إيداع 4 جنرالات وقائد جهاز أمني بالجيش الجزائري السجن بتهم فساد

14 أكتوبر 2018
ثاني محاسبة لضباط كبار في تاريخ الجزائر(كنزو تريبويال/فرانس برس)
+ الخط -

أودعت سلطات القضاء العسكري خمسة من كبار جنرالات الجيش الجزائري، تمّت إقالتهم قبل أسابيع، الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، بعد مثولهم اليوم الأحد أمام قاضي التحقيق العسكري، للتحري في تهم وجهت إليهم تخصّ الثراء غير المشروع والفساد المالي والعقاري واستغلال النفوذ.  

وقرر قاضي التحقيق العسكري بمحكمة البليدة، 60 كيلومتراً جنوبي العاصمة الجزائرية، إيداع كل من القائد السابق للمنطقة العسكرية الرابعة اللواء عبد الرزاق الشريف، وقائد قسم المصالح المالية لوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور، والقائد السابق للمنطقة العسكرية الثانية اللواء سعيد باي، وقائد المنطقة العسكرية الأولى حبيب شنتوف، وكذلك القائد السابق لجهاز الدرك الوطني (يتبع لوزارة الدفاع) مناد نوبة، الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات، حتى إحالتهم إلى المحاكمة في التهم المنسوبة إليهم.

وكان "العربي الجديد" قد كشف في وقت سابق، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن القضاء العسكري طلب من مديريات الأملاك العقارية جرداً بكل الأملاك المسجلة بأسماء القياديين الخمسة وأبنائهم، من أجل التأكد من مصدرها. ويشتبه في حصول العسكريين الخمسة على مزايا وعقارات وأراضٍ بطريقة غير قانونية.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الزج بهذا العدد من جنرالات الجيش السجن دفعة واحدة، لكن سبق في منتصف عام 2015 أن زج بعدد من الجنرالات وكبار القيادات العسكرية السجن، بعد اعتقال القائد السابق لوحدات مكافحة الإرهاب التابعة لجهاز المخابرات الجنرال آيت واعراب، المعروف باسم الجنرال حسان، الذي لا يزال مسجوناً، منذ أغسطس/ آب 2015، والجنرال جمال مجدوب، القائد السابق في جهاز الأمن الرئاسي، والجنرال حسين بن حديد الذي اعتقل في شهر مارس/ آذار 2016 وقضى فترة ثلاثة أشهر في السجن بسبب مداخلة تلفزيونية مع قناة جزائرية معارضة تبث من لندن هاجم فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه السعيد بوتفليقة، وتحدث فيها عن قضايا تخص الجيش والرئاسة.

وأقيل العسكريون الخمسة من مناصبهم قبل فترة. ففي 29 يونيو/ حزيران الماضي، أقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قائد جهاز الدرك مناد نوبة، وفي 17 أغسطس/ آب الماضي أقال القيادات العسكرية الأربعة المعنية بتحقيقات القضاء العسكري من مناصبهم.

وفي التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي، أبلغ القضاء العسكري الضباط الخمسة أنهم محل شبهات بالثراء غير المشروع وارتكاب تجاوزات باستغلال الوظيفة السامية، وفي 16 منه، قرر القاضي العسكري منع سفر الضباط الخمسة وسحب جوازات سفرهم إلى حين إنهاء التحقيقات. 

وكان مصدر مسؤول قد أوضح لـ"العربي الجديد" أن فريق التحقيق الذي يرأسه قاضٍ، استمع صباح اليوم إلى ثلاثة من جنرالات الجيش، وهم اللواء سعيد باي، وشنتوف، ونوبة.

وذكر المصدر أن "قاضي التحقيق استجوب، في وقت لاحق، القائد السابق للمنطقة العسكرية الرابعة اللواء عبد الرزاق الشريف، وقائد قسم المصالح المالية لوزارة الدفاع الجزائرية اللواء بوجمعة بودواور، حول بعض الممتلكات العقارية التي يملكونها".

وذكر المتحدث أنه "تم احترام كل الإجراءات القانونية والقضائية المتعلقة بمحاكمة كبار الضباط، إذ يوجد ضمن فريق المحققين ضابط له الرتبة نفسها مع المحقق معهم".

وتأتي هذه التحقيقات قبل أقل من ستة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في ربيع 2019. 

وتتخوّف أطراف عديدة من أن تكون محاكمة الضباط الخمسة غير مرتبطة بالضرورة بالتهم الموجهة إليهم، وأنها قد تكون ذات خلفية سياسية ترتبط بمواقف هؤلاء الضباط من الرئاسة، أو بسبب خلافات مع قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، أو محاولة السلطات منعهم من أي تحرك أو أداء دور سياسي في المرحلة الحرجة التي تمر بها السلطة في الجزائر.  

 

ورغم أن التحقيقات القضائية لم تنته حتى الآن، ويمكن أن تكشف عن تفاصيل أخرى، فإن الرأي العام يتابع أطوار هذه القضية بشكل لافت، فللمرة الثانية في تاريخ الجزائر تتم محاسبة ضباط من أعلى مستوى في الجيش في قضايا فساد وثراء غير مشروع، بعد قضية الجنرال بلوصيف الذي أدين عام 1994.

وقبل أسبوعين، حمل قائد أركان الجيش الجزائري القيادات العسكرية مسؤولية كل سلوك مخالف للقانون.

وقال الفريق أحمد قايد صالح، في خطاب ألقاه خلال اجتماعه مع القيادات المركزية وكبار الموظفين بوزارة الدفاع، إن "المسؤولية ليست تشريفاً، بل هي تكليف، ومعنى ذلك أن الإنسان المسؤول في أي موقع كان، ومهما كان مستوى المسؤولية التي يتحمل وزرها، يتعين عليه أن يتحمل نتائج أعماله بالتمام والكمال، والالتزام بالقوانين السارية المفعول، مراعياً ضوابط المهنة العسكرية".