إعلام الإكس أفاكسزر

22 يناير 2015
أنا لست من المتعاطفين مع أمثال منى البحيري
+ الخط -

"إن إكس أفاكسزر" الكلمة اللولبية التي قالتها السيدة منى البحيري، الشهيرة بـ"شت يور ماوس أوباما"، هي شعار المرحلة بكل المقاييس، فإذا كنت من الذين بحثوا عن معنى الكلمة وفشلت مثل الكثيرين، فأبشرك أن الدنيا كلها أصبحت إكس أفاكسزر. أما إذا كنت من عشاق الأساطير وتحب المغامرات فلا يفوتك أن تشاهد الفيلم القصير"الأسطورة 69"، والذي أنتجه أحد المواقع ليحكي عن.. لا أعرف ليحكي عن ماذا؟ فالحقيقة أن الفيلم يشبه الإكس أفاكسرز، ليس له معنى، هو عبارة عن تجمع أسطوري لأبطال المرحلة، سيد الشهير بأيام سودة، وأحمد التباع صاحب المكالمات الجنسية الشهيرة، وسعيد الهوا الذي يعتبر نفسه مغنياً شعبياً، وحمبولة نبطشي الأفراح صاحب العبارات ذات الإيحاءات الجنسية، وأبو صدام مجنون المطرب الشعبي أحمد شيبة.

في الدولة المتقدمة لا يخلو الإعلام من رسالة يوجهها للجمهور ويحترم عقولهم، ولا أنكر أن إعلامهم يعرض بعض البرامج المبتذلة التي ليس لها معنى، ولكن الأغلب والأعم هو الإعلام الحقيقي، أما بعض إعلامنا العربي، فلا يصح أن نسميه إعلاما بالأساس، وبالمناسبة الضحك في حد ذاته رسالة، ولكن عندما يقدم بصورة تليق بمعنى الضحك والكوميديا، ولا يقدم في إطار التجارة بالناس وتحويلهم لمادة ساخرة تجلب المزيد من الإعلانات، فظهور السيدة منى البحيري في برنامج المسابقات الشهير، لم يكن إلا طريقة إعلامية سخيفة لجلب الإعلانات، وتلخيصاً واضحاً لرسالة بعض الإعلام العربي الأولى والأخيرة "جلب المزيد من الأموال" بتحويل فقر وجهل إنسانة إلى مادة للسخرية، من أجل أن يقهقه الجميع وتقهقه لجنة التحكيم، وعلى المنوال نفسه،  فيلم "الأسطورة 69"، والأخبار التي تعج بالهبل، مثل أسر قائد الأسطول الأميركي.. إلخ.

والشيء بالشيء يذكر، أنا لست من المتعاطفين مع أمثال منى البحيري، أو أبطال فيلم "الأسطورة 69"، فهم مشتركون في المهزلة الإعلامية التي تم ويتم عرضها، ولست من دعاة المثالية الذين انفجروا بكتابات على مواقع التواصل تدعو للتعاطف مع منى البحيري، لأنها فقيرة! ما أعرفه أن بلادنا تعج بالفقراء ومن لا يجدون قوت يومهم، ومع ذلك يختارون التعفف وعزة النفس، ولا يقبلون أن يتحولوا لفقرة تعرض على الشاشات ليتحولو إلى أضحوكة. صحيح أنهم ضحايا الفقر والجهل والإهمال، ولكن الحياة اختيارات، وهناك من يختار أن يعيش بكرامة ومن يختار العكس.

إذا كان الواقع عبثياً مليئاً بالجهل على طريقة "شت يور ماوس أوباما"، ويعج بالتشاؤم وقلة الحيلة لأنها "أيام سودة"، والسعار الجنسي يترجم كل يوم في حالات تحرش لا تنتهي، سواء لفظيا "آهبة آحبيبة آلبي"، أو عمليا، وانحطاط الذوق العام وتدهور الفن أصبح نموذجا لأغاني سعيد الهوا والجنون بسيد شيبة والفرح أصبح على طريقة حمبولة، فلن يتغير شيء بجعلهم رموز المرحلة، ولن تتبدل الأحوال طالما الرسالة الإعلامية الأولى هي تصدير كل مظاهر القبح والتدني لجلب الأموال، ولن تحل أي من مشاكلنا طالما نتفاعل مع هذا الخبل ونصفق ونقهقه ببلاهة وننشره على مواقع التواصل، سواء بالهجوم أو بالضحك والسخرية. كفوا عن نشر الهبل، اقتلوا حالة التخلف الإعلامي بمقاطعتها، لا تنشروا ولا تتحدثوا عن التدني حتى يندثر ويختفي، وإلا سنظل في حالة "الإكس أفاكسرز".


*مصر

المساهمون