إقبال أجنبي على شراء شركات "بن علي" المصادرة

17 اغسطس 2018
الماطري خلال افتتاح بنك الزيتونة في 2010(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت المناقصات التي طرحتها مجموعة الكرامة القابضة التي تدير المؤسسات المصادرة للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته، أن مستثمرين  أجانب يهتمون اهتماما كبيرا بشرائها، بعد أن انتقلت حصصها للدولة بمقتضى مرسوم المصادرة، مقابل عزوف شبه تام من المستثمرين المحليين على المشاركة في هذه المناقصات.

وتختلف اهتمامات المستثمرين الأجانب في اقتناء هذه الشركات حسب نوعيتها وقيمتها في النسيج الاقتصادي  التونسي، حيث تبقى المؤسسات المصرفية والصناعات الثقيلة من أكثر القطاعات إقبالا من المستثمرين الأجانب.

ومن المنتظر أن يكون شهر سبتمبر/أيلول القادم حاسما في أهم عملية بيع للمؤسسات المصادرة التي تنفذها الحكومة  منذ سنة 2011، وذلك بالكشف عن نتائج مناقصات بيع حصة من أول بنك إسلامي "الزيتونة" وفرع تأميناته الذي كان ملكا لصخر الماطري صهر بن علي (زوج ابنته)، وشركة إسمنت قرطاج التي كانت مملوكة من قبل صهره بلحسن الطرابلسي (أخو زوجته).

وتتوقع تونس أن تجني القسط الأكبر من المبلغ المخطط تحصيله من عمليات البيع هذا العام من هاتين الصفقتين اللتين يتنافس أكثر من 12 مستثمرا على الحصول عليهما. وتترقب الحكومة تحصيل عائدات بنحو 500 مليون دينار (192 مليون دولار)، من بيع الشركات المصادرة، بعد عرض الحصة التي آلت ملكيتها إلى الدولة للبيع.

وفي حديث لـ "العربي الجديد"، كشف المدير العام لمجموعة الكرامة القابضة، عادل غرار، أن لجنة المصادرة ستحسم قريبا أمر عدد من المؤسسات التي أجريت مناقصاتها، مشيرا إلى أن إقبال مستثمرين أجانب على اقتناء هذه الشركات دليل على تعافي المناخ الاستثماري في البلاد.

وقال غرار إن الدولة تتطلع إلى تحصيل الجزء الأكبر من المبلغ المستهدف من صفقتي التفويت في مصرف الزيتونة وإسمنت قرطاج، مشيرا إلى أن 7 مستثمرين أجانب تقدموا للحصول على هذا المصرف الذي حقق نتيجة استغلال صافية العام الماضي تقدر بـ120 مليون دينار، أي نحو 46 مليون دولار، لافتا إلى أن الإقبال الأجنبي اللافت على البنك الإسلامي الأول في تونس مرده تحقيق المصرف نسبة نمو تقدر بـ10% سنويا، فضلا عن المكانة المهمة التي باتت تحظى بها الصيرفة الإسلامية في النسيج المالي التونسي.

وتعرض الحكومة التونسية حصة 69.15% من رأسمال "مصرف الزيتونة"، و70% من رأسمال "الزيتونة تكافل"، للبيع لشريك استراتيجي تونسي أو دولي.

وفي سياق متصل، بيّن المسؤول عن الكرامة القابضة أن 5 مستثمرين أجانب تقدموا لشراء شركة إسمنت قرطاج، مشيرا إلى أن من بين المتنافسين شركات لها مؤسسات في ذات القطاع، وتتطلع إلى التوسع عبر الحصول على شركة إسمنت قرطاج، وهم برتغالي وإسبانيان.

وعن أسباب عزوف المستثمرين المحليين عن المشاركة في مناقصات المؤسسات المصادرة، قال غرار إن أسبابا عديدة تمنع رجال أعمال ومجموعات اقتصادية تونسية من المشاركة في هذه المناقصات، ومنها غياب الرغبة في الاستثمار المحلي في الظرف الحالي الذي يتميز ببعض المشكلات الاقتصادية وارتفاع كلفة القروض، موضحاً أن المحليين يقبلون أكثر على شراء المنقولات المصادرة، ولا سيما منها العقارات.

وأضاف أن المؤسسات المصادرة ستساهم أيضا في تنشيط القطاع السياحي، بعد إبداء شركات أميركية سياحية بحرية رائدة في هذا المجال، رغبة في اقتناء شركة الميناء السياحي التي كانت ملك صخر الماطري، مشدّداً على أن بيع الشركة سيعيد فرعا مهما من السياحة البحرية إلى تونس.
وبعد إطاحة نظام بن علي، تولت لجنة المصادرة رصد وتوثيق جميع أملاكه، منذ مارس/آذار 2011، فيما أوكلت مهمّة التصرف فيها إلى لجنة حكومية.

وتعول الحكومة على جانب من عائدات الأملاك المصادرة، لضخ تمويلات في ميزانية الدولة بعد احتسابها ضمن قانون المالية، في ظل انحسار موارد الموازنة وتأجيل الخروج للسوق العالمية لاقتراض مليار دولار تجنبا لنسبة فائدة كبيرة.

وبحسب تصريح سابق لوزير بأملاك الدولة والشؤون العقارية، مبروك كورشيد، فقد توصلت الحكومة إلى إنهاء الإجراءات القانونية لعملية التصفية لجُل المؤسسات والعقارات المصادرة، مما يسهل عملية الخصخصة، لا سيما أنه سبق للقضاء أن نقض عددا من قرارات المصادرة، مما أدى إلى صعوبات في البيع وخسارة قيمتها.

ولم تستطع تونس تحديد قيمة ثروة بن علي وعائلته التي قام بتهريبها إلى خارج البلاد، وقال البنك المركزي التونسي، في تقارير سابقة، إنه توصل إلى تحديد ممتلكات وأموال منهوبة في 10 بلدان. وأكد عدم وجود أرقام رسمية دقيقة عن قيمة الأموال المهربة إلى الخارج، لكن خبراء يقدرون قيمة الثروة بعشرات المليارات من الدولارات.
المساهمون