إضراب عمالي بتونس ضدّ مشروع قانون يبيع الطاقة للأجانب

19 سبتمبر 2014
التأسيسي التونسي يبحث مشروعاً قانونياً يسمح للأجانب بالاستثمار بالطاقة(أرشيف/Getty)
+ الخط -
نفذ نحو 12 ألف عامل في شركة الكهرباء والغاز التونسية إضرابا عاما عن العمل، الأربعاء والخميس، احتجاجاً على مشروع قانون طرحته الحكومة على المجلس التأسيسي، يسمح للمستثمرين الأجانب بإنشاء واستغلال محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وبيعها، وهو ما اعتبره العاملون في شركة الكهرباء الحكومية خطوة في اتجاه خصخصة الشركة.

وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال عبد القادر الجلاصي، الكاتب العام للجامعة العامة لنقابة الكهرباء والغاز: "إننا نحاول الحد من حالة الاحتقان التي سيطرت على المتظاهرين، ولكننا نعبر عن أسفنا لمواصلة مناقشة المشروع برغم محاولات الاقناع العديدة التي بذلها الطرف النقابي مع أعضاء المجلس التأسيسي".
وتعهّد النقابيون بعدم قطع الكهرباء والغاز عن المواطنين، لكنهم أقروا التوقف عن تقديم بعض الخدمات الإدارية على غرار استخلاص فواتير الكهرباء والغاز، وهو ما أكده وزير الصناعة والطاقة والمناجم، كمال بن ناصر، ومسؤولو الشركة، الذين شددوا على أن التونسيين سيتمتعون بالتزوّد بالكهرباء والغاز بشكل عادي خلال يومي الإضراب.

وأضاف الجلاصي: "نحن لا نفهم هذا الإصرار على الإسراع بإصدار هذا القانون"، مشدداً على أن هذا القانون "لا يخدم الشركة العمومية ولا حقوق التونسيين وسيضر حتما بالمستهلك للكهرباء والغاز"، على حد قوله.

وهدد النقابي التونسي بالطعن في دستورية هذا المشروع في حال اعتماده من قبل المجلس التأسيسي، إلى جانب أشكال تصعيدية ستبحث النقابة في اجتماع تعقده لاحقا.

ويسمح مشروع القانون قيد المناقشة حالياً بالمجلس التأسيسي، للوزير المكلّف شؤون الطاقة، بالترخيص للشركة بالمشروع واستغلال الطاقة المولَّدة، بعد مطابقة وحدة الإنتاج لشروط الترخيص.

وواصل المجلس التأسيسي التونسي مناقشة مشروع القانون فصلاً بفصل، حيث اعتمد حتى اليوم الخميس عدداً كبيراً من الفصول، أهمها الفصل 22 المثير للجدل لدى النقابيين، ومن المرتقب أن ينتهي من مناقشته قريباً.

وينص هذا الفصل على أنه "يتولى منتج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة بيع الكهرباء المنتجة بصفة حصرية وكلية للهيكل العمومي الذي يلتزم بشرائها وذلك في إطار عقد بيع يبرم بين الطرفين وفقا لعقد نموذجي مصادق عليه بمقتضى قرار من قبل الوزير المكلف بالطاقة يضبط على وجه الخصوص الشروط الفنية والتجارية المتعلقة بشراء الكهرباء المنتجة من الطاقات المتجددة".

كما يشدد الفصل نفسه على أنه "تضبط أسعار الشراء وتتم مراجعتها دورياً بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالطاقة وكلما اقتضت الضرورة ذلك".

يقول نقابيون رافضون لمشروع القانون، إنه سيتيح للمستثمر الأجنبي، خاصة الشركات متعددة الجنسيات، باستغلال الطاقة التونسية، بمجرد قرار من الوزير.

وطالب معارضو المشروع بتأسيس هيئة وطنية للطاقة تضم كل الأطراف وتراقب منح التراخيص وأسعارها وتأثيرها على المستهلك التونسي. ويرون في مشروع القانون مسلكاً مباشراً لخصخصة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، لأنه "سيجبرها على ربط شبكتها مع شبكات المستثمرين".

وفي المقابل، يرى المدافعون عن مشروع القانون أن وضع الطاقة في تونس أصبح صعباً خصوصاً مع تزايد الطلب، ما أدى إلى إثقال صندوق الدعم، حيث تشير البيانات إلى بلوغ الدعم 5.4 مليارات دينار (9.3 مليارات دولار).

وأشاروا إلى ضرورة البحث عن موارد جديدة للطاقة وتشجيع الاستثمار الخاص في مجال إنتاج الطاقة، وخصوصاً في الطاقة المتجددة والبديلة، لأهميتها في الحد من التلوث ومحدودية كلفة إنتاجها وقدرتها على خلق فرص عمل جديدة.

إلى ذلك، قال الخبير الدولي، كمال الرقيق، إن لا بديل لتونس، التي تعتمد حاليا على الغاز لإنتاج الكهرباء، من الاعتماد على الطاقات الجديدة لأسباب مختلفة، ضمنها تراجع استخراج الغاز وتراجع ضخ الغاز الجزائري الى إيطاليا عبر تونس بنسبة النصف تقريبا منذ سنة 2010.

كما تتوفر في تونس، بحسب الرقيق، مؤهلات كبيرة في مجال الطاقات المتجددة غير المضرة بالبيئة، لكن استغلالها سيصطدم بمعيقات تقنية واقتصادية نظراً لارتفاع تكلفة البنى التحتية الخاصة بإنتاج الطاقة النظيفة.

ونبه الخبير نفسه إلى حاجة تونس إلى إنتاج طاقات بديلة بكميات تكفي لتغطية 30% من حاجياتها بحلول عام 2030، علما أن هذه النسبة لا تتعدى 3% حالياً.

المساهمون