إنهم يكتبونني

08 مارس 2015

صلاح عبد الصبور: يتحور بعض المكرورين إلى طبل منفوخ

+ الخط -

ـ "كان حريصاً على أن يختلي بي، لكي يخبرني بأن على الواحد أن يعيش ويراقب ما شاء، شرط أن يحرص على بقاء مسافة بينه وبين الواقع، مسافة يأمن معها ألا ينكسر قلبه. وأنا لا أنسى هذه الوصية، لأنها، شأنها شأن الوصايا التي لا تُنسى، قيلت في وقتها تماماً، لم يقلل من قيمتها أن القلب كان قد انكسر فعلاً"
إبراهيم أصلان من كتابه (خلوة الغلبان)
ـ "سنصيرُ شعباً، إن أَردنا، حين نعلم أَننا لسنا ملائكةً، وأَنَّ الشرَّ ليس من اختصاص الآخرينْ. سنصير شعباً حين لا نتلو صلاة الشكر للوطن المقدَّس، كلما وجد الفقيرُ عشاءَهُ، سنصير شعباً حين نشتم حاجبَ السلطان والسلطان، دون محكمةٍ، سنصير شعباً حين يكتب شاعرٌ وصفاً إباحياً لبطن الراقصةْ، سنصير شعباً حين ننسى ما تقولُ لنا القبيلة، حين يُعْلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرةْ، سنصير شعباً حين ينظر كاتبٌ نحو النجوم، ولا يقول: بلادنا أَعلى ... وأجمل".
محمود درويش من قصيدة (إن أردنا)
ـ "ما أنقذني من الانهيار هو شخص آخر بداخلي، ليس ضميراً، ولا نفسا لوامة، شخص من عقل خالص، بارد، لا مشاعر له ولا أحاسيس، قاطع كالسيف، إنه بوصلتي، حين تختلط السبل، لولاه لوصلت إلى الانحراف الخالص والإجرام المجاني، أو لتلاشيت وانتحرت".
الكاتب التونسي شكري مبخوت من روايته (الطلياني)
ـ "الليل، الليل يُكرِّر نفسه.. ويكرر نفسه.. والصبح يكرر نفسه.. والأحلام، وخطوات الأقدام.. وهبوط الإظلام.. وهبوط الوحشة في القلب مع الإظلام.. رعشات الأوردة المثلوجة المحرورة.. ورفيف الرايات المنصورة والمكسورة.. قصص القتلى والقتلة.. وفكاهات الهزليين وهزل الفَكِهين.. وضجيج الطرقات وجنازات الأموات.. حتى سئم التكرار يكرر نفسه.. مدينة كهذه المدينة الغريبة... تكاثرت على مدى الزمان، كَرّرت أيامها.. وخزنت في لحمها وجلدها المُكرّرين.. تسع ملايين من المُكرّرين.. تتمرد بعض المدن على التكرار.. وتحاول جاهدة أن تتشبه بالمدن الأحلام.. أو المدن التاريخ كما نسجتها الأوهام.. أو المدن الآثار كما تحكى عنها الأصنام.. أو المدن اليوتوبيا المرسومة من عبث الأقلام.. المدن المرسومة في كهف مرايا الله.. ظِلّا دون قوام..يتمرد بعض المكرورين على التكرار.. يتحور بعض المكرورين إلى نقش فوق جدار.. أو نحت من أحجار.. لكن الريح... الشمس ... الأمطار.. تسلمهم للتكرار.. يتحوّر بعض المكرورين إلى أصوات... أو أنغام أو أشعار.. لكن هدير الزمن الدوار.. يبتلع الزامر والمزمار.. يتحور بعض المكرورين إلى طبل منفوخ.. لكن ما تُثبته الصحف اليومية والحوليات ينساه التاريخ".
صلاح عبد الصبور ـ من قصيدة كتبت في خمسينيات القرن الماضي
ـ "إذا قطّب ملاك الثورات يوم الحشر والبعث والنشور جبينه، غاضباً من بؤس النتيجة، فسأقول له: الحرب الروحية ضد الظلمات طويلة المدى. أعترف بالهزيمة، لكني لم أستسلم بعد حتى اليوم".
الروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري من روايته (ابنة سوسولوف)
ـ "عندما كنت شاباً، كانت لذتي في خلق أعداء لا تعادلها لذة، أما، الآن، فما أن أكسب عدوا حتى تكون فكرتي الأولى هي التصالح معه، كي لا أنشغل به. امتلاك أعداء مسؤولية كبيرة، حِملي يكفيني، لم أعد قادرا على حمل أعباء الآخرين".
إميل سيوران من كتاب (مساوئ أن يكون المرء قد وُلِد)
ـ "قلت لك إنني أقرأ جميع الكتب الصادرة، ولكن لا تفهمني خطأ، فأنا لا أقرأها إعجابا بها، إنما أقرأها بدافع الفضول وحب الاطلاع، باحثاً عن ذلك الذي عثر على ما لم أعثر عليه، وأطيل البحث. ولكن، ويا للأسف، لا أجد ما أبحث عنه في معظم الأحيان، فعندما أزيل زخرف الجمل المزينة، تبرز لي عواطف فجة من: الطموح والشهوة والرغبة في نيل الإعجاب، والقلق من الانتقاد، وشتى أنواع التعاسة، ويضحكني ركام الكتب والقصص والروايات المكتوبة على عجل، بدعوى "إفهام الإنسان"، وعند نقطة معينةٍ لا أستطيع الضحك من الجهد الذي يبذله أولئك السيدات والسادة، للتخلص من هاجس إخفاء تخبطهم في دوامة القلق على مبيعاتهم اليومية".
الروائي التركي مراد غلوصي من رواية (سبعة أيام في نهر الجنون)
ـ "لا أقاوم العالم، أقاوم قوة أكبر، أقاوم تعبي من العالم".
إميل سيوران من كتاب (التمزق)


 

دلالات
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.