إذ صاحب إعلان دراجي تأييد نوعي من طرف الجزائريين، وخاصة الجماهير الرياضية، بينما شكك بعضهم في نياته، وبالمقابل رفض آخرون الفكرة من أساسها، وخاصة أنه وضع شرطا لترشحه هو ترشح السعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) لا الرئيس نفسه.
وكتب أحد المغردين معلقا على تصريحات دراجي: "والله لو يترشح حفيظ دراجي سيقوم كل الشعب الجزائري بانتخابه وأنا أولهم"، وقال آخر: "دراجي أفضل من عملاء الاستعمار الفرنسي..."، وغرد آخر: "لم يسبق لي أن قمت بواجبي الانتخابي، لو يترشح حفيظ دراجي سأنتخبه وسوف أسانده"، بينما كتب آخر: "أتمنى أن تصبح رئيس الجزائر يا دراجي".
وبدا مغرد آخر متشائما وهو يخاطب دراجي، قائلا: "الأغلبية من الشعب قبلت بالذل والانبطاح.. لن يصوتوا لك.. مهما كنت نزيها وصادقا وتحمل أملا بإنقاذ البلاد من اللصوص"، وبالمقابل قام آخرون بمهاجمة المعلق الرياضي، فكتب أحد المغردين:"كلكم سيّان، رؤوسكم منفوخة بالهواء مثل البالون.. حفيظ توقف عن مناوراتك والإدلاء بمثل هذه الخطابات الفارغة، الخاوية من أي معنى والتي تريد تسويقها للجزائريين، لأن مشوارك المهني لا يسمح لك بترؤس البلاد".
دراجي.. ليس الأول
وليست هي المرة الأولى التي يقرر فيها أحد المحسوبين على قطاع الرياضة في الجزائر، الترشح لمناصب سياسية، لكن إعلان دراجي الترشح للانتخابات الرئاسية سابقة في تاريخ البلاد.
وشهدت الساحة السياسية في الجزائر خلال السنين الماضية، على سبيل المثال تبوؤ عدد قليل من الرياضيين، أو مسؤولين في القطاع، مناصب سياسية، على مستوى البرلمان الجزائري على غرار الطيب محياوي الرئيس الأسبق لفريقي جمعية وهران ومولودية وهران، وعبد الكريم مدوار الذي شغل منصب رئيس أولمبي الشلف، ويشغل حاليا رئيس رابطة الكرة المحترفة، بينما فشل آخرون في ذلك على غرار النجمين السابقين لخضر بلومي وعبد الحكيم سرار اللذين ترشحا في تشريعيات عام 2012، بالإضافة إلى البطلة الأولمبية في رياضة ألعاب القوى حسيبة بولمرقة، إلا أن الحظ لم يبتسم لهم.
وفي الانتخابات التشريعية العام الماضي لم يتقدم من الرياضيين، للترشح سوى رئيس الاتحاد الجزائري لرياضة "الفوفينام فيات فوداو" محمد جواج.
وعلى مستوى المناصب الوزارية، شغل مدرب كرة اليد عزيز درواز منصب وزير الشباب والرياضة في نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وعلى المستوى العربي، تملك مصر العديد من التجارب ربما يبقى أكثرها جدلا تجربة حارس المرمى السابق للمنتخب المصري شوبير الذي فاز بمقعد في البرلمان عام 2005 عن الحزب الوطني، الذي كان يرأسه نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك (جمال)، وصولا إلى تجربة النجم التونسي السابق طارق ذياب الذي شغل منصب وزير الشباب والرياضة في بلاده بعد "ثورة الياسمين".
وعلى المستوى العالمي، شكل فوز نجم كرة القدم السابق جورج ويا في انتخابات الرئاسة الليبيرية مفاجأة كبيرة لعشاق اللاعب، وكذلك لجماهير كرة القدم العالمية، لأن ما حققه أسطورة ميلان الإيطالي فريد من نوعه، ولم يسبق أن حدث وتولّى رياضي زمام رئاسة بلاده من قبل، على الرغم من الشعبية التي تحظى بها لعبة كرة القدم بالذات.
وفي جورجيا اقتحم اللاعب المعتزل كاخا كالادزه نجم ميلان السابق، عالم السياسة في عام 2011 الذي شهد اعتزاله كرة القدم، وتولى منصباً وزارياً في بلاده ثم خاض غمار المنافسة على رئاسة بلدية تبليسي عاصمة البلاد.
وبعدما أبدع البرازيلي روماريو نجم برشلونة السابق، في الملاعب، قرر خوض المجال السياسي، وهو الآن سيناتور في الكونغرس وقام بقيادة حملة ضخمة حول الفساد في كرة القدم البرازيلية. كما لحق به مواطنه خوسيه روبرتو جاما دي أوليفيرا المعروف بـ "بيبيتو" في عالم السياسة أيضاً، حين بدأ حياته السياسية في عام 2010 مرشحا لنائب ولاية ريو دي جانيرو داخل الحزب الديمقراطي، وعام 2014 جدد ولايته لمدة أربع سنوات.
وفي إيطاليا اقتحم نجم ميلان السابق جياني ريفيرا عالم السياسة واختير نائباً في البرلمان الإيطالي، ثم تم تعيينه سكرتيراً للدولة في وزارة الدفاع، ثم نائباً في البرلمان الأوروبي، وفي كولومبيا، دخل اللاعب الدولي الشهير كارلوس ألبرتو فالديراما على خط السياسة بعد اعتزاله، حينما ترشح لعضوية مجلس الشيوخ الكولومبي وفاز بها عام 2014.
ويعرف عن دراجي، مواقفه المنتقدة لنظام الحكم في الجزائر، وبصفة خاصة إزاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وجماعته، وهو ما جعله يضع شرطا لخوض الانتخابات المقبلة.
وكان دراجي أعلن ترشحه في مقابلة قبل أيام مع موقع "الحدث بوست" قائلا: "أجدد تأكيدي بأنني سأترشح في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الجزائر، ولكن في حالة واحدة فقط هي ترشح السعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة) وليس الرئيس نفسه وما زلت متمسكا بموقفي".
وسبق أن عبّر دراجي عن موقفه، إزاء مساعي أطراف في النظام الحاكم في الجزائر لتأجيل الانتخابات الرئاسية في البلاد، أو حتى تمديد الولاية الحالية للرئيس، إذ قال: "أستنكر حالة العبث التي تتم حاليا لتعديل الدستور أو محاولة ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة"، مضيفا: "ما يصطلح عليه بالتعديل ثم تمديد الولاية الحالية لبوتفليقة أو تأجيل الانتخابات، هو سيناريو آخر لمسلسل التحايل الذي تتعرض له الجزائر وشعبها من جماعة لا يهمها الوطن بقدر ما يهمها البقاء في السلطة لحماية مكتسباتها".