إيران تستفز العراقيين في معارك تكريت

07 مارس 2015
الدور الإيراني يقلّب العشائر على الجيش (علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
لم تتوقع العشائر السنّية العراقية بغرب وشمال البلاد، عندما بدأت احتجاجها ضدّ سياسات نوري المالكي الطائفية الإقصائية، أن تتطور الأوضاع من تظاهرات سلمية إلى اعتصامات وبعدها إلى حراك مسلّح فحرب طاحنة، استدعت تدخل دول إقليمية وغربية، بعد سرقة احتجاجهم من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) واحتلاله أقل من نصف البلاد في أيام معدودة.


اقرأ أيضاً ("داعش" يفخخ منازل تكريت لمواجهة القوات العراقية)
وبعد أسبوع من الحملة العسكرية على تكريت، لم يتم تحقيق أي تقدم ذي شأن، وسط شراسة ومطاولة بالقتال. رغم أنّ وسائل الإعلام العراقية أشارت أمس، إلى أن القوات العراقية تستعيد السيطرة على بلدة (الدور) الاستراتيجية جنوب تكريت بعد معارك عنيفة مع "داعش".

وصار دخول إيران في مجريات الحرب علنياً وفاضحاً بعد تولي الحرس الثوري مسؤولية إدارة جبهة القتال في المحور الشرقي من تكريت معززاً بمدافع الـ"Q1" الثقيلة وعربات مدرعة مختلفة، وفقاً لما أكده مسؤولون عراقيون لـ"العربي الجديد". 
وكشفت مجريات معركة تكريت المستمرّة حاليّاً في محافظة صلاح الدين عن دور فعلي وقتال مباشر لإيران في المعركة.


ويقول مصدر محلّي في محافظة صلاح الدين لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات الحرس الثوري الإيراني تقود معركة تكريت بكافة أطرافها بشكل مباشر، فيما ركزّت تواجدها على الجانب الشرقي من المدينة المؤدي الى ناحية العلم، عبر قرى المبدّد والبودرّاج والفلكة".


وأوضح أنّ "ثقل المعارك يدور في هذا المحور، إذ إنّ القوّات الإيرانيّة تستخدم الصواريخ والمدرعات والدبّابات، في إحراق الأرض بشكل كامل"، مبيناً أنّها "تلقي جام غضبها على تلك المناطق بنيران لا تفتر أبداً، غير آبهة بمنازل المدنيّين أو النازحين".
ولم يقلّل المصدّر، الذي فضل عدم نشر اسمه "من قوة الجبهة المقابلة وهي جبهة (داعش)، التي لا تزال مرابطة في مكانها، ولها القدرة على المناورة".
غير أنّه أكّد "أنّ قتال ساحة المواجهة هذه بين إيران و(داعش) على أرض تكريت ولّد ردود فعل ساخطة على الحكومة من قبل أهالي المحافظة، الذين عدّوا خطوة الحكومة بجعل تكريت ساحة لمعركة إيرانيّة داعشيّة، لم تراع أبناء المحافظة".

من جهته، ربط مجلس عشائر صلاح الدين بين "أسباب انهيار الجيش العراقي أمام دخول (داعش) في يونيو/حزيران الماضي، ودخول الحرس الثوري الإيراني العراق وخوضه المعارك على أرضه بشكل علنيّ".


وقال عضو المجلس الشيخ عبد الخالق الجبوري لـ"العربي الجديد"، إنّ "إيران منذ نهاية الحرب التي دارت بينها وبين العراق في القرن الماضي، وهي تخطط للثأر من العراق ومن صدام حسين بشكل مباشر، فوجدت ضالّتها في مسقط رأسه (تكريت) لتثأر منه"، مستدركاً "لكنّ ما يهم معرفته أنّ ما يدور في العراق هو لعبة تقودها عدة جهات وإيران هي الجهة الأكثر فاعلية".

وأشار إلى أنّ "أحداث الموصل وانهيار الجيش العراقي، ونداء المرجعية وتشكيل مليشيا (الحشد الشعبي) وتسليحها وولاءها الإيراني، والخلاف الأخير بين (رئيس الحكومة حيدر) العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي، وإقصاء الجيش العراقي عن معركة تكريت، كلّها أسباب دُرست بعناية لمنح الفرصة لإيران للانفراد بقيادة معركة تكريت بشكل علني". 

اقرأ أيضاً (العبادي يتجاهل وزير دفاعه في معركة تكريت)

وأعرب الشيخ عن أسفه من "رضوخ الحكومات العراقيّة للأجندة الإيرانيّة على حساب المواطن العراقي"، محذّراً من "تداعيات خطيرة تولّدها هذه السياسات على الشارع السنّي، الذي يتحمّل كل أعباء هذه الحملة وحده، سواء من جهة (داعش) أو إيران أو الحكومة".


 تجدر الإشارة الى أنّ واشنطن لم تعترض على دور إيران والمليشيات في الهجوم على مدينة تكريت، معتبرة أنّه بالإمكان أن يكون دوراً "إيجابياً"، إذا لم يؤدِ إلى توترات طائفية.
بدوره، كشف مسؤول الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في مدينة خانقين القريبة جعفر مصطفى، لـ"العربي الجديد"، أن "أسلحة ثقيلة، وقوة إيرانية تضم مدرعات ومدفعية كانت تتمركز في قضاء خانقين، جرى نقلها إلى محافظة صلاح الدين للمشاركة في المعارك الدائرة في تكريت".


وأضاف أن "الإيرانيين دخلوا عبر منفذ زرباطية ومندلي البريين"، وأنهم "أدخلوا أسلحة ثقيلة عبر الحدود البرية الى مناطق القتال في تكريت، بعد إنهاك المعارك للمليشيات والقوات النظامية"، مؤكّداً أن "الإيرانيين يقدرون بالمئات وجميعهم من قوات الحرس الثوري فيلق القدس".
وفي سياق متصل، كشف مسؤول الأمن في قضاء خورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين، المقدم فاروق محمد، أمس، عن "توجه قوة عسكرية كبيرة إيرانية إلى تكريت للمشاركة في المعارك".

وأوضح في تصريح لإذاعة "أربيل كورد" المحلية والتي تبث باللغة الكردية أنّ "القوة الإيرانية دخلت الأراضي العراقية التابعة لمحافظة ديالى في معبر (برويزخان)، ثم توجهت عبر قضاء خورماتو إلى تكريت، وكذلك من معبر زرباطية في محافظة واسط جنوب العراق".
وتابع بالقول إن "القوة الإيرانية الجديدة دخلت معزّزة بالأسلحة الثقيلة، فيما تتولى طائرات استطلاع بدون طيار تغطية ومسح المناطق التي تمرّ القوات عبرها وصولاً إلى تكريت".

دخول إيران السريع في مجريات الحرب وحرصها على تحقيق نتيجة النصر في تكريت بعد نأي الولايات المتحدة بنفسها عن توقيت الهجوم والخطة التي تمت من خلالها، دفعا الشارع العراقي السني والشيعي على حد سواء إلى طرح تساؤلات حول مصلحة إيران بالزج في جنودها بمعارك جديدة في بلدة لا تحوي على مراقد أو أضرحة مقدسة كما أنها بعيدة جداً عن حدودها المشتركة مع العراق.

وقال القيادي في جبهة "الحراك الشعبي" العراقية محمد عبد الله لـ"العربي الجديد" إن "دخول إيران على خط المعارك لن يكون في صالح الحكومة، ولا في صالح القضاء على "داعش"، فغالبية العراقيين السنة تراجعوا عن تأييد الحكومة والجيش بعد دخول إيران. والعبادي أخطأ بشكل كبير في خطوته تلك". 
وبيّن أن "العراق سيكون على شفا حرب أهلية شاملة بسبب الدخول الإيراني العسكري ولا يمكن اعتباره سوى احتلال كما دخلت الولايات المتحدة لاقتلاع صدام من قبل".
المساهمون