العراق: إغلاق كامل لوسط بغداد في ظلّ الاعتقالات وتجدّد الاحتجاجات

بغداد

أكثم سيف الدين

avata
أكثم سيف الدين
02 أكتوبر 2019
B1EF42F4-3012-4C01-A655-7EDEAD7A3857
+ الخط -
بعد ليلة صاخبة من التظاهرات في العاصمة العراقية، والتي امتدت حتى ساعة متأخرة، إلى أحياء شرقها في مدينة الصدر تحديداً، شهدت بغداد، إغلاقاً كاملاً لمناطق عدة من قبل قوات الجيش والشرطة التي نزلت بكثافة إلى الشوارع، وسط تجدد التظاهرات على شكل تجمعات تضم مئات المواطنين في مناطق الشعب والصدر، وسط اعتقالات واسعة تنفذها قوات خاصة في بغداد وجنوب البلاد.

وارتفع عدد الضحايا العراقيين في التظاهرات، إلى قتيلين، بعد مقتل متظاهر آخر في ذي قار جنوبي العراق، بينما ارتفع عدد المصابين الكلي إلى أكثر من 300 حالة جراء إطلاق العيارات النارية أو الاختناق.

وقال مراسل "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ قوات الجيش أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط بغداد بالكامل من جهة الباب الشرقي، وشارع السعدون، وجسر الجمهورية، وشارع أبي نؤاس، في وقت تجمع العشرات من المواطنين في ساحة الطيران القريبة وشارع الشيخ عمر المؤدي إلى الباب المعظم. وشهدت مناطق الشعب والزعفرانية والصدر والفضل تجمعات أيضاً لمواطنين أحرقوا خلالها الإطارات، فيما لا تزال التظاهرات جارية في الناصرية والرفاعي والجبايش والديوانية، في وقت ينتشر الجيش في البصرة المطلّة على مياه الخليج العربي، تحسباً لخروج تظاهرات كبيرة.

وبدت مطالب التظاهرات عشوائية وغير موحدة، في تأكيد على أنّ الغالبية خرجت إلى الشارع بناء على دعوات نشرت على مواقع التواصل، لكنها بالمجمل كانت تطالب بالخدمات والوظائف والقضاء على الفساد والأحزاب التي تتناوب على حكم البلاد منذ الغزو الأميركي البريطاني للبلاد عام 2003.

وقال عضو في البرلمان العراقي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة استفزت المتظاهرين من خلال العنف الذي استخدمته، يوم أمس الثلاثاء، معهم، ولا يعرف كيف سيكون الحال خلال الساعات المقبلة"، مؤكداً أنّ القمع المفرط تسبب بنتائج عكسية في الشارع.

فتح تحقيق

وفي وقت متأخر من ليلة أمس، دعا رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، الجميع إلى التهدئة، مؤكداً فتح تحقيق بأحداث الأمس. ووعد عبد المهدي، في بيان صحافي، بأنّه سيعمل على "تحقيق تطلعات الشعب المشروعة والاستجابة لكل مطلب عادل لمواطنينا"، مؤكداً "حرصنا منذ البداية على وضع حلول حقيقية جذرية لكثير من المشاكل المتراكمة منذ عقود، وبدأنا نتلمس النتائج المرجوة، ومستمرون بالعمل على تحقيقها".

وأضاف إننا "لا نفرق بين المتظاهرين الذين يمارسون حقهم الدستوري في التظاهر السلمي، وبين أبناء قواتنا الأمنية الذين يؤدون واجبهم بحفظ أمن المتظاهرين وأمن الوطن والاستقرار والممتلكات العامة، ولكننا نميز بوضوح بين ضحايانا سواء من المتظاهرين السلميين أو قواتنا الأمنية البطلة التي تحميهم، وبين المعتدين غير السلميين الذين رفعوا شعارات يعاقب عليها القانون، تهدّد النظام العام والسلم الأهلي، وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا من المتظاهرين الأبرياء ومن قواتنا الأمنية التي تعرّض أفرادها للاعتداء طعناً بالسكاكين أو حرقاً بالقنابل اليدوية".

وحيا عبدالمهدي ما وصفه بموقف الأجهزة الأمنية التي "أظهرت قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس والالتزام بقواعد حماية المتظاهرين"، وفقاً لزعمه، متعهداً "بالبدء بإجراء تحقيق مهني للوقوف على الأسباب التي أدت لوقوع الحوادث".
ويرافق ذلك حالة إنذار لدى الأجهزة الأمنية، التي تلقت "توجيهات بالتيقظ والحفاظ على الأمن العام"، وفقاً لضباط أمن.

بدورها، وجهت رئاسة البرلمان، لجانها بالتحقيق بأحداث التظاهرات، وقالت، في بيان، إنّها "وجهت لجنتي الأمن وحقوق الإنسان البرلمانيتين بالتحقيق بأحداث التظاهرات"، داعية الأجهزة الأمنية إلى "حفظ النظام وعدم استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين"، مشددة على ضرورة "التزام المتظاهرين بسلمية التظاهر في التعبير عن مطالبهم".

ردود فعل محلية ودولية

وأثارت التظاهرات ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية، إذ دان ائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، "استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين"، داعياً، في بيان، إلى "فتح تحقيق شامل، وعدم تسييس التظاهرات الشعبية وتوظيفها حزبياً ومصلحياً".

من جهته، عدّ زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي، أحداث الأمس "دليلاً على وجود أيادٍ خبيثة تريد العبث باستقرار البلاد على حساب أرواح الأبرياء"، مؤكداً في بيان له أننا "كنا قد حذرنا من وجود مشروع كهذا قبل انطلاقه وما زلنا نحذر منه".

ودولياً، أكدت منظمة "العفو" الدولية (أمنيستي)، ومقرّها لندن، أنّها تتابع الاحتجاجات في بغداد، وطالبت، في تغريدة على "تويتر"، الثلاثاء، السلطات العراقية بـ"ضبط النفس واحترام حرية التعبير عن الرأي والتجمع وعدم استخدام الأسلحة النارية والعنف المفرط".

من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، عن "قلقها البالغ" إزاء العنف الذي رافق تظاهرات بغداد ومحافظات عراقية، وطالبت قوات الأمن بـ"ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق جينين هينيس بلاسخارت، في بيان اطلعت عليه "الأناضول": "نعرب عن قلقنا البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض التظاهرات في بغداد ومحافظات أُخرى"، داعية إلى التهدئة. وأعربت عن "بالغ الأسف لوقوع ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية"، مجددة "التأكيد على الحق في الاحتجاج".

وشددت بلاسخارت على أن "لكل فردٍ الحقُّ في التحدّث بحريةٍ بما يتماشى مع القانون".
وطالبت القوات الأمنية بـ"ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات، لضمان سلامة المتظاهرين السلميّين مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".

ذات صلة

الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.