وعلى خلاف بعض الثقافات التي استطابت لحم الإغوانا، أو تركتها وشأنها في غابتها، قررت غواياكيل منذ قرن أن تستأنس هذه السحلية البرية، وتجعلها جاراً أهلياً في حديقة عامة مفتوحة، تدعى حديقة سميناريو.
ولم يكن الأمر شاقاً. فماذا تريد الإغوانا سوى أشجار باسقة تتغذى على أوراقها، وتصعد إليها ببطء مع غياب الشمس، ونهاراً تهبط لتسلّم على الناس بهزّات رتيبة من رأسها، وتأخذ تموينها من الخس والموز.
لا تضطر الإغوانا إلى الخروج من حديقة مفتوحة بلا أسوار. فليس لديها ما يغري في الشوارع والحافلات والأبراج، بينما يزورها الوافدون لتحية هذه العظاية، الممثلة الشرعية الأخيرة للديناصورات الأجداد.
هي إما أن تكون جارة هنا، أو في أول منزل لها خارج غواياكيل، حيث المناطق الزراعية السهلية الشاسعة والغابات الاستوائية على الأنهار الكريمة.
هنا في الحديقة، ثمة باعة لمياه الشرب لا ينقص عددهم، ومصورون، وباعة أوراق اليانصيب، وذوو المهارات المسلية. أما باعة الخضروات الورقية والموز، فهؤلاء تحديداً يربطون رزقهم بنزول الإغوانا عن الأشجار نهاراً.
تعبر الإغوانا بين مرتادي الحديقة، من يتمشون ومن هم على مقاعدهم. بعضهم يلمس حراشفها بحذر، وبعضهم لديه من الإلفة معها ما يكفي لملاطفتها أكثر وإطعامها وانتظار أن تهز رؤوسها شاكرة.
في هذه المدينة المزدحمة بالحركة الصناعية والتجارية تبدو حديقة سميناريو المكان الاجتماعي العائلي والسياحي الذي يجد فيه المحليون والغرباء مع الإغوانا زمناً آخر غير ما تقوله ساعة العاصمة الاقتصادية اللاهثة.