تسود حالة من الغضب حالياً داخل الجهاز الإداري للعاملين بالدولة المصرية بسبب قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلغاء العلاوة الدورية، وتوجيه تلك الأموال إلى بناء مدارس جديدة لمواجهة زيادة عدد المقبولين سنوياً.
وكان السيسي أكد في تصريحات له مؤخراً، أن مصر في حاجة لتوفير 250 ألف فصل دراسي بتكلفة تقدر بـ 130 مليار جنيه، نظرًا لأن الكثافة الطلابية تزيد بمعدل 700 ألف طالب وطالبة كل عام، قائلًا: “إن التحدي ده كبير لكن الأكبر منه في تقديري إزاي تتم عملية التشغيل".
أزمات اجتماعية ضاغطة
وتعد العلاوة السنوية لموظفي الدولة من أهم محفزات العمل، ينتظرها الموظف كل عام من أجل زيادة دخله السنوي لمواجهة غلاء الأسعار وارتفاع المعيشة. وذلك، من جراء الزيادة السنوية التي تقرها الحكومة في أسعار الكهرباء والمياه والوقود، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع جميع أنواع السلع الغذائية وارتفاع المواصلات والأدوية وغيرها في السوق المصرية.
والعلاوة طبقاً لقانون الخدمة المدنية الذي أقرته الحكومة المصرية عام 2016 تكون الزيادة ما بين 7 و10% على الراتب، وذلك مع بداية العام المالي الجديد الذي يبدأ في الأول من يوليو/ تموز من كل عام.
وعلى الرغم من أن العلاوة السنوية بحد ذاتها محفزة، إلا أن البعض يرى أنها غير كافية، كونها لا تغطي تكاليف المعيشة التي يواجهها الموظف في الوقت الحالي، في ظل ارتفاع متطلبات الحياة الأساسية.
فيما أكد مصدر مسؤول أن هناك اتجاها عاما داخل الحكومة المصرية، للقضاء على الجهاز الإداري للدولة، لاتهامه بأنه يلتهم الموازنة العامة للدولة وأن الحكومة المصرية تسير بخطوات جادة في ذلك تنفيذا للبرنامج الاقتصادي الذي وعدت به صندوق النقد الدولي؛ للموافقة على حصول مصر على قرض الـ 12 مليار دولار.
ومن أهم بنود هذا البرنامج تخفيض العمالة في القطاع الحكومي للدولة وهو ما دفع الحكومة إلى الإعلان رسمياً عن وقف التعيينات بالجهاز الإداري للدولة.
وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه إن مصر حصلت على 8 مليارات دولار من صندوق النقد وإنها في انتظار على الحصول على باقي المبلغ وهو 4 مليارات دولار العام المقبل. وإنها أمام ذلك تحاول جاهدة توصيل رسالة للصندوق بأن مصر ماضية في تنفيذ قراراته.
إرضاء صندوق النقد
هذه القرارات كانت ولا زالت، وفق المحللين، وبالاً على الشارع المصري وحولت الطبقة الوسطى إلى طبقة فقيرة لتزيد شريحة الفقراء في مصر.
وأوضح المسؤول لـ "العربي الجديد" أن خطة تخفيض موظفي الحكومة، أحد محاور البرنامج الاقتصادي الذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على القرض مؤخراً، حيث تقوم الخطة على الاستغناء عما يقرب من 3 ملايين موظف بنسبة 50% من عدد العاملين بالدولة خلال السنوات المقبلة طبقاً لما تضمنته توصيات صندوق النقد الدولي، ويتم حصر من تخطى الخمسين عاماً، والبحث عن طريقة قانونية لإجبارهم على الخروج على المعاش.
كما شهدت الأيام الماضية إحالة الكثير من الموظفين لـ "الكومسيون الطبي" تمهيداً لإخراجهم من العمل عرض موظفين آخرين لمضايقات إدارية لإجبارهم على الخروج على المعاش المبكر.
وخطة الحكومة لتخفيض موظفي الجهاز الإداري بالدولة تم تمريرها لـ "الرأي العام" عبر مجلس النواب، حيث تجددت المطالب بوقف تعيينات الحكومة بسبب تردي الأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وكان ذلك واضحاً، وفق المحللين، بعدما طالب النائب حسن السيد، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان، الحكومة بسرعة اتخاذ خطوات واضحة للقضاء على زيادة العمالة وهي عدم تعيين أحد في الفترة الحالية في الحكومة، وفتح المجال أمام المعاش المبكر.
وكذلك تدريب الشباب على الأدوات الحديثة وإعادة تأهيلهم بشكل يتناسب مع الوسائل الحديثة لسد فراغ الخارجين من الجهاز الإداري بالحكومة، وفتح الباب أمام الهجرة الداخلية في الجهاز الإداري في الدولة لسداد الفراغ والنقص بين الوزارات.
مشكلة في القطاع الخاص
كما أثار قرار السيسي بإلغاء العلاوة الدورية خلال العام المالي الجديد، أزمة داخل العاملين بالقطاع الخاص، حيث وجدها بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات فرصة إلى عدم المطالبة بالمثل.
كما تعززت مخاوف من أن تكون هناك عمليات فصل وتضييق على العاملين بهذا القطاع من قبل المسؤولين بحال غضبهم بعدم معاملتهم مثل القطاع العام.
وفجر عدد من العاملين بدواوين حكومية عدة مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفين عن تناقص أجورهم بداية من شهر يوليو/ تموز الماضي، بحجة زيادة نسبة الاستقطاعات الخاصة بمعاشات الأجر الوظيفي.
واتهم الموظفون وزارة المالية والتخطيط بالوقوف وراء قرار السيسي بمنع صرف العلاوة المقبلة وتوجيهها إلى بناء المدارس.
وأكد هؤلاء أنهم غير معنيين بتلك المسألة وأن الحكومة تقوم بفرض ضرائب شهرية، وتوجيه أموال تلك الضرائب إلى البنية التحتية التي من بينها بناء المدارس.
ورأى عدد من العاملين أن الغاء العلاوة الدورية غير قانوني، وأن ذلك يأتي تمهيداً لإلغائها نهائيا وهو ما سيؤدي إلى انتشار الرشوة والفساد والجرائم بأنواعها المختلفة.