمله المستقبل للقطاع النفطي الإيراني، فالعقوبات الأميركية الجديدة، كفيلة بإبعاد شركات هذا البلد عن حقول إيران، والتي رحبت بدورها، في وقت سابق، بتوقيع عقود مع شركات أميركية للاستثمار في النفط، كما يوجد تخوف من عدم قدرة طهران على الحصول على المزيد من الصفقات مع الأطراف الأوروبية، في وقت لاحق، إلا أن المعنيين يراهنون على العقود الحالية، وعلى العلاقة الجيدة نسبيا مع دول الاتحاد الأوروبي.
ونقلت "إسنا" عن المدير العام لشركة النفط الوطنية، علي كاردر، قوله إن "العقوبات الأميركية الجديدة لن تؤثر على سوق النفط وعلى قرارات الدول الأخرى المعنية بالتعاون مع إيران"، معتبرا أن القلق الحقيقي لا يتعلق بالنفط بقدر ارتباطه بالتعاملات المصرفية مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يتأثر أكثر بالعقوبات، وما قد يؤدي إلى تعطيل العديد من الصفقات المرتقبة.
من ناحيتها، اعتبرت رئيسة تحرير قسم الاقتصاد في وكالة مهر الإيرانية، فرشته ربيعي، أن هذه العقوبات لن تؤثر بشكل جذري على قطاعات الاقتصاد الإيراني، ولاسيما أن البلاد خرجت منذ فترة من حظر مشدّد ألغي بموجب الاتفاق، معتبرة أن هذه العقوبات تمثل استمرارا للسياسات الأميركية التي لا تتغير إزاء إيران حتى بتغير رئيس هذا البلد.
وأضافت ربيعي، في حديثها لـ "العربي الجديد"، أن "التبعات لن تكون شديدة، ولكن بكل الأحوال من الضروري أن يتنبه المعنيون لأهمية تقليص الاعتماد على الخارج، وتطوير الصناعات المحلية، وتحسين السياسات المصرفية، بما يقلل من الاعتماد على الدولار، كعملة للتبادلات مع الدول الأخرى".
كما ذكرت أن الموقف الإيراني الآن أكثر قوة، ولاسيما أن البلاد ملتزمة بتطبيق الاتفاق النووي، مشيرة إلى اهتمام الأطراف الأوروبية باقتصاد البلاد، وهو ما يعني أنها تعول على هذا الأمر.
ونجحت إيران في توقيع اتفاق مع شركة بوينغ الأميركية لشراء طائرات مدنية، على غرار تلك الموقعة مع إيرباص الفرنسية، ولم تطبق تلك الأولى حتى اللحظة. ويرى المعنيون في الداخل أن صفقة بوينغ ستكون مهدّدة بعد فرض هذه العقوبات، ولاسيما أنها ما زالت تنتظر ترخيص الخزانة الأميركية لإعطاء الضوء الأخضر لتسليم الطائرات.
وبدأ مسلسل العقوبات الأميركية مع الثورة الإسلامية عام 1979، ففرضت واشنطن الحظر الأول عقب اقتحام سفارتها في طهران، فمنعت دخول الصادرات الإيرانية الكبرى للأراضي الأميركية، وجمّدت أصول البلاد فيها، وتتالت القرارات المشابهة في أعوام لاحقة، ومنها ما استهدف المصارف والشركات النفطية والبتروكيماوية وغيرها.
كما صوتت على قانون العقوبات المعروف باسم داماتو، نسبة للسيناتور الجمهوري الفونس داماتو، والذي اقترحه قبل عشرين عاما ووقعه الرئيس السابق بيل كلينتون، وهو الذي يفرض عقوبات على الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة الإيرانية، وكانت تفتح باب التجارة مع هذا البلد بمعدلات تفوق 40 مليار دولار، وتم التصويت على تمديده مرة عام 2006، وعاد مجلس النواب الأميركي وصكه في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، ووافق عليه مجلس الشيوخ ولم يستخدم الرئيس السابق، باراك أوباما، حق النقض لإيقاف تمديده مجدّدا.
ودفعت ذاكرة العقوبات مع فرض العقوبات الجديدة، طهران، إلى الاهتمام بما سيحمله المستقبل. وفي هذا الشأن، رأى المحلل الاقتصادي شريف خسروي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة تمسك بجزء كبير من الاقتصاد العالمي، كما أن علاقاتها مع الدول الكبيرة واسعة، وكثيرون لن يراهنوا على هذه العلاقات، ما يبعث على القلق، حيث يمكن أن تتخوف بعض الأطراف من تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إيران تحسبا من القادم من جهة أميركا.
وأعلن رسمياً، يوم السبت الماضي، أن صادرات الأرز الهندي لإيران قد توقفت، لتمثل- حسب المحللين- أول نتيجة عملية وواقعية لفرض العقوبات الجديدة، فطهران تحصل على هذا الأرز مقابل عائدات بالدولار، وتحاول في الوقت الحالي استبدال هذه العملة في تبادلاتها باليورو.
وقال خسروي إن "المشكلة مع الهند ليست حديثة، فطالما واجه البلدان صعوبة في دفع المستحقات بالدولار، ويحاولان الآن إيجاد صيغة تفاهم تتعلق بهذا الموضوع، وهو ما أوقف الصادرات في الوقت الراهن".
ورأى أن ما يجري يعني أنه على طهران أن تبدأ بالبحث عن بدائل، فمن الممكن أن ترتفع أسعار بعض السلع، من قبيل الأرز المستورد، لكن على الحكومة أن تدعم رؤوس الأموال المحلية، بما يرفع مستوى الإنتاج والاستثمار، وهو ما قد يحصن الاقتصاد قليلا أمام ما سيحمله المستقبل.
اقــرأ أيضاً
وحسب مسؤولين ومحللي اقتصاد في إيران، فإن الإجراءات الأميركية التي أصدرها ترامب تتناقض مع روح الاتفاق النووي، الذي من المفترض أن يعلق فرض أي حظر جديد، وبسبب الاتفاق الذي ترى طهران أنه ليس ثنائيا، لكن يتعلق بأطراف أخرى تريد استمراره، تقلّل البلاد من شأن هذه العقوبات الجديدة، ولا ترى أنها ستحمل تبعات اقتصادية كبرى.
وحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إسنا)، فإن إيران استطاعت خلال 4 أشهر رفع إنتاجها إلى نحو 4 ملايين برميل يومياً، وزادت صادراتها النفطية البالغة نحو مليون برميل في اليوم، خلال سنوات الحظر.
وفي هذا السياق، رأى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، على أمامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تبعات هذه العقوبات لن تكون ملموسة في المستقبل القريب، فإذا ما تمت مقارنتها بالعقوبات الشاملة الأوروبية والأميركية السابقة، فهذه الجديدة لا تستهدف النفط أو الأموال الإيرانية، ولكنها قد تسبب نوعا من القلق لدى الآخرين الراغبين في تطوير علاقاتهم مع البلاد.
وفيما يتعلق بالشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار في القطاع النفطي الإيراني، أكد إمامي أن عمر عقوبات الولايات المتحدة وصل إلى 38 عاما، وبالتالي لن يكون الثمن باهظا للنفط، في ظل وجود شركات من إيطاليا وفرنسا وألمانيا، إلا إذا قررت الولايات المتحدة التصعيد واستهداف الشركات الأوروبية.
واستهدفت العقوبات الأميركية 13 شخصا من إيران وبلدان أخرى، واعتبرت واشنطن أن هؤلاء يساعدون طهران في تمويل ما وصفته بالإرهاب، أو أنهم على ارتباط بالحرس الثوري الإيراني. فضلا عن ذلك، شمل الحظر 12 شركة وكيانا، منها شركات إيرانية وصينية ولبنانية وبوسنية، وهي التي تزود طهران بمعدات قد تستخدم لأغراض مزدوجة، وهو ما يساعد على تطوير المنظومة الصاروخية الإيرانية، حسب الولايات المتحدة.
وكانت إيران تعتمد على الدول الآسيوية خلال سنوات العقوبات المشددة، لكنها بعد إلغاء العقوبات وتطبيق الاتفاق عمليا، مطلع العام الماضي، استطاعت أن تجلب زبائن جددا، وباتت 15 شركة أوروبية تشتري ما يزيد عن 700 ألف برميل يوميا من إيران، وأهمها توتال الفرنسية، ساراس الإيطالية، هلنيك بتروليوم اليونانية، سبساي الإسبانية، فضلا عن توقيع صفقات حديثة مع شركتي لوك أويل الروسية، وتابراش التركية، وكلها عقود طويلة الأمد.
ورغم هذه الطمأنينة، إلا أن البعض متخوف مما سيحمله المستقبل للقطاع النفطي الإيراني، فالعقوبات الأميركية الجديدة، كفيلة بإبعاد شركات هذا البلد عن حقول إيران، والتي رحبت بدورها، في وقت سابق، بتوقيع عقود مع شركات أميركية للاستثمار في النفط، كما يوجد تخوف من عدم قدرة طهران على الحصول على المزيد من الصفقات مع الأطراف الأوروبية، في وقت لاحق، إلا أن المعنيين يراهنون على العقود الحالية، وعلى العلاقة الجيدة نسبيا مع دول الاتحاد الأوروبي.
ونقلت "إسنا" عن المدير العام لشركة النفط الوطنية، علي كاردر، قوله إن "العقوبات الأميركية الجديدة لن تؤثر على سوق النفط وعلى قرارات الدول الأخرى المعنية بالتعاون مع إيران"، معتبرا أن القلق الحقيقي لا يتعلق بالنفط بقدر ارتباطه بالتعاملات المصرفية مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يتأثر أكثر بالعقوبات، وما قد يؤدي إلى تعطيل العديد من الصفقات المرتقبة.
من ناحيتها، اعتبرت رئيسة تحرير قسم الاقتصاد في وكالة مهر الإيرانية، فرشته ربيعي، أن هذه العقوبات لن تؤثر بشكل جذري على قطاعات الاقتصاد الإيراني، ولاسيما أن البلاد خرجت منذ فترة من حظر مشدّد ألغي بموجب الاتفاق، معتبرة أن هذه العقوبات تمثل استمرارا للسياسات الأميركية التي لا تتغير إزاء إيران حتى بتغير رئيس هذا البلد.
وأضافت ربيعي، في حديثها لـ "العربي الجديد"، أن "التبعات لن تكون شديدة، ولكن بكل الأحوال من الضروري أن يتنبه المعنيون لأهمية تقليص الاعتماد على الخارج، وتطوير الصناعات المحلية، وتحسين السياسات المصرفية، بما يقلل من الاعتماد على الدولار، كعملة للتبادلات مع الدول الأخرى".
كما ذكرت أن الموقف الإيراني الآن أكثر قوة، ولاسيما أن البلاد ملتزمة بتطبيق الاتفاق النووي، مشيرة إلى اهتمام الأطراف الأوروبية باقتصاد البلاد، وهو ما يعني أنها تعول على هذا الأمر.
ونجحت إيران في توقيع اتفاق مع شركة بوينغ الأميركية لشراء طائرات مدنية، على غرار تلك الموقعة مع إيرباص الفرنسية، ولم تطبق تلك الأولى حتى اللحظة. ويرى المعنيون في الداخل أن صفقة بوينغ ستكون مهدّدة بعد فرض هذه العقوبات، ولاسيما أنها ما زالت تنتظر ترخيص الخزانة الأميركية لإعطاء الضوء الأخضر لتسليم الطائرات.
وبدأ مسلسل العقوبات الأميركية مع الثورة الإسلامية عام 1979، ففرضت واشنطن الحظر الأول عقب اقتحام سفارتها في طهران، فمنعت دخول الصادرات الإيرانية الكبرى للأراضي الأميركية، وجمّدت أصول البلاد فيها، وتتالت القرارات المشابهة في أعوام لاحقة، ومنها ما استهدف المصارف والشركات النفطية والبتروكيماوية وغيرها.
كما صوتت على قانون العقوبات المعروف باسم داماتو، نسبة للسيناتور الجمهوري الفونس داماتو، والذي اقترحه قبل عشرين عاما ووقعه الرئيس السابق بيل كلينتون، وهو الذي يفرض عقوبات على الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة الإيرانية، وكانت تفتح باب التجارة مع هذا البلد بمعدلات تفوق 40 مليار دولار، وتم التصويت على تمديده مرة عام 2006، وعاد مجلس النواب الأميركي وصكه في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، ووافق عليه مجلس الشيوخ ولم يستخدم الرئيس السابق، باراك أوباما، حق النقض لإيقاف تمديده مجدّدا.
ودفعت ذاكرة العقوبات مع فرض العقوبات الجديدة، طهران، إلى الاهتمام بما سيحمله المستقبل. وفي هذا الشأن، رأى المحلل الاقتصادي شريف خسروي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة تمسك بجزء كبير من الاقتصاد العالمي، كما أن علاقاتها مع الدول الكبيرة واسعة، وكثيرون لن يراهنوا على هذه العلاقات، ما يبعث على القلق، حيث يمكن أن تتخوف بعض الأطراف من تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إيران تحسبا من القادم من جهة أميركا.
وأعلن رسمياً، يوم السبت الماضي، أن صادرات الأرز الهندي لإيران قد توقفت، لتمثل- حسب المحللين- أول نتيجة عملية وواقعية لفرض العقوبات الجديدة، فطهران تحصل على هذا الأرز مقابل عائدات بالدولار، وتحاول في الوقت الحالي استبدال هذه العملة في تبادلاتها باليورو.
وقال خسروي إن "المشكلة مع الهند ليست حديثة، فطالما واجه البلدان صعوبة في دفع المستحقات بالدولار، ويحاولان الآن إيجاد صيغة تفاهم تتعلق بهذا الموضوع، وهو ما أوقف الصادرات في الوقت الراهن".
ورأى أن ما يجري يعني أنه على طهران أن تبدأ بالبحث عن بدائل، فمن الممكن أن ترتفع أسعار بعض السلع، من قبيل الأرز المستورد، لكن على الحكومة أن تدعم رؤوس الأموال المحلية، بما يرفع مستوى الإنتاج والاستثمار، وهو ما قد يحصن الاقتصاد قليلا أمام ما سيحمله المستقبل.