قال مفتي الجمهورية التونسية حمدة سعيد، إن "قتل النفس بالحرق أو بالغرق أو بالخنق أو بأي وسيلة كانت حرام في الإسلام".
وفي بيان صادر اليوم عن ديوان الإفتاء بيَّن حمدة سعيد أن "العلماء أجمعوا على أن الانتحار من الآثام العظيمة والذنوب الكبيرة التي تغضب الله عز وجل".
وأوضح حميد في بيانه أن "مردّ الانتحار هو ضعف الإيمان بأن رحمة الله أوسع من أسباب اليأس والقنوط".
وجاءت تصريحات مفتي الديار بعد أن تفاقمت في تونس ظاهرة الانتحار، حيث شملت فئات مختلفة من المجتمع التونسي ونقلت تقارير إعلامية محلية أنه ومنذ يناير/ كانون الثاني 2011 فاقت حوادث الانتحار الـ 400 حالة.
وتعد حادثة الانتحار الأشهر في تونس، تلك التي شهدتها محافظة بوزيد جنوبي البلاد، عندما أضرم البائع التونسي محمد بوعزيزي النار في نفسه، ما أدى لوفاته في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2010، والتي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات الشعبية في تونس، وأنهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.
ومفتي الجمهورية التونسية (أو مفتي الديار التونسية سابقا) هو المستشار والمسؤول الأول لدى الدولة المكلف بالشؤون الدينية والإسلامية.
ويعيّن مفتي الجمهورية من قبل رئيس البلاد، ويباشر مهامه في مقر دار الإفتاء الموجودة في ساحة القصبة بجانب مقر رئاسة الحكومة في تونس العاصمة.
وتصاعدت وتيرة محاولات الانتحار بتونس خلال السنوات الأخيرة حتى وصلت إلى معدل 15 حالة وفاة و20 محاولة انتحار شهريا، أكثر من 60 في المئة منها انتحار عن طريق الحرق، وذلك وفق إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية التونسية.
وهزت المجتمع التونسي نهاية الشهر الماضي، حادثة إقدام تلميذ عمره 14 عاما بالسنة التّاسعة في إحدى المدارس الإعدادية بمحافظة سيدي بوزيد على إضرام النّار في جسده داخل المدرسة، ما أسفر عن إصابته بحروق من الدرجة الثالثة إثر مشكلة مع مدير مدرسته.
يذكر أنّه تم تسجيل أكثر من 220 حالة انتحار في الـ 3 سنوات الأولى من اندلاع الثورة، وتشمل الإحصاءات الرّسمية نحو 53 في المئة من الشباب، كما تشمل بقية الفئات العمرية حتى الشيوخ (الأعمار من 13 إلى 70 سنة).
وبعد أن كان الانتحار يتم سرا وفي أماكن بعيدة أو مغلقة، تحول الانتحار -لا سيما حرقا- من مسألة خاصة إلى مسألة عامة، وأصبح يتم أمام الجميع ليبين حجم الاحتجاج والمعاناة التي يعانيها المنتحر.
وللانتحار أسباب متعددة، منها اجتماعیة أو اقتصادية، أو بسبب الأمراض النفسية والقلق
والشعور بالیأس، أو تعاطي المخدرات.
وأوضح عماد الرقيق -أخصائي علم النفس- أنّ ظاهرة الانتحار تضاعفت في تونس بعد الثورة بسبب حالة الفوضى وضبابية الرؤية السّياسية والاقتصادية والخوف من المستقبل. مشيرا إلى أنّ الضغوط الاقتصادية، وغياب الحلول، وانسداد الآفاق خاصّة أمام الشباب، إلى جانب وضعية البلاد، كلها عوامل تحفّز بعض الفئات خاصة المهمشين على الإقدام على الانتحار.
وتفاقمت ظاهرة الانتحار حرقا خلال الفترة الأخيرة في تونس حتى بلغت مرحلة مثيرة للقلق والخوف والصدمة، وباتت تتطلب دراسة معمّقة من أجل وضع حدّ لها بعد أن انتشرت بين الشباب في مختلف المدن والقرى، بل شملت جميع محافظات البلاد تقريبا من دون استثناء، حتى باتت الصحف اليومية في تونس لا تكاد تخلو من خبر عن إقدام شخص على حرق نفسه.