تفاقمت أزمة توفير العمالة المنزلية في السعودية، بعد قرار الحكومة الإندونيسية منع تصدير عمالتها لنحو 21 دولة، من بينها السعودية وبعض دول الخليج ومصر ولبنان، واستدعاء العمالة الموجودة هناك فعلاً.
وقد تزامن هذا القرار مع خلاف حاد نشب بين وزارة العمل ومكاتب الاستقدام في المملكة حول الأجور ومدة الاستقدام، رفضت المكاتب على إثره إبرام تعاقدات جديدة ما آثار أزمة حادة في عاملات المنازل.
ودفع هذا الخلاف أكثر من 100 مكتب استقدام لرفع شكاوى في المحكمة الإدارية متهمين فيها وزارة العمل بتجاهل اعتراضهم على القرار الذي يلزم المكاتب بدفع غرامة قدرها مائة ريال يومياً (27 دولاراً) مقابل كل يوم تأخير بعد مضي شهرين من تقدم العميل بطلب الاستقدام، وحدد ديوان المظالم في مدينة الرياض جلسة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، للنظر في صحيفة الدعوى.
وقال المتحدث بالنيابة عن المعترضين، ماجد الهقاص، إنهم تقدموا باعتراض على قرار تحديد سعر الاستقدام قبل أكثر من ثلاثة أشهر، غير أن الوزارة تجاهلتهم مما دعاهم للجوء لديوان المظالم. وأضاف في مقابلة مع "العربي الجديد": "إضافة لغرامة المائة ريال عن كل يوم تأخير، فإن الوزارة تُلزم المكاتب برد كامل رسوم الاستقدام للعميل إضافة للغرامة، وذلك في حال عدم وصول الخادمة، وهذا أمر غير مقبول".
وكانت وزارة العمل السعودية، قد أصدرت قرارها بتحديد مدة استقدام العمالة المنزلية بـ 60 يوماً، وبسبب ذلك رفضت كثير من المكاتب استقبال طلبات جديدة خوفاً من التورط في دفع غرامة تصل إلى 3000 ريال (800 دولار) في حال التأخر عن شهرين فقط، وهو ما خلف آلاف العقود المتراكمة.
من جانبه، أكد عضو اللجنة الوطنية للاستقدام فراج الشمري أنه لا يمكن توفير العمالة المنزلية خلال شهرين فقط، بخاصة مع تكدس الطلبات القديمة، ويضيف الشمري: "لا يمكن توفير العمالة قبل أربعة أشهر من تقديم الطلب، وهذا يعرضنا لخسائر كبيرة بسبب غرامة التأخير، وهذا أمر لو استمر سيفضي إلى خروج كثير من المكاتب من السوق، لهذا كان من الطبيعي أن نرفض العقود الجديدة". وتابع أن مطالبهم تتلخص في ترك مدة استقدام العاملة لقاعدة العرض والطلب، وأن تكون اتفاقات وزارة العمل المصدرة للعمالة هي نفسها التي تطبق في دول الخليج الأخرى.
في المقابل، ردت وزارة العمل على هذه الشكاوى بالتحذير من التعامل مع مكاتب الاستقدام المخالفة، أو غير المرخصة وغير المسجلة في موقع (مساند) الخاص باستقدام العمالة المنزلية، والذي يُلزم المكاتب بتحديد أسعارها.
اقرأ أيضاً: تصاعد أزمة استقدام العمالة المنزليّة في السعودية
وعلقت الوزارة نشاط إحدى كبرى شركات الاستقدام في السعودية لمخالفتها الأنظمة الجديدة، كما ألغت تصريح أحد مكاتب الاستقدام في العاصمة الرياض لعدم التزامه بأحكام لائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام العمالة للغير.
خلاف مع إندونيسيا
وقالت الحكومة الإندونيسية إن قرار منع تصدير العمالة المنزلية إلى السعودية سيكون "نهائياً ولا رجعة فيه"، كما ستسعى الحكومة إلى إعادة من تبقى من العمالة المنزلية من عاملات منزليات وسائقين إلى إندونيسيا، في فترة أقصاها 15 شهراً، وأكدت مصادر أنه بحلول 2017 لن يكون هناك أية عمالة إندونيسية في تلك الدول.
وأرجعت مصادر في الحكومة الإندونيسية قرارها الذي يشمل 21 دولة، منها السعودية والكويت، وقطر والبحرين وعُمان والأردن والإمارات ولبنان ومصر، إلى المشاكل التي تتعرض لها عمالتها هناك، بخاصة أن سفارتها في الرياض تستقبل ما يقارب العشر شكاوى يومياً، غالبيتها على خلافات في الأجور، ومطالبة العمالة بالعودة إلى بلدها، وذلك بسبب "استمرار غياب قواعد ومعايير تنظيم العمالة المنزلية في تلك الدول، بخاصة المتعلقة بالحقوق المادية والمعنوية".
ونشب الخلاف بين السعودية وإندونيسيا منذ أكثر من ست سنوات، بعد أن قررت السعودية منع الاستقدام من الدولة الأسيوية المسلمة بسبب مجموعة من الشروط التي أعلنتها إندونيسيا، والتي أُعتبر أنها تخالف عادات وتقاليد المجتمع السعودي.
وفشلت جميع المفاوضات التي تمت على مراحل متعددة طوال السنوات الماضية، قبل أن تنفرج الأزمة قبل نحو عام ونصف بعد الاتفاق على شروط جديدة، أبزرها رفع راتب العاملة المنزلية إلى نحو 320 دولاراً، وبعض المميزات الإضافية ولكن بعد أشهر من القرار عادت الحكومة الإندونيسية لتفرض شروطاً جديدة، مما أعاد الأمور للمربع الأول.
وليست إندونيسيا فقط من قررت وقف تصدير عمالتها المنزلية، فقبل أشهر قررت كل من كينيا وأثيوبيا منع تصدير عمالتها للسعودية والخليج، مطالبين برفع رواتبهم التي تستقر عند 200 دولار شهرياً.
وقرر وزير العمل الكيني قبل يومين، وقف تصدير العمالة المنزلية من بلاده للسعودية بسبب عدم وجود اتفاقية رسمية بين البلدين تحفظ حقوق الجميع، وتورط عدد من السماسرة غير المرخصين في التعاقد مع عمالة بشكل غير نظامي وفي عقود غير محددة.
في المقابل، أكدت وزارة العمل على أنه لا صحة لإيقاف استقدام العمالة من بنغلاديش وأن الجانب البنغلادشي أبدى استعداده لإرسال عمالة منزلية إلى السعودية خلال أشهر.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة العمل تيسير المفرج، لـ "العربي الجديد" أن "العمل جار على الاستقدام، وتم وصول عدد من العمالة البنغلادشية النسائية قبل نحو شهرين".
ويعمل في السعودية أكثر من 700 ألف عامل إندونيسي، النسبة الكبرى منها نساء، فيما يبلغ عدد العمالة المنزلية من كينيا حالياً نحو 200 ألف عاملة وأكثر من 900 ألف عاملة إثيوبية، ويترقب سوق الاستقدام في المملكة فتح باب الاستقدام من قيرغيزستان والنيبال والهند وبورما في خطوة يعتبرها العاملون بالسوق مهمة لمواكبة الطلب على العمالة المنزلية وفتح بلدان جديدة.
اقرأ أيضاً:
العمالة المنزلية تثير أزمة في السعودية
العمالة المنزلية السيرلانكية الأعلى تكلفةً في السعودية والكينية الأرخص