قال رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، إن "اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل يمهد لانتفاضة كبرى"، واصفاً السياسات الأميركية بالحمقاء وغير السوية، حتى إن بعض المفكرين الأميركيين غير قادرين على إدراكها وفهمها، حسب تعبيره.
وفي كلمته خلال مؤتمر بعنوان "القوى الكبرى وأمن منطقة غرب آسيا"، الذي عُقد، اليوم الإثنين، أضاف باقري أن كل هذا سيؤدي إلى تحولات وصفها بالمباركة، والتي "ستصب في النتيجة لصالح محور المقاومة".
كما أوضح باقري أن المؤامرات التي خططت لها أميركا وإسرائيل في المنطقة باءت بالفشل، وما دعم وخلق التنظيمات الإرهابية إلا واحداً منها، قائلاً إنها أخفقت كذلك ولم تستطع إسقاط نظام بشار الأسد. مؤكداً، في تصريحاته، أن هناك مناطق صغيرة في سورية ما زالت تحت سيطرة "داعش" و"النصرة"، والتي سيتم استهدافها في المستقبل، كما ذكر.
وفي المؤتمر ذاته، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في كلمته، إن "الولايات المتحدة الأميركية وقوى الاستكبار تعمل على تقسيم المنطقة لتحقيق أمن إسرائيل"، معتبراً أن إيران تعدت مرحلة كونها دولة حققت قوة الردع للوقوف في وجه الكيان الصهيوني، فلم يعد يشكل تهديداً لها أصلاً، وزعم أن "حزب الله" أصبح أقوى من هذا الكيان في الوقت الراهن.
ووصف سلامي التطورات الأخيرة في المنطقة، خاصة في فلسطين، بالظاهرة الجديدة التي تؤكد أن الهزيمة لحقت بالأعداء في فلسطين نفسها وكردستان العراق وسورية ولبنان واليمن، مشيراً إلى أن القضاء على إسرائيل، سيشكل العامل الرئيسي لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وهو ما سيحدث في المستقبل، حسب تعبيره.
ومن جهة أخرى، اعتبر سلامي أنه بات لإيران دور ومكانة إلى جانب العراق وسورية ولبنان، فباتت هذه الأطراف تلعب دوراً مكملاً لبعضها بعضاً، مشيداً بدور قوات التعبئة الشعبية التي كان لها دور كبير في الحرب على الإرهاب والوقوف في وجه أعداء الإقليم. مضيفاً "هذا يتكرر اليوم في البحرين واليمن، حيث إن النزاع هناك أخذ شكل مواجهة بين الحق والباطل، وهو ما سينتهي لصالح شعبي البلدين"، متهماً السعودية بالتورط في رفع مستوى التوتر والنزاعات في المنطقة، قائلاً، إنها مع إسرائيل مسؤولتان عن ذلك.
وفي ما يتعلق بالموقف الإيراني من الخطوة الأميركية الأخيرة إزاء القدس، قال وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، إنها مؤامرة وفتنة كبرى لتضييع حقوق الفلسطينيين، إلا أنه اعتبر أنها ستصب لصالح وحدة المسلمين.
ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء عن حاتمي قوله، "إن ما جرى يأتي للتغطية على الهزائم التي لحقت بأميركا وإسرائيل في العراق وسورية"، لافتاً إلى أن "القرار الأميركي غير المشروع لا يغير من الواقع شيئاً، بل سيزيد من المساعي لتحرير فلسطين".
ورأى حاتمي، في تصريحاته، أن ما فعلته أميركا سيضع إسرائيل تحت ضغط وقلق دائمين، محملاً واشنطن مسؤولية إثارة التوتر في عدد من دول المنطقة، ومؤكداً أن إيران لن تتراجع عن مواقفها. وأضاف "لو انتصر تنظيم داعش لمنح إسرائيل عمراً أطول، لانشغال الشعوب في النزاعات بدلاً من أن تكافح إسرائيل".
إلى ذلك، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل، بالخطوة غير المدروسة وغير الناضجة، وقال "إن التعاطي معها يتطلب إجماعاً عربياً وإسلامياً، لكن العالم العربي يواجه اضطرابات عديدة، رغم أن الفرصة ما زالت قائمة لاتخاذ خطوات حاسمة".
واتهم قاسمي بعض الأطراف العربية بالتنسيق والتآمر مع أميركا، في وقت سابق، للتمهيد لهذه الخطوة، معتبراً أنها خيانة كبرى لفلسطين والقدس والعالم الإسلامي برمته. وقال "سياسات من هذا النوع تؤدي إلى التوتر وإثارة النزاعات، لكن هذا لن يصب في النهاية لصالح الولايات المتحدة، رغم الثمن الذي تدفعه الشعوب إثر هذه المؤامرات". وأوضح قاسمي أن لدى إيران برنامجها الواضح الذي يقوم على دعم المقاومة والقضية الفلسطينية، وهو ما لن يتغير لاحقاً، بحسب وصفه.
وفي السياق، أعلن أن رئيس البلاد حسن روحاني سيتوجه إلى تركيا للمشاركة في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي سيعقد بشكل طارئ الأربعاء لبحث تداعيات الإعلان الأميركي، مؤكداً أن طهران ستكثف من مشاوراتها واتصالاتها مع الدول الحليفة والصديقة في العالمين العربي والإسلامي، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى عدم اتفاق الدول الأوروبية مع خطوات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
من جانب آخر، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إن الرياض لم تتخذ أي خطوات وما زالت مستمرة بذات النهج، معتبراً أنها تتعامل مع قضايا الإقليم بجهل مطلق، وترتكب ذات الأخطاء حسب تعبيره.
وفي مؤتمره الصحافي الأسبوعي الذي عقده، اليوم الإثنين، علق قاسمي على الأنباء الصادرة سابقاً والمرتبطة بمقترح تونسي للتوسط بين طهران والرياض، ونفى طرحها، لكنه أكد أن طهران ترحب بأي جهود من شأنها المضي قدماً نحو أوضاع أكثر استقراراً في المنطقة.
وأوضح قاسمي وجود اتصالات مع تونس تتعلق بالقضايا الثنائية والتطورات الإقليمية، دون طرح ملف الوساطة مع الرياض على الطاولة، ومن ناحية ثانية نفى قاسمي كذلك أن تكون بلاده قد زودت الحوثيين في اليمن بالصواريخ، قائلاً إن لهذه الأنباء أهدافاً دعائية مغرضة.
وذكر كذلك، أن الوضع في اليمن خطير للغاية وأن إيران تأمل عودة الهدوء إلى هناك قريباً، قائلاً، إن طهران ترحب بعقد حوار يمني لكنها تعتقد أن المشكلة الرئيسة تكمن في الدور السعودي والتدخل العسكري هناك، فعلى المجتمع الدولي التدخل لإنهاء تلك الكارثة، حسب وصفه.
وفي جانب آخر، ركز قاسمي في تصريحاته على زيارة وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إلى إيران والتي أنهاها، أمس الأحد، وبحث خلالها العديد من الملفات، منها ما يتعلق باليمن والاتفاق النووي فضلاً عن مسألة إطلاق سراح الصحافية البريطانية من أصل إيراني نازنين زاغري، وقد عاد جونسون دون اتفاق واضح حول هذا الملف، ورأى قاسمي أن موضوع زاغري بيد السلطة القضائية، التي تتعامل معها على أنها مواطنة إيرانية متهمة بالتواطؤ ضد النظام، لكن بطبيعة الحال فقد تحاور المسؤولون في البلاد مع جونسون في هذا الصدد كونها من المسائل الإنسانية.
وقال قاسمي كذلك، إن توقيت زيارة جونسون لا يرتبط بإعلان ترامب بخصوص القدس، موضحاً إنه تم الاتفاق عليها في وقت سابق، إلا أنه أوضح أن المجتمع الدولي بات يقف بوجه سياسات ترامب، والمسافة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا باتت واضحة، حسب رأيه.
وعن العلاقات مع بريطانيا وهو الملف الذي يقابله تحفظ وتوجس من قبل المحافظين، رأى قاسمي أن إيران لم تعد تعيش في عقد السبعينات، وباتت تركز على تطوير علاقاتها مع كافة الدول على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشأن الداخلي، وبريطانيا ليست مستثناة من هذه المعادلة.
وفي سياق يرتبط بالعلاقات الإيرانية الأوروبية بعيداً عن الخلاف مع الولايات المتحدة، كتب وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، مقالاً في "نيويورك تايمز" دعا خلاله الأطراف الأوروبية لعدم التأثر بالسياسات الأميركية، كون واشنطن قابلت حسن النوايا الإيرانية في ما يتعلق بالاتفاق النووي بالمزيد من التصعيد، مشيراً إلى نكثها للعهود والاتفاقيات الدولية، واصفاً اتفاق بلاده النووي مع السداسية الدولية بالنصر الدبلوماسي النادر.
وكتب ظريف أيضاً أنه على أوروبا ألا تتأثر بمساعي واشنطن التي تريد توجيه الأنظار نحو أزمات غير ضرورية من قبيل البرنامج الصاروخي أو النفوذ في الشرق الأوسط، قائلاً إن القدرات العسكرية الإيرانية دفاعية مشروعة وتطابق القوانين الدولية.
كما رحب ظريف برفع مستوى التعاون بين إيران والدول الجارة بما يصب لصالح تحقيق السلام، داعياً هذه الأطراف لتحويل المقترح لمشروع عملي، كما قال إنه على الأطراف الفاعلة من خارج المنطقة أن تضغط على حلفائها بما يحول المقترح الإيراني لسيناريو جدي.