إيران: المحافظون يهزمون رفسنجاني في مجلس الخبراء

11 مارس 2015
حضر روحاني جلسة أمس (بهروز مهري/فرانس برس)
+ الخط -
أسفرت جلسة انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة في إيران، أمس الثلاثاء، عن مفاجأة كبيرة في ظلّ تغييرات مفاجئة، حدثت صباحاً. وظهر الأمر لدى ترشح رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعضو مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، لهذا المنصب مجدداً، بشكل مفاجئ. كما سُجّلت مفاجأة ثانية، تجلّت في هزيمة رفسنجاني، في وقتٍ لم يتخيل فيه أحد خسارته أمام الرئيس المنتخب محمد يزدي، الذي بات رئيساً للمؤسسة الدينية العليا في إيران، التي تشرف على عمل المرشد الأعلى وتقوم بتعيينه وعزله، وفقاً للدستور.

لم يخب أمل رفسنجاني فحسب، بل خاب أمل نائب الرئيس السابق محمود هاشمي شاهرودي، أيضاً، الذي سبق أن تولّى رئاسة المجلس بالنيابة، منذ دخول رئيسه السابق محمد رضا مهدوي كني، في غيبوبة استمرت إلى حين وفاته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. حتى إن كل تصريحات المسؤولين، تحديداً أعضاء المجلس، كانت تصبّ في صالح شاهرودي، وتدعمه علناً.

بدأت الجلسة التي حضرها الرئيس حسن روحاني ووزير الاستخبارات محمود علوي، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، بتقديم الأخير تقريراً عن آخر التطورات السياسية في البلاد، تحديداً بما يتعلق بالمحادثات النووية التي يقودها مع دول "5+1".

اقرأ أيضاً: رفسنجاني... رفيق المرشد المشاكس هل يرأس مجلس الخبراء؟

بعدها، تقدم رفسنجاني، وشاهرودي، ويزدي، ومحمد مؤمن بترشيحاتهم لمنصب رئيس مجلس خبراء القيادة. توزّعت أصوات الخبراء في الجولة الأولى، ولم يحصل أي منهم على الحدّ الأدنى من الأصوات التي تسمح بفوزه، فتمّ إجراء جولة ثانية. في الجولة الثانية، فضّل مؤمن وشاهرودي الانسحاب، وفُسّر انسحابهما على أنه خطوة لمنح أصواتهما ليزدي، الذي نال 47 صوتاً، في مقابل 26 صوتاً فقط لرفسنجاني.

ويزدي، المولود في أصفهان، وسط إيران عام 1931، عضو في لجنة صيانة الدستور، وأمين تجمّع مدّرسي الحوزة العلمية في قم، وأمين سر اللجنة العليا للحوزات العلمية، وكان رئيساً للقوة القضائية في إيران بين عامي 1989 و1999.

ويمثل يزدي المحسوب على المحافظين، مدينة طهران في مجلس خبراء القيادة، وكان من أعضاء اللجنة التي وضعت الميثاق الداخلي للمجلس، لدى تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من أنه من المرجعيات الدينية المعروفة في الحوزة العلمية في قم، فإنه ليس بالشخصية الجدلية، ويتميز بالهدوء والرصانة، وأظهر ذلك في كل مواقفه وتصريحاته، حين كان رئيساً للسلطة القضائية.

ولم تكن المعركة الانتخابية الأولى ليزدي، إذ سبق له أن نافس رفسنجاني على المنصب عينه، في العام 2009، لكنه نال 26 صوتاً في مقابل 51 لرفسنجاني. كما سحب ترشيحه في انتخابات عام 2007، التي تنافس فيها رفسنجاني وآية الله أحمد جنتي، مؤيداً الأخير، لخلافة رئيس المجلس علي مشكيني، الذي استمرّ في منصبه منذ عام 1982 حتى عام 2007.

كما كان يزدي نائباً لرفسنجاني أثناء رئاسة الأخير لمجلس الخبراء، وما زال كثر في إيران يتذكرون، أن كرسي يزدي، الذي يكون بالقرب من رفسنجاني، بحسب الأعراف، كان يبقى خالياً أثناء عقد الجلسات الرسمية، وهو ما فُسّر على أنه خلاف علني بين الرجلين.

يُصنّف يزدي على يمين المحافظين، وعلى الرغم من ابتعاده عن ساحة العمل السياسي، وعن الجدالات التي تبرز في مختلف التصريحات، فإنه عاد وظهر مجدداً بعد وفاة مهدوي كني، ومع أن حضوره جنازة الأخير على كرسي متحرك، أوحى بأن وضعه الصحي لن يسمح له بالترشح لرئاسة خبراء القيادة، فإن الأمور سارت على شكل صفقة بين أفرقاء عدة خلف الكواليس، على ما يبدو.

ويعود ذلك إلى أن رفسنجاني، الذي يقود خط الاعتدال في البلاد، أصبح محل انتقاد عديدين خلال السنوات الأخيرة، حتى إنه أكد سابقاً، أنه "لن يترشح إلا إذا لمس أن المرشحين لهذا المنصب غير مؤهلين لقيادة مؤسسة حساسة كهذه"، فقدم ترشيحه رغم إدراكه أنه لن ينال أصواتاً كافية، في مجلس يسيطر المحافظون على غالبية مقاعده منذ سبع سنوات تقريباً، ولكنه، ربما، أراد أن يؤكد على حضوره الدائم، وفقاً لمراقبين.

ويشير رئيس تحرير موقع "أميد"، علي رضا خماسيان، وهو من المقربين من الدائرة الإعلامية لرفسنجاني، إلى أن "ترشح يزدي خالف كل التوقعات، لأن الجميع كان يؤيد شاهرودي، إلا أن نتائج الانتخابات دلّت على أن معظم أعضاء مجلس الخبراء هم من منتقدي رفسنجاني".

واستدرك قائلاً إن "هذا لا يعني بالضرورة مخالفة الجميع لرفسنجاني، فهذا المجلس، كما كل المؤسسات الأخرى، يخضع للمعادلات السياسية، ويتأثر بتحركات لوبٍ معين، وهو اللوبي المحافظ الذي أثّر على آراء عديدين، وساهم بجمع الأصوات ليزدي، بعد انسحاب شاهرودي".

ويضيف خماسيان، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "يزدي كان منافساً شرساً لرفسنجاني، والخلاف بينهما قديم للغاية، لاختلاف آرائهما في القضايا السياسية والاجتماعية المطروحة على الساحة الإيرانية". وأشار إلى أنه "على الرغم من اختلاف انتماء رؤساء هذه المؤسسة على مرّ الزمن، فإنه لا تأثير لذلك مباشرة على عملها، أو على عمل أعضائها، فسياسات مجلس الخبراء لا تتغير بتغيّر الرئيس عادة". ويُظهر اختيار يزدي، أن أوراق القوة لا تزال بيد المحافظين، وهو ما قد يقلّل من حظوظ المعتدلين أو حتى الإصلاحيين، في انتخابات أعضاء مجلس الخبراء، والتي ستجري العام المقبل.

اقرأ أيضاً: تفاؤل إيراني بجدية المفاوضات النووية: واشنطن تريد الوصول لاتفاق
دلالات
المساهمون