لطالما قدّم الناقد والمؤرخ الموسيقي اللبناني إلياس سحاب، قراءات مختلفة في صوت فيروز، ويستكمل بحثه في تجربة جارة القمر عند السابعة من مساء اليوم، الإثنين، في المكتبة العامة لبلدية بيروت في الباشورة.
المحاضرة التي يلقيها سحاب اليوم، بعنوان "فيروز: أغاني فيلم سفر برلك"، تقف عند أغنيات الفيلم الذي أخرجه هنري بركات ولعبت بطولته فيروز في دور عدلا التي تعيش جدتها في ضيعة مجد الديب. وتنتظر يوم خطبتها من حبيبها عبدو الذي يأخذه العسكر العثماني إلى الحرب.
غنّت فيروز في هذا الفيلم عدّة أغان، من بينها "يا أهل الدار" و"علموني" و"يا طير"، و"اطلعي يا عروسة" و"دوارة" و"عنبية"، ويغني فيه أيضاً مطرب لم يشتهر كثيراً رغم جمال صوته، وهو محمد مرعي الذي يغني "يا بنت شيخ الكار".
بالنسبة إلى سحاب فإن "صوت فيروز كان بشكل رئيسي هو الحاملة التي حملت التطوير الموسيقي والتطوير الشعري اللذين قام بهما الأخوان الرحباني أولاً بكلام الأغنية العربية وثانياً باللحن بالموسيقي".
يتفق سحاب مع عبد الوهاب الذي كان يعتبر أن أجمل ما في صوت فيروز هو الطبقات الوسطى والمنخفضة، وفعلاً كانت فيروز، عندما تريد أن تغني الطرب بالمعنى الحقيقي، ترتكز على الطبقات الوسطى والمنخفضة في صوتها ولم تكن تقترب من الطبقات العليا.
من المعروف أن الأخوين الرحباني عملا مع صوت فيروز على خطين، فكانا يلحنان على آلتين موسيقيتين، "البيانو" وآلة "البزق"، فعندما كانا يريدان أن يضعا لها ألحاناً من مقامات عربية ومنها مقام "البياتي" و"الراست" و"الهزام" و"السيكا" و"الصبا" إلى آخره كان التلحين يتم غالباً على "البزق"، وهكذا لحنت أغاني "سفر برلك".
حملت أغنيات فيروز وصوتها خصائص الأنغام الشعبية المشرقية، بخلاف أم كلثوم واسمهان ونجاة، فقد كان في صوتها الحساسيات الغنائية للأشكال الفولكلورية القريبة من الذاكرة العربية، وخصوصاً الشامية منها، إلى جانب براعتها في أشكال كلاسيكية عربية متجددة، وأغنيات "سفربرلك" تحمل المزاج الشعبي الذي يجمع الذاكرة الفلسطينية باللبنانية والسورية.