حدّد البنك المركزي الإيراني أخيراً، وللمرة الأولى منذ سنوات، سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار بقيمة تقترب من تلك التي يجري التعامل وفقها في السوق الموازية، في مساعٍ حكومية لتوحيد سعر صرف الريال الإيراني، فذلك مطلب كثيراً ما يُلح عليه المستثمرون الأجانب.
وسمحت الحكومة للمصارف في إيران، قبل أسبوع، بشراء العملات الأجنبية باستخدام أسعار العملة التي يحددها السوق الموازي بدلا من التي يحددها البنك المركزي الإيراني، ما يعني تحريرا شبه كامل للعملة.
وقبل هذا الإجراء بأيام، حدد البنك المركزي سعر الدولار عند 31 ألف ريال إيراني مقابل نحو 28 ألف ريال الشهر الماضي، لتكون القيمة الأعلى والأقرب منذ زمن للمستوى الذي تعمل به السوق الموازية، والبالغ حاليا نحو 35 ألف ريال.
وتقول الحكومة إن هذه الإجراءات المتتالية تهدف إلى مكافحة السوق الموازية التي يتلاعب تجارها عادة بأسعار الصرف استنادا لتطورات الوضع الاقتصادي، وهو ما ينعكس على المؤشرات في الداخل، خاصة معدلات التضخم.
وقال وزير الشؤون المالية والاقتصادية الإيراني، علي طيب نيا، أول من أمس، إن الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق لصرف العملة الأجنبية، قد تقلصت إلى أدنى مستوى، حيث تم اعتماد الخطط اللازمة لتوحيد السعر حتى 20 مارس/آذار المقبل.
وقال حاكم البنك المركزي الإيراني، ولي الله سيف، عن هذه الخطوات، إن سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار يتم تعيينه بناء على معطيات اقتصادية حقيقية، مؤكداً أن التشدد في تثبيت السعر لن يكون ضمن برامج الحكومة الحالية، في إشارة منه لإمكانية حصول الأمر لكن بالتزامن والتعامل معه بمرونة بناء على التبعات.
ونقلت وكالة أنباء فارس عن سيف قوله أيضاً إن المؤشرات الاقتصادية في الداخل الإيراني هي التي تسببت في هذا الأمر الذي اعتبره إيجابيا، فقد تم التحكم بنسبة التضخم الاقتصادي منذ التوصل للاتفاق النووي مع السداسية الدولية العام الماضي، والذي دخل حيز التنفيذ العملي مطلع العام الجاري، فانخفض تدريجيا من نسبة 40% ليصل في الوقت الراهن إلى ما يقارب 10%، مشيرا إلى وجود برامج وخطط حكومية للإبقاء على هذا الاستقرار.
وتوقع سيف أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في إيران خلال العام الجاري 5%، وكل هذا يساهم في التحكم أكثر بأسعار الصرف حسب رأيه.
وأشار إلى أن وظيفة البنك المركزي الحالية هي الوقوف في وجه أي صدمات قادمة قد يتعرض لها سعر الصرف، وإلا فسيكون هناك سيناريوهات شبيهة بتلك التي أدت لانهيار العملة المحلية في سنوات سابقة بفعل الحظر الغربي، حيث فقد الريال ما يقارب ثلث قيمته أمام الدولار.
اقــرأ أيضاً
وفي ذات السياق، اعتبر نائب وزير الصناعة والمعادن الإيرانية، ولي الله أفخمي، أن هذه السياسات والخطط الجديدة المرتبطة بأسعار الصرف، وتقاربها أو تثبيتها المرتقب، والتي يتبعها البنك المركزي في الوقت الراهن، ستحمل آثاراً وتبعات إيجابية على قطاع الصادرات بالذات، متوقعا تعزيزها في المستقبل.
ونقلت مهر عن أفخمي قبل أسبوع، قوله إن معدل الصادرات النفطية بدأ يتوجه نحو الصعود خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما يصب لصالح ما بات يسمى اصطلاحاً في البلاد بالاقتصاد المقاوم، حسب قوله، وهي الخطة التي دعا إلى تطبيقها أولا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، والتي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصاديا أولا، وعدم الاعتماد على العلاقات مع الآخرين، ورفع مستوى الصادرات مقابل خفض الواردات.
واعتبر أن التجار وكبار المصدرين باتوا يتعاملون بأسعار صرف دولار هي أقرب لتلك الواقعية، بل والأهم أنها أقرب للقيمة الرسمية، واصفا ما حدث بالأمر الإيجابي.
ورأى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، علي رحماني، أن وجود سعري صرف للعملة المحلية مقابل الدولار في الداخل الإيراني، أمر لا يصب في صالح البنك المركزي، معتبرا أن توحيد السعرين مازال يحتاج لما يقارب ستة أشهر.
وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تثبيت السعر أمرا ليس بالإيجابي بالنسبة لبلد كإيران يتعرض اقتصاده لتأثير تغيرات الإقليم وحتى لتطورات ملفات عديدة مرتبطة به.
واعتبر أن تقارب السعر الموازي من السعر الرسمي، بل والتحكم به، هو السيناريو المطلوب، وليس التثبيت، الذي قد يؤدي في وقت من الأوقات إلى زيادة معدل الواردات مقابل الصادرات التي ستتأثر سلبا بسعر صرف دولار مرتفع، بما يعود على البلاد بعائدات ومستحقات أقل، مقابل دفع مستحقات أعلى للواردات، وهو ما سيؤدي من جديد لارتفاع نسبة التضخم الاقتصادي، حسب رأيه.
ورأى أيضاً أن رفع مستوى الصادرات النفطية بالاستفادة من إلغاء الحظر الغربي بموجب الاتفاق النووي ذاته هو ما سيزيد من السيولة والنقد، قائلا إنه لا يوجد مشكلة فعليا تتعلق بهذا الصدد، لكن بحال التثبيت قد تتأثر قيمة الصادرات النفطية كذلك.
وقال سعيد ليلاز، المستشار الاقتصادي للرئيس الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني، إن البنك المركزي بات أكثر قدرة على التحكم بالسوق، وهو ما لم يكن متاحا خلال سنوات قليلة فائتة، معتبرا أن تبعات الأمر ستصبح ملموسة من خلال التحكم أكثر بالأسعار في الداخل.
واعتبر ليلاز، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن هذا هو ما يسعى البنك المركزي لإنجازه في الحقيقة، لا تثبيت السعر الذي لن يكون لمصلحته مستقبلا، مضيفا أنه لا يعتقد أن الحكومة تسعى بالفعل لتثبيت السعر رغم الحديث عن هكذا إجراء، فهي تعلم أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فالسوق الداخلية تعتمد على التبادل بالريال لا بالدولار، وسيكون التثبيت عاملا مهما قد يلعب دورا برفع مؤشرات التضخم الاقتصادي مستقبلا، حسب رأيه.
ووصف ليلاز الأمر بمحاولة تحقيق التوازن والتعادل، وهو ما يعني أن الحكومة لن تضطر لأخذ المزيد من الإجراءات الجدية بحق من يسيطرون على السوق السوداء.
ورغم التوقعات بتحسن مؤشرات الاقتصاد الإيراني بعد التوصل للاتفاق النووي الذي ألغى الحظر، لكن خبراء الشأن الاقتصادي رأوا منذ البداية أن الأمر لن ينعكس على أسعار الصرف، فلم يتوقع أحد ارتفاع سعر الريال أمام الدولار، وهو الذي خسر ثلث قيمته منذ سنوات.
وصحيح أن العقوبات لعبت دوراً رئيساً تسبب بهذه الخسارة، لكن تجار الداخل وعامل الاحتكار بالإضافة للتلاعب بالأسعار هو ما أدى لانخفاض قيمة العملة المحلية كثيرا، حيث كان يبلغ الدولار قبل عقد من الزمان تقريبا ما يعادل عشرة آلاف ريال إيراني والتي تساوي ألف تومان إيراني، فيما يزيد في الوقت الراهن عن 35 ألفا في السوق الحرة.
ويذكر أن الريال الإيراني كان قد تعرض لشبه انهيار في سنوات الحظر، وأثيرت آمال في أعقاب رفع الحظر بحدوث تحسن سريع في سعر الصرف، على أساس أن أكثر من 100 مليار دولار ستعود للبلاد من أموال إيران المجمدة في الخارج. ولكن ما حدث كان مغايراً لهذه الآمال والتطلعات، حيث ومنذ رفع الحظر الدولي في يناير/كانون الثاني الماضي لم تحقق إيران سوى القليل جداً مما كانت تأمل فيه، إذ لم تتمكن من استرجاع سوى حوالي 10 مليارات دولار من أموالها المجمدة في البنوك الغربية.
وسمحت الحكومة للمصارف في إيران، قبل أسبوع، بشراء العملات الأجنبية باستخدام أسعار العملة التي يحددها السوق الموازي بدلا من التي يحددها البنك المركزي الإيراني، ما يعني تحريرا شبه كامل للعملة.
وقبل هذا الإجراء بأيام، حدد البنك المركزي سعر الدولار عند 31 ألف ريال إيراني مقابل نحو 28 ألف ريال الشهر الماضي، لتكون القيمة الأعلى والأقرب منذ زمن للمستوى الذي تعمل به السوق الموازية، والبالغ حاليا نحو 35 ألف ريال.
وتقول الحكومة إن هذه الإجراءات المتتالية تهدف إلى مكافحة السوق الموازية التي يتلاعب تجارها عادة بأسعار الصرف استنادا لتطورات الوضع الاقتصادي، وهو ما ينعكس على المؤشرات في الداخل، خاصة معدلات التضخم.
وقال وزير الشؤون المالية والاقتصادية الإيراني، علي طيب نيا، أول من أمس، إن الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق لصرف العملة الأجنبية، قد تقلصت إلى أدنى مستوى، حيث تم اعتماد الخطط اللازمة لتوحيد السعر حتى 20 مارس/آذار المقبل.
وقال حاكم البنك المركزي الإيراني، ولي الله سيف، عن هذه الخطوات، إن سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار يتم تعيينه بناء على معطيات اقتصادية حقيقية، مؤكداً أن التشدد في تثبيت السعر لن يكون ضمن برامج الحكومة الحالية، في إشارة منه لإمكانية حصول الأمر لكن بالتزامن والتعامل معه بمرونة بناء على التبعات.
ونقلت وكالة أنباء فارس عن سيف قوله أيضاً إن المؤشرات الاقتصادية في الداخل الإيراني هي التي تسببت في هذا الأمر الذي اعتبره إيجابيا، فقد تم التحكم بنسبة التضخم الاقتصادي منذ التوصل للاتفاق النووي مع السداسية الدولية العام الماضي، والذي دخل حيز التنفيذ العملي مطلع العام الجاري، فانخفض تدريجيا من نسبة 40% ليصل في الوقت الراهن إلى ما يقارب 10%، مشيرا إلى وجود برامج وخطط حكومية للإبقاء على هذا الاستقرار.
وتوقع سيف أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في إيران خلال العام الجاري 5%، وكل هذا يساهم في التحكم أكثر بأسعار الصرف حسب رأيه.
وأشار إلى أن وظيفة البنك المركزي الحالية هي الوقوف في وجه أي صدمات قادمة قد يتعرض لها سعر الصرف، وإلا فسيكون هناك سيناريوهات شبيهة بتلك التي أدت لانهيار العملة المحلية في سنوات سابقة بفعل الحظر الغربي، حيث فقد الريال ما يقارب ثلث قيمته أمام الدولار.
وفي ذات السياق، اعتبر نائب وزير الصناعة والمعادن الإيرانية، ولي الله أفخمي، أن هذه السياسات والخطط الجديدة المرتبطة بأسعار الصرف، وتقاربها أو تثبيتها المرتقب، والتي يتبعها البنك المركزي في الوقت الراهن، ستحمل آثاراً وتبعات إيجابية على قطاع الصادرات بالذات، متوقعا تعزيزها في المستقبل.
ونقلت مهر عن أفخمي قبل أسبوع، قوله إن معدل الصادرات النفطية بدأ يتوجه نحو الصعود خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما يصب لصالح ما بات يسمى اصطلاحاً في البلاد بالاقتصاد المقاوم، حسب قوله، وهي الخطة التي دعا إلى تطبيقها أولا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، والتي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصاديا أولا، وعدم الاعتماد على العلاقات مع الآخرين، ورفع مستوى الصادرات مقابل خفض الواردات.
واعتبر أن التجار وكبار المصدرين باتوا يتعاملون بأسعار صرف دولار هي أقرب لتلك الواقعية، بل والأهم أنها أقرب للقيمة الرسمية، واصفا ما حدث بالأمر الإيجابي.
ورأى الخبير في الشأن الاقتصادي الإيراني، علي رحماني، أن وجود سعري صرف للعملة المحلية مقابل الدولار في الداخل الإيراني، أمر لا يصب في صالح البنك المركزي، معتبرا أن توحيد السعرين مازال يحتاج لما يقارب ستة أشهر.
وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تثبيت السعر أمرا ليس بالإيجابي بالنسبة لبلد كإيران يتعرض اقتصاده لتأثير تغيرات الإقليم وحتى لتطورات ملفات عديدة مرتبطة به.
واعتبر أن تقارب السعر الموازي من السعر الرسمي، بل والتحكم به، هو السيناريو المطلوب، وليس التثبيت، الذي قد يؤدي في وقت من الأوقات إلى زيادة معدل الواردات مقابل الصادرات التي ستتأثر سلبا بسعر صرف دولار مرتفع، بما يعود على البلاد بعائدات ومستحقات أقل، مقابل دفع مستحقات أعلى للواردات، وهو ما سيؤدي من جديد لارتفاع نسبة التضخم الاقتصادي، حسب رأيه.
ورأى أيضاً أن رفع مستوى الصادرات النفطية بالاستفادة من إلغاء الحظر الغربي بموجب الاتفاق النووي ذاته هو ما سيزيد من السيولة والنقد، قائلا إنه لا يوجد مشكلة فعليا تتعلق بهذا الصدد، لكن بحال التثبيت قد تتأثر قيمة الصادرات النفطية كذلك.
وقال سعيد ليلاز، المستشار الاقتصادي للرئيس الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني، إن البنك المركزي بات أكثر قدرة على التحكم بالسوق، وهو ما لم يكن متاحا خلال سنوات قليلة فائتة، معتبرا أن تبعات الأمر ستصبح ملموسة من خلال التحكم أكثر بالأسعار في الداخل.
واعتبر ليلاز، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن هذا هو ما يسعى البنك المركزي لإنجازه في الحقيقة، لا تثبيت السعر الذي لن يكون لمصلحته مستقبلا، مضيفا أنه لا يعتقد أن الحكومة تسعى بالفعل لتثبيت السعر رغم الحديث عن هكذا إجراء، فهي تعلم أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فالسوق الداخلية تعتمد على التبادل بالريال لا بالدولار، وسيكون التثبيت عاملا مهما قد يلعب دورا برفع مؤشرات التضخم الاقتصادي مستقبلا، حسب رأيه.
ووصف ليلاز الأمر بمحاولة تحقيق التوازن والتعادل، وهو ما يعني أن الحكومة لن تضطر لأخذ المزيد من الإجراءات الجدية بحق من يسيطرون على السوق السوداء.
ورغم التوقعات بتحسن مؤشرات الاقتصاد الإيراني بعد التوصل للاتفاق النووي الذي ألغى الحظر، لكن خبراء الشأن الاقتصادي رأوا منذ البداية أن الأمر لن ينعكس على أسعار الصرف، فلم يتوقع أحد ارتفاع سعر الريال أمام الدولار، وهو الذي خسر ثلث قيمته منذ سنوات.
وصحيح أن العقوبات لعبت دوراً رئيساً تسبب بهذه الخسارة، لكن تجار الداخل وعامل الاحتكار بالإضافة للتلاعب بالأسعار هو ما أدى لانخفاض قيمة العملة المحلية كثيرا، حيث كان يبلغ الدولار قبل عقد من الزمان تقريبا ما يعادل عشرة آلاف ريال إيراني والتي تساوي ألف تومان إيراني، فيما يزيد في الوقت الراهن عن 35 ألفا في السوق الحرة.
ويذكر أن الريال الإيراني كان قد تعرض لشبه انهيار في سنوات الحظر، وأثيرت آمال في أعقاب رفع الحظر بحدوث تحسن سريع في سعر الصرف، على أساس أن أكثر من 100 مليار دولار ستعود للبلاد من أموال إيران المجمدة في الخارج. ولكن ما حدث كان مغايراً لهذه الآمال والتطلعات، حيث ومنذ رفع الحظر الدولي في يناير/كانون الثاني الماضي لم تحقق إيران سوى القليل جداً مما كانت تأمل فيه، إذ لم تتمكن من استرجاع سوى حوالي 10 مليارات دولار من أموالها المجمدة في البنوك الغربية.