في مصر، قامت موجة احتجاجية كاملة، كان من أهم أعمدتها برنامج ساخر قدمه الإعلامي باسم يوسف. وعلى مدار سنوات عقب قيام ثورة "25 يناير"، انتشر فنّ الكاريكاتير المعتمد بالأساس على السخريّة من كل شيء، وبالأخصّ من الأنظمة السياسيّة المتعاقبة على حكم مصر بعد سقوط حسني مبارك... سواء كان المجلس العسكري أو الرئيس المعزول، محمد مرسي.
ولعلّ هذه أسباب كافية لرعب نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي الحالي، من كل ما يسخر منه... سواء بكاريكاتير، تغريدة، أو فيديو لشباب يحتفل مع قوات الشرطة بـ "واقي ذكري" في ذكرى الثورة أو حتى الرسومات والإشارات وغيرها.
وخروج في مداخلة صحافيّة مع الإعلامي عمرو أديب، أول من أمس، ليقول إنّه "ما بيزعلش من حدّ"، حينما سُئل عن الرسام إسلام جاويش، ليس كافياً لإنكار جميع الوقائع التي تمّ فيها اتهام مصريين بإهانة الرئيس، أو السخرية منه، أو حتى اختلاق تهم وزجّ مصريين في السجون من دون محاكمة، لإزعاجهم النظام العسكري، أو رئيسه.
التهمة الدائمة
"إهانة الرئيس".. اتهام انتشر، أخيراً، وأعاد استخدامه النظام المصري عقب القبض على إسلام جاويش، رسام الكاريكاتير صاحب صفحة "الورقة" على موقع "فيسبوك". وهو الاتهام الذي نفته وزارة الداخلية المصريّة في بيانها، بعد القبض عليه بساعات. وقالت الداخلية إنّه "يُدير موقعاً خاصاً به على شبكة المعلومات الدوليّة دون ترخيص بالمخالفة لقانون تنظيم الاتصالات". وذلك ما نفاه محمود عثمان، محامي جاويش، في تصريحات صحافيّة، مؤكدًا أنّ إسلام جاويش خلال التحقيق معه داخل قسم أول مدينة نصر (شرق القاهرة) وجهت له تهمة "رسم كاريكاتير مسيء للنظام".
اقرأ أيضاً: أبرز 9 رسومات ساخرة رداً على اعتقال إسلام جاويش
الدكتور عادل عامر، الخبير في المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية في جامعة الدول العربية، قال في تصريحات صحافية سابقة بشأن "إهانة الرئيس"، إنّ هذا الاتهام مأخوذ من قانون قديم يعود إلى أيام الملكيّة، وكان يعرف بـ "إهانة الملك"، وذلك على اعتبار أن الملك بحكم الدستور يملك ولا يحكم، وبالتالي لا يحق لأحد أن يتعرض له بمنطق أنه ليس موظفًا أو يمارس عملاً، "ولكن في ظل النظام الجمهوري أصبح الرئيس يعمل ويحكم، وهو موظف عام، وبالتالي فأعماله معرضة للانتقاد بالسلب أو الإيجاب أو المدح أو الذم".
أكثر المتضررين من هذه التهمة، كان الشاب عمرو نوهان، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات من محكمة عسكرية لرسم آذان شخصيّة "ميكي ماوس" الكرتونيّة للرئيس المصري، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما وجهت إليه التهمة الجاهزة اليوم: "قلب نظام الحكم".
وكان نوهان على وشك إنهاء خدمته العسكرية في مطروح، المدينة القريبة من الحدود الليبية لمصر، ونقل موقع مترو البريطاني عن شقيقه منصور نوهان: "نحن حقاً في دولة ميكي ماوس. التهكم هو طريقة أي شعب يمتلك عقلية مستقلة للتعبير عن أنفسهم، عمرو كان يتوق لإنهاء خدمته العسكرية والبدء في حياة جديدة، لقد أراد السفر والعمل في مركز قانون يركز على حقوق الإنسان".
عهد مرسي
ولعلّ هذه ليست المرة الأولى، التي يتم فيها استخدام اتهام إهانة الرئيس في مصر، فهذا الاتهام انتشر بكثرة في عهد الرئيس، محمد مرسي، وقاد كثيراً من الإعلاميين والصحافيين إلى مكتب النائب العام. وكانت البلاغات في ذلك الوقت إما أن تقدم من مؤسسة الرئاسة مباشرة، أو يقدمها أحد المحامين الموالين للنظام. وإن كانت كل هذه الاستدعاءات لم تؤدي إلى سجن اي صحافي بسبب رأيه.
وكان ضمن بلاغات الرئاسة الذي تقدم ضد وكيل نقابة الصحافيين، جمال فهمي، والذي استفسرت الإدارة المركزية للشؤون القانونية بديوان رئيس الجمهورية محمد مرسي آنذاك، من نقابة الصحافيين عن بيانات شخصية له، تشمل اسمه الرباعي ومحلّ عمله، مما كشف عن بلاغ تقدمت به الإدارة إلى نيابة استئناف القاهرة، تتهم فيه فهمي بنشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها، وربط فيها بين استهداف المصور والصحافي الحسيني أبوضيف، وقتله عمداً، أثناء اشتباكات محيط قصر الاتحادية، وبين كشف الحسيني، في وقت سابق، عن شمول قرارات عفو رئاسي لزوج أخت الرئيس، الذي كان يمضي فترة العقوبة بالحبس لإدانته بالحصول على رشوة.
اقرأ أيضاً: مصر: "حظر النشر".. الشعب آخر من يعلم
وكان البلاغ ضد جمال فهمي حلقة ضمن سلسلة بلاغات تقدمت بها الإدارة القانونية بديوان رئاسة الجمهورية في عهد مرسي. وطاولت البلاغات عدداً من الإعلاميين والصحافيين والشخصيات العامة ومنهم الإعلامي، محمود سعد، ود. منال عمر، استشارية الطب النفسي، وتمت تبرئتهما في ما بعد لعدم وجود أدلة. بالإضافة إلى الصحافية علا الشافعي، وخالد صلاح رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع"، وضد جريدة المصري اليوم، ورئيس قسم أخبار الحوادث بها في ذلك الوقت الصحافي يسري البدري.
ولعلّ من أشهر الذين تم اتهامهم بإهانة الرئيس، كان المذيع الساخر، باسم يوسف، بعد صدور قرار من النيابة العامة بضبطه وإحضاره للتحقيق معه بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وإهانة الرئيس محمد مرسي، وذلك في 30 مارس/آذار 2013، وذلك بعد تقدم أحد المحامين الموالين للنظام ببلاغ ضده. وأعقب ذلك تضامن عالمي واسع مع المذيع المصري الساخر.
رجل الأعمال نجيب ساويرس، أيضاً، وقع لهذا الاتهام، حيث تقدم ناشط يدعى رمضان الأقصري، ببلاغ إلى النائب العام المصري آنذاك، يتهمه فيه بتحريض الشباب على الاحتجاج في ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2015، والتأثير على استقرار البلاد وإشاعة الفوضى، و"تشويه صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
الناشط السياسي، أحمد دومة، والذي يقضي، اليوم، حكماً بالسجن في قضية "أحداث مجلس الوزراء"، لم يسلم حينها من هذا الاتهام، أيضاً، عندما حُبس بناء على قرار محكمة جنح طنطا المنعقدة بمجمع محاكم القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس التي قضت بمعاقبته بالحبس مدة 6 أشهر في قضية اتهامه بإهانة الرئيس، محمد مرسي، مع كفالة مالية لوقف تنفيذ الحكم.
وعن الموضوع نفسه، قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بيان سابق لها "إن كلمة "إهانة" التي استخدمها المشرع المصري في نص المادة 179 من قانون العقوبات هي كلمة مطاطة لا يمكن الاتفاق على تفسير محدد وواضح لها، وإنما يخضع تفسيرها دائماً لرؤية وتقدير أعضاء النيابة والقضاة أثناء نظرهم في قضايا إهانة رئيس الجمهورية، وهو ما جعل الأنظمة المتتالية في مصر تسيء استخدام تلك المادة وتجر الصحافيين وأصحاب الرأي المناوئين لرؤساء الجمهورية إلى المحاكمة أمام المحاكم الجنائية المختلفة على خلفية انتقادهم رؤساء الجمهورية".
اقرأ أيضاً: مصر: الموافقة على قانون الجيش لمكافحة الجرائم الإلكترونية
ولعلّ هذه أسباب كافية لرعب نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي الحالي، من كل ما يسخر منه... سواء بكاريكاتير، تغريدة، أو فيديو لشباب يحتفل مع قوات الشرطة بـ "واقي ذكري" في ذكرى الثورة أو حتى الرسومات والإشارات وغيرها.
وخروج في مداخلة صحافيّة مع الإعلامي عمرو أديب، أول من أمس، ليقول إنّه "ما بيزعلش من حدّ"، حينما سُئل عن الرسام إسلام جاويش، ليس كافياً لإنكار جميع الوقائع التي تمّ فيها اتهام مصريين بإهانة الرئيس، أو السخرية منه، أو حتى اختلاق تهم وزجّ مصريين في السجون من دون محاكمة، لإزعاجهم النظام العسكري، أو رئيسه.
التهمة الدائمة
"إهانة الرئيس".. اتهام انتشر، أخيراً، وأعاد استخدامه النظام المصري عقب القبض على إسلام جاويش، رسام الكاريكاتير صاحب صفحة "الورقة" على موقع "فيسبوك". وهو الاتهام الذي نفته وزارة الداخلية المصريّة في بيانها، بعد القبض عليه بساعات. وقالت الداخلية إنّه "يُدير موقعاً خاصاً به على شبكة المعلومات الدوليّة دون ترخيص بالمخالفة لقانون تنظيم الاتصالات". وذلك ما نفاه محمود عثمان، محامي جاويش، في تصريحات صحافيّة، مؤكدًا أنّ إسلام جاويش خلال التحقيق معه داخل قسم أول مدينة نصر (شرق القاهرة) وجهت له تهمة "رسم كاريكاتير مسيء للنظام".
اقرأ أيضاً: أبرز 9 رسومات ساخرة رداً على اعتقال إسلام جاويش
الدكتور عادل عامر، الخبير في المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية في جامعة الدول العربية، قال في تصريحات صحافية سابقة بشأن "إهانة الرئيس"، إنّ هذا الاتهام مأخوذ من قانون قديم يعود إلى أيام الملكيّة، وكان يعرف بـ "إهانة الملك"، وذلك على اعتبار أن الملك بحكم الدستور يملك ولا يحكم، وبالتالي لا يحق لأحد أن يتعرض له بمنطق أنه ليس موظفًا أو يمارس عملاً، "ولكن في ظل النظام الجمهوري أصبح الرئيس يعمل ويحكم، وهو موظف عام، وبالتالي فأعماله معرضة للانتقاد بالسلب أو الإيجاب أو المدح أو الذم".
أكثر المتضررين من هذه التهمة، كان الشاب عمرو نوهان، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات من محكمة عسكرية لرسم آذان شخصيّة "ميكي ماوس" الكرتونيّة للرئيس المصري، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما وجهت إليه التهمة الجاهزة اليوم: "قلب نظام الحكم".
وكان نوهان على وشك إنهاء خدمته العسكرية في مطروح، المدينة القريبة من الحدود الليبية لمصر، ونقل موقع مترو البريطاني عن شقيقه منصور نوهان: "نحن حقاً في دولة ميكي ماوس. التهكم هو طريقة أي شعب يمتلك عقلية مستقلة للتعبير عن أنفسهم، عمرو كان يتوق لإنهاء خدمته العسكرية والبدء في حياة جديدة، لقد أراد السفر والعمل في مركز قانون يركز على حقوق الإنسان".
عهد مرسي
ولعلّ هذه ليست المرة الأولى، التي يتم فيها استخدام اتهام إهانة الرئيس في مصر، فهذا الاتهام انتشر بكثرة في عهد الرئيس، محمد مرسي، وقاد كثيراً من الإعلاميين والصحافيين إلى مكتب النائب العام. وكانت البلاغات في ذلك الوقت إما أن تقدم من مؤسسة الرئاسة مباشرة، أو يقدمها أحد المحامين الموالين للنظام. وإن كانت كل هذه الاستدعاءات لم تؤدي إلى سجن اي صحافي بسبب رأيه.
وكان ضمن بلاغات الرئاسة الذي تقدم ضد وكيل نقابة الصحافيين، جمال فهمي، والذي استفسرت الإدارة المركزية للشؤون القانونية بديوان رئيس الجمهورية محمد مرسي آنذاك، من نقابة الصحافيين عن بيانات شخصية له، تشمل اسمه الرباعي ومحلّ عمله، مما كشف عن بلاغ تقدمت به الإدارة إلى نيابة استئناف القاهرة، تتهم فيه فهمي بنشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها، وربط فيها بين استهداف المصور والصحافي الحسيني أبوضيف، وقتله عمداً، أثناء اشتباكات محيط قصر الاتحادية، وبين كشف الحسيني، في وقت سابق، عن شمول قرارات عفو رئاسي لزوج أخت الرئيس، الذي كان يمضي فترة العقوبة بالحبس لإدانته بالحصول على رشوة.
اقرأ أيضاً: مصر: "حظر النشر".. الشعب آخر من يعلم
وكان البلاغ ضد جمال فهمي حلقة ضمن سلسلة بلاغات تقدمت بها الإدارة القانونية بديوان رئاسة الجمهورية في عهد مرسي. وطاولت البلاغات عدداً من الإعلاميين والصحافيين والشخصيات العامة ومنهم الإعلامي، محمود سعد، ود. منال عمر، استشارية الطب النفسي، وتمت تبرئتهما في ما بعد لعدم وجود أدلة. بالإضافة إلى الصحافية علا الشافعي، وخالد صلاح رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع"، وضد جريدة المصري اليوم، ورئيس قسم أخبار الحوادث بها في ذلك الوقت الصحافي يسري البدري.
ولعلّ من أشهر الذين تم اتهامهم بإهانة الرئيس، كان المذيع الساخر، باسم يوسف، بعد صدور قرار من النيابة العامة بضبطه وإحضاره للتحقيق معه بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وإهانة الرئيس محمد مرسي، وذلك في 30 مارس/آذار 2013، وذلك بعد تقدم أحد المحامين الموالين للنظام ببلاغ ضده. وأعقب ذلك تضامن عالمي واسع مع المذيع المصري الساخر.
رجل الأعمال نجيب ساويرس، أيضاً، وقع لهذا الاتهام، حيث تقدم ناشط يدعى رمضان الأقصري، ببلاغ إلى النائب العام المصري آنذاك، يتهمه فيه بتحريض الشباب على الاحتجاج في ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2015، والتأثير على استقرار البلاد وإشاعة الفوضى، و"تشويه صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
الناشط السياسي، أحمد دومة، والذي يقضي، اليوم، حكماً بالسجن في قضية "أحداث مجلس الوزراء"، لم يسلم حينها من هذا الاتهام، أيضاً، عندما حُبس بناء على قرار محكمة جنح طنطا المنعقدة بمجمع محاكم القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس التي قضت بمعاقبته بالحبس مدة 6 أشهر في قضية اتهامه بإهانة الرئيس، محمد مرسي، مع كفالة مالية لوقف تنفيذ الحكم.
وعن الموضوع نفسه، قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بيان سابق لها "إن كلمة "إهانة" التي استخدمها المشرع المصري في نص المادة 179 من قانون العقوبات هي كلمة مطاطة لا يمكن الاتفاق على تفسير محدد وواضح لها، وإنما يخضع تفسيرها دائماً لرؤية وتقدير أعضاء النيابة والقضاة أثناء نظرهم في قضايا إهانة رئيس الجمهورية، وهو ما جعل الأنظمة المتتالية في مصر تسيء استخدام تلك المادة وتجر الصحافيين وأصحاب الرأي المناوئين لرؤساء الجمهورية إلى المحاكمة أمام المحاكم الجنائية المختلفة على خلفية انتقادهم رؤساء الجمهورية".
اقرأ أيضاً: مصر: الموافقة على قانون الجيش لمكافحة الجرائم الإلكترونية