إعادة هيكلة الاقتصاد المصري شرطاً لدعم السيسي

07 يونيو 2014
34 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر(محمود خالد/فرانس برس/getty)
+ الخط -
عقب تصريحات إماراتية وسعودية بضرورة وضع خطة، بشراكة دولية، لدعم مصر غداة تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة، قالت مصادر إن استشاريين غربيين يعكفون على إعادة هيكلة الاقتصاد المصري بهدف تسهيل الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي.

وأوضحت مصادر مصرية مطلعة لوكالة "رويترز"، إن استشاريين غربيين يعكفون على وضع خطط لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري، بمعرفة السيسي، الذي لم تصدر عنه في أحاديثه العلنية حتى الآن سوى عبارات غامضة بشأن استثمار موارد الدولة.

وشرحت المصادر ورجال أعمال، لـ "رويترز"، أن القوة الدافعة وراء المشروع الاستشاري هي الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت مع السعودية والكويت مساعدات بمليارات الدولارات لمصر منذ أن أطاح السيسي بالرئيس الشرعي محمد مرسي.

التمهيد لقرض الصندوق

وبحسب المصادر، فإن مَن يقترح "الإصلاحات الهيكلية" شركة "ستراتيجي آند"، الاستشارية الاميركية، وبنك لازارد الاستثماري الدولي، واذا ما قبلت بذلك حكومة الانقلاب "فإن هذا قد يستخدم كأساس لإعادة فتح المحادثات بشأن اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي".

وقدمت السعودية والإمارات والكويت، لمصر 20 مليار دولار، بعضها نقداً والبعض الآخر منتجات نفطية، لمساعدتها على تجنب انهيار اقتصادي، في ظل تركيز عمل مؤسسات الدولة المصرية في الجانب الأمني .

وتشير الاستعانة ببنك لازارد وشركة ستراتيجي أند، التي كانت تعرف في السابق باسم بوز أند كومباني، إلى أن السعودية والإمارات تريدان ضمانات لإنفاق المساعدات بشكل فعّال يحقق الاستقرار لحكومة السيسي.

وقال مصادر مطلع على الوضع: "إن الإمارات مشاركة في العملية لأنها من بين أكبر المقرضين لمصر. إقراض الأموال ليس كافياً في حد ذاته. هناك أيضاً حاجة لضمان أن لدى الحكومة الوسائل لتحديد الاشياء التي تحتاج إلى تغيير وتنفيذها".

لاغارد تبحث الاصلاحات مع السيسي

وفي السياق ذاته، هنأت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الرئيس السيسي برئاسة مصر، وأكدت له رغبة المؤسسة "الأكيدة" في مساعدة بلاده، كما اعلن الصندوق يوم أمس الجمعة.

وقال الصندوق في بيان إن لاغارد "أجرت محادثات الخميس مع الرئيس المنتخب السيسي لتهنئته على انتخابه". وأضاف أن "البحث تركز على المسائل الاقتصادية والمديرة العامة جددت التزام الصندوق بمساعدة مصر".

وقال الناطق باسم الصندوق جيري رايس، الخميس، إن هذه الهيئة المالية الدولية تقدم مساعدة تقنية إلى مصر في مجال الضريبة ومسائل أخرى. وأضاف أن فريقاً تقنياً من الصندوق زار مصر من 27 أبريل/ نيسان إلى الثاني من مايو/ أيار الماضي. وتابع: "نحن مستعدون لدعم مصر ونتطلع الى اجراء حوار مع السلطات حول  اصلاحات بنيوية ضرورية لمواجهة التحديات المقبلة".

وتابع الناطق ان السلطات المصرية والصندوق اتفقا في أبريل/نيسان الماضي، على ان تجري هذه الهيئة مراجعة لاقتصاد مصر، تعرف باسم التشاور بموجب المادة الرابعة، بعد انتخابات الرئاسة. واوضح انه لم يحدد اي موعد لزيارة بعثة لمصر.

نوايا السيسي

وتعد المناقشات الحالية أقوى مؤشر إلى أن السيسي قد يعيد هيكلة اقتصاد يعاني من عجز متزايد في الموازنة، يفاقمه دعم الوقود الذي تبلغ كلفته نحو 19 مليار دولار سنوياً.

ويتوقع مسؤولون أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.2 بالمئة في العام المالي الذي يبدأ في أول يوليو/ تموز المقبل، ومستويات النمو الحالية تبلغ 1.4 في المئة بحسب تقديرات الحكومة المصرية للربع الثاني من 2014. وكان السيسي قد قال في وقت سابق إن مصر تحتاج إلى 575 مليار دولار كقروض لإنعاش اقتصادها، وهو ما اعتبر رقماً مبالغاً فيه لخفض سقف توقعات المصريين، كما يفتح الباب للاستدانة من الخارج وعودة إلى سياسات الخصخصة التي لا تراعي شروط التنمية المستدامة والتنمية البشرية والعدالة الاجتماعية.

وقال المصدر إن الاستشاريين كلفوا فرقاً متخصصة بدراسة قضايا مثل الخصخصة وإصلاحات أخرى. لكن المشكلة الأكثر صعوبة هي دعم الطاقة. فمن شأن زيادة أسعار الكهرباء والوقود أن تؤدي إلى إثارة اضطرابات ضد السيسي.

وأضاف المصدر: "دعم الطاقة يجب تغييره، لكن ذلك يحتاج إلى قرار سياسي. لازارد وبوز يمكنهما فقط أن يقدما توصيات، لكن في النهاية فإن الحكومة هي التي ستقرر".

وأشار الرئيس المؤقت عدلي منصور، في أبريل/ نيسان الماضي، إلى أن مصر مستعدة لاستئناف خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وهي السياسة التي اتبعها الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل ثورة 25 يناير.

وأضاف المصدر أن توقيت الإعلان عن أي إصلاحات جديدة هو "قرار سياسي"، مضيفاً أنه ليس واضحاً ما إذا كانت الحكومة ستعلن أي شيء قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تُجرى في وقت لاحق هذا العام.

ورفضت شركة "استراتيجي آند"، التي استحوذت عليها برايس ووترهاوس كوبرز في ابريل/ نيسان، التعقيب على خطط إعادة الهيكلة، كما أحجمت شركة لازارد عن التعليق. لكن وزير الدولة الإماراتي، سلطان أحمد الجابر، الذي يشرف على ملف المساعدات للقاهرة، قال إن الإمارات تقدم لمصر "الدعم الفني لتطوير خطة للانتعاش الاقتصادي".

وأضاف، في بيان أرسل إلى "رويترز"، أن المساعدات التي قدمتها الإمارات شملت العمل مع "مكاتب استشارية ذات شهرة عالمية"، لكنه لم يذكر مزيداً من التفاصيل.

وأشارت دول الخليج الحليفة لمصر إلى أنها ستستمر في دعم الحكومة الجديدة. وستستضيف السعودية مؤتمراً للمانحين لدعم حكومة السيسي.


الاستعانة بالمستشارين

وبدأ المشروع الاستشاري بعد انقلاب 3 يوليو/ تموز العام الماضي. وفي حديث مع "رويترز" قال طارق زكريا توفيق، نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية: "عملت بوز على مدى الأشهر السبعة الماضية على خطة إصلاحات بالتعاون مع الجيش المصري". وأضاف توفيق أنه تحدث إلى الاستشاريين هذا العام والتقى السيسي في مايو/ أيار الماضي.

وفشل السيسي، منذ الانقلاب عبر حكومتي حازم الببلاوي وإبراهيم محلب، في إخراج الاقتصاد المصري من مأزقه، بل أثبتت المؤشرات الاقتصادية تدهور معدلات النمو بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي. ويملك الجيش المصري، الذي لا تخضع ميزانيته لرقابة عامة، "امبراطورية اقتصادية" تتنوع نشاطاتها.

وقال رئيس شركة مشرق للبترول، تامر أبو بكر، الذي التقى السيسي مرتين قبل الانتخابات، إن الأخير على علم بأنشطة الاستشاريين. وأضاف: "هو الذي سيعلن خطة الطاقة.. هو على علم (بأمر الاستشارين)".

وأفاد رجال أعمال بارزون آخرون، جرت استشارتهم بشأن الخطة، لـ"رويترز"، بأن الاستشاريين الدوليين يعملون مع مسؤولين في البنك المركزي المصري ووزارات المالية والتجارة والصناعة والاستثمار. وأضاف أحد رجال الأعمال، لم ينشر اسمه، أنه اجتمع مع الاستشاريين هذا العام بطلب من مسؤول حكومي، لم ينشر اسمه أيضاً، لمناقشة تغييرات يأمل بإدخالها على القواعد المنظّمة للتراخيص.

المساهمون