انتظرت إيران طويلاً إلغاء العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، ولهذا السبب تحديداً خاضت مفاوضات نووية مكثفة مع دول "5+1" منذ انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني، عام 2013، تُوّجت باتفاق نووي، في يوليو/تموز الماضي، لم تحصد البلاد نتائجه العملية بعد، في وقتٍ تمرّ فيه بمطبّات سياسية كثيرة تشوب ملف العلاقات الإيرانية الإقليمية.
أرادت إيران أن تحقق إنجازها النووي لتطوّر علاقاتها السياسية والاقتصادية على حدّ سواء مع الآخرين، فهو ما سيجعلها تؤدي دوراً رئيسياً في عدد من ملفات المنطقة والعالم، على رأسها سورية واليمن. لكن الإنجاز النووي لم يمنحها بعد فرصة تحقيق هذا الهدف، الذي يعرقله كذلك التوتر المتصاعد مع السعودية، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، أخيراً، على خلفية اقتحام محتجين إيرانيين مبنى السفارة السعودية في طهران.
لم يكن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بعيداً عن كل هذا، فكشف صراحة عن أهداف بلاده، في مقاله الأخير في صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الاثنين، مشيراً إلى أن "الاتفاق النووي سيُطبّق قريباً، وسيحتفل الكل بإغلاق ملف كان من غير الضروري أن يتحول لقضية كارثية".
ويعتبر ظريف في مقاله، أن "كل الأطراف المعنية بالاتفاق تأمل أن يتم تجاوز مرحلة التحديات الجدية في المنطقة، وأولها مواجهة التطرف والحرب على الإرهاب. وهو أمر من الممكن تحقيقه من خلال تعاون إيران مع أطراف أخرى إبان تطبيق الاتفاق عملياً". ويلفت إلى أن "الرياض وقفت ضد الإنجازات النووية، منذ التوصل لاتفاق جنيف المؤقت الذي علق فرض عقوبات جديدة على طهران، منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013"، كما حدّد جدولاً زمنياً لاستكمال التفاوض بين بلاده والغرب.
ويُبدي وزير الخارجية الإيراني أن "السعودية تتبنّى سياسات غير مدروسة، من شأنها رفع مستوى التوتر والنزاع في المنطقة برمتها". ويتهمها بـ"دعم التنظيمات الإرهابية"، ويرى أن "المسؤولين في السعودية مصرّون على اتخاذ سياسات تصعيدية ضد إيران". لكن هذا لن يغيّر من سياسات بلاده كما ذكر.
اقرأ أيضاً: السعودية تقطع علاقاتها بإيران وتطرد دبلوماسييها وتتعهّد بمواجهة سياساتها
ويوحي ظريف بمقاله، كما لو أنه يريد القول إن "الاتفاق النووي سيكون كفيلاً بفتح بوابات التعاون بين إيران والغرب خصوصاً، على الرغم من التوتر مع محيطها العربي، وهو ما سيكون مقدّمة لمشاركتها في حلحلة أزمات المنطقة". وكما انتظرت إيران طويلاً حصد هذه النتائج السياسية، يبقى ملف إلغاء العقوبات هو الباب نحو النتائج المرجوة، فلهذا الأمر تبعاته الإيجابية على الداخل الإيراني وعلى علاقات البلاد مع الخارج.
منذ الإعلان عن الاتفاق النووي، طبّقت إيران معظم ما يترتب عليها بموجبه من الناحية الفنية والتقنية، فأوقفت تخصيب اليورانيوم بنسب عالية، وصدّرت الكميات الفائضة من اليورانيوم العالي التخصيب لروسيا. وتنوي قريباً بيع الماء الثقيل المنتج في مفاعل آراك للولايات المتحدة، كما بدأت بتفكيك معظم أجهزة الطرد المركزي المسؤولة عن عمليات التخصيب في منشأتي فردو ونتانز.
ويفرض الاتفاق على إيران إعادة تصميم قلب مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، للتحكّم بكمياته وبكميات البلوتونيوم المنتج بداخله. والجدير بالذكر أن هذه المادة هي التي تسمح بصنع سلاح نووي. وكانت وكالة "فارس" الإيرانية، قد نقلت عن مصدر وصفته بـ"المُطّلع" من دون أن تذكر اسمه، أنه "تمّ إخراج قلب المفاعل لاستبداله بالتصميم الجديد". وهو خبر نفته هيئة الطاقة الذرية لاحقاً، التي أكدت أن "عمليات تصميم المخططات الجديدة ما زالت جارية، لكن العمل في آراك لم ينتهِ بعد"، وما زال يلقَى انتقادات الداخل المترقّب لحصد النتائج في مقابل كل هذه الخطوات الإيرانية، وهو ما لم يحصل بعد، ما يجعل المنتقدين، خصوصاً المنتمين للطيف المحافظ المتشدد، يرون أن في الاتفاق تنازلات من دون ضمانات تفرض على الغرب تطبيق تعهداته.
ووفقاً لبعض الوكالات الإيرانية، كان من المفترض إلغاء العقوبات الغربية، يوم الاثنين، لا سيما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أصدرت التقارير التي تؤكد التزام طهران بتعهداتها، وبددت القلق من وجود أبعاد عسكرية لبرنامج البلاد النووي، لكن العقوبات لم تُلغَ في هذا التاريخ.
وخرجت منسّقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، لتقول إنه "لا يوجد جدول زمني محدد لإلغاء العقوبات". الأمر الذي أكدته الخارجية الإيرانية على لسان مساعد الوزير، عضو الوفد المفاوض مجيد تخت روانجي، وكانت مصادر إيرانية أخرى قد رجّحت تطبيق بند إلغاء العقوبات، الذي سيفتح الأبواب الاقتصادية والسياسية أمام إيران قريباً.
وتنقل وكالة أنباء "فارس"، أمس الثلاثاء، عن عضو الهيئة الرئاسية لغرفة التجارة، مهدي جهانغيري، قوله إن "العقوبات ستُلغَى، يوم الجمعة المقبل"، متوقعاً أن "يسمح هذا بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 6 في المائة، ما سيسمح بجذب الاستثمارات الأجنبية نحو إيران، وهو ما سيعود عليها بالنفع".
وتفاوتت ردود الفعل على كل هذه التصريحات، فصحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، ذكرت على صفحتها الأولى الصادرة، أمس، أن "العدّ العكسي لإلغاء العقوبات قد بدأ، والعقوبات المفترض إلغاؤها هي تلك المرتبطة ببرنامج إيران النووي لا بقضايا أخرى". ونقلت بدورها عن روانجي، قوله إن "التعاون الإيراني الأوروبي سيصل إلى مستويات عالية، وبنود الاتفاق الـ19 ستسمح برفع مستوى التبادل بين إيران وأوروبا".
كما رأت صحيفة "إيران"، المحسوبة على الحكومة المعتدلة، أنه "على الرغم من التصريحات المختلفة والمتعلقة بقرار إلغاء الحظر، إلا أن كل هذا يعني أنه إذا كانت الحكومة تفي بتعهداتها الاقتصادية والسياسية معاً، فستكون قادرة على تحسين الوضع الاقتصادي، وفتح باب العلاقات السياسية الإيرانية".
لكنّ طيفاً آخر، وهو تيار المحافظين لا يرى الأمور من هذه الزاوية، بل ينتقد حديث الولايات المتحدة عن نية الكونغرس فرض عقوبات جديدة على إيران. ويعتبر هذا الطيف أن "الخطوات الأميركية تعني نقض الاتفاق، الذي لم يحقق وعود روحاني الاقتصادية".
من جهتها، تشير صحيفة "وطن امروز"، أمس، إلى أن "روحاني كان في مدينة مشهد، شمال شرقي البلاد قبل سنة، وشدّد على أنه تمّ عبور مرحلة الركود الاقتصادي. كما أنه خلال تواجده في حفل تدشين مراحل جديدة من عمل حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي، الذي أقيم الاثنين، ذكر أنه لا يجب الحديث مجدداً عن الركود، الذي سينتهي قريباً مع إلغاء العقوبات". وهي تصريحات رأت فيها الصحيفة كمّاً كبيراً من التناقض.
وكان روحاني قد تحدث عن نية حكومته تقديم موازنتها للعام الفارسي الجديد، الذي يبدأ في 21 مارس/آذار المقبل، باعتماد 25 في المائة منها فقط على عائدات النفط، قائلاً إن "حكومته تدير الوضع الآن وفق سعر برميل النفط الذي يبلغ 30 دولاراً بشكل وسطي، لا 147 دولاراً، كما في السابق"، لكن هذا كله غير مرض بالنسبة لبعضهم.
اقرأ أيضاً: قلق إسرائيلي من تدفق السلاح الروسي إلى طهران
أرادت إيران أن تحقق إنجازها النووي لتطوّر علاقاتها السياسية والاقتصادية على حدّ سواء مع الآخرين، فهو ما سيجعلها تؤدي دوراً رئيسياً في عدد من ملفات المنطقة والعالم، على رأسها سورية واليمن. لكن الإنجاز النووي لم يمنحها بعد فرصة تحقيق هذا الهدف، الذي يعرقله كذلك التوتر المتصاعد مع السعودية، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، أخيراً، على خلفية اقتحام محتجين إيرانيين مبنى السفارة السعودية في طهران.
لم يكن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بعيداً عن كل هذا، فكشف صراحة عن أهداف بلاده، في مقاله الأخير في صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الاثنين، مشيراً إلى أن "الاتفاق النووي سيُطبّق قريباً، وسيحتفل الكل بإغلاق ملف كان من غير الضروري أن يتحول لقضية كارثية".
ويعتبر ظريف في مقاله، أن "كل الأطراف المعنية بالاتفاق تأمل أن يتم تجاوز مرحلة التحديات الجدية في المنطقة، وأولها مواجهة التطرف والحرب على الإرهاب. وهو أمر من الممكن تحقيقه من خلال تعاون إيران مع أطراف أخرى إبان تطبيق الاتفاق عملياً". ويلفت إلى أن "الرياض وقفت ضد الإنجازات النووية، منذ التوصل لاتفاق جنيف المؤقت الذي علق فرض عقوبات جديدة على طهران، منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013"، كما حدّد جدولاً زمنياً لاستكمال التفاوض بين بلاده والغرب.
ويُبدي وزير الخارجية الإيراني أن "السعودية تتبنّى سياسات غير مدروسة، من شأنها رفع مستوى التوتر والنزاع في المنطقة برمتها". ويتهمها بـ"دعم التنظيمات الإرهابية"، ويرى أن "المسؤولين في السعودية مصرّون على اتخاذ سياسات تصعيدية ضد إيران". لكن هذا لن يغيّر من سياسات بلاده كما ذكر.
اقرأ أيضاً: السعودية تقطع علاقاتها بإيران وتطرد دبلوماسييها وتتعهّد بمواجهة سياساتها
ويوحي ظريف بمقاله، كما لو أنه يريد القول إن "الاتفاق النووي سيكون كفيلاً بفتح بوابات التعاون بين إيران والغرب خصوصاً، على الرغم من التوتر مع محيطها العربي، وهو ما سيكون مقدّمة لمشاركتها في حلحلة أزمات المنطقة". وكما انتظرت إيران طويلاً حصد هذه النتائج السياسية، يبقى ملف إلغاء العقوبات هو الباب نحو النتائج المرجوة، فلهذا الأمر تبعاته الإيجابية على الداخل الإيراني وعلى علاقات البلاد مع الخارج.
منذ الإعلان عن الاتفاق النووي، طبّقت إيران معظم ما يترتب عليها بموجبه من الناحية الفنية والتقنية، فأوقفت تخصيب اليورانيوم بنسب عالية، وصدّرت الكميات الفائضة من اليورانيوم العالي التخصيب لروسيا. وتنوي قريباً بيع الماء الثقيل المنتج في مفاعل آراك للولايات المتحدة، كما بدأت بتفكيك معظم أجهزة الطرد المركزي المسؤولة عن عمليات التخصيب في منشأتي فردو ونتانز.
ويفرض الاتفاق على إيران إعادة تصميم قلب مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، للتحكّم بكمياته وبكميات البلوتونيوم المنتج بداخله. والجدير بالذكر أن هذه المادة هي التي تسمح بصنع سلاح نووي. وكانت وكالة "فارس" الإيرانية، قد نقلت عن مصدر وصفته بـ"المُطّلع" من دون أن تذكر اسمه، أنه "تمّ إخراج قلب المفاعل لاستبداله بالتصميم الجديد". وهو خبر نفته هيئة الطاقة الذرية لاحقاً، التي أكدت أن "عمليات تصميم المخططات الجديدة ما زالت جارية، لكن العمل في آراك لم ينتهِ بعد"، وما زال يلقَى انتقادات الداخل المترقّب لحصد النتائج في مقابل كل هذه الخطوات الإيرانية، وهو ما لم يحصل بعد، ما يجعل المنتقدين، خصوصاً المنتمين للطيف المحافظ المتشدد، يرون أن في الاتفاق تنازلات من دون ضمانات تفرض على الغرب تطبيق تعهداته.
وخرجت منسّقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، لتقول إنه "لا يوجد جدول زمني محدد لإلغاء العقوبات". الأمر الذي أكدته الخارجية الإيرانية على لسان مساعد الوزير، عضو الوفد المفاوض مجيد تخت روانجي، وكانت مصادر إيرانية أخرى قد رجّحت تطبيق بند إلغاء العقوبات، الذي سيفتح الأبواب الاقتصادية والسياسية أمام إيران قريباً.
وتنقل وكالة أنباء "فارس"، أمس الثلاثاء، عن عضو الهيئة الرئاسية لغرفة التجارة، مهدي جهانغيري، قوله إن "العقوبات ستُلغَى، يوم الجمعة المقبل"، متوقعاً أن "يسمح هذا بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 6 في المائة، ما سيسمح بجذب الاستثمارات الأجنبية نحو إيران، وهو ما سيعود عليها بالنفع".
وتفاوتت ردود الفعل على كل هذه التصريحات، فصحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، ذكرت على صفحتها الأولى الصادرة، أمس، أن "العدّ العكسي لإلغاء العقوبات قد بدأ، والعقوبات المفترض إلغاؤها هي تلك المرتبطة ببرنامج إيران النووي لا بقضايا أخرى". ونقلت بدورها عن روانجي، قوله إن "التعاون الإيراني الأوروبي سيصل إلى مستويات عالية، وبنود الاتفاق الـ19 ستسمح برفع مستوى التبادل بين إيران وأوروبا".
كما رأت صحيفة "إيران"، المحسوبة على الحكومة المعتدلة، أنه "على الرغم من التصريحات المختلفة والمتعلقة بقرار إلغاء الحظر، إلا أن كل هذا يعني أنه إذا كانت الحكومة تفي بتعهداتها الاقتصادية والسياسية معاً، فستكون قادرة على تحسين الوضع الاقتصادي، وفتح باب العلاقات السياسية الإيرانية".
لكنّ طيفاً آخر، وهو تيار المحافظين لا يرى الأمور من هذه الزاوية، بل ينتقد حديث الولايات المتحدة عن نية الكونغرس فرض عقوبات جديدة على إيران. ويعتبر هذا الطيف أن "الخطوات الأميركية تعني نقض الاتفاق، الذي لم يحقق وعود روحاني الاقتصادية".
من جهتها، تشير صحيفة "وطن امروز"، أمس، إلى أن "روحاني كان في مدينة مشهد، شمال شرقي البلاد قبل سنة، وشدّد على أنه تمّ عبور مرحلة الركود الاقتصادي. كما أنه خلال تواجده في حفل تدشين مراحل جديدة من عمل حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي، الذي أقيم الاثنين، ذكر أنه لا يجب الحديث مجدداً عن الركود، الذي سينتهي قريباً مع إلغاء العقوبات". وهي تصريحات رأت فيها الصحيفة كمّاً كبيراً من التناقض.
وكان روحاني قد تحدث عن نية حكومته تقديم موازنتها للعام الفارسي الجديد، الذي يبدأ في 21 مارس/آذار المقبل، باعتماد 25 في المائة منها فقط على عائدات النفط، قائلاً إن "حكومته تدير الوضع الآن وفق سعر برميل النفط الذي يبلغ 30 دولاراً بشكل وسطي، لا 147 دولاراً، كما في السابق"، لكن هذا كله غير مرض بالنسبة لبعضهم.
اقرأ أيضاً: قلق إسرائيلي من تدفق السلاح الروسي إلى طهران