في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين العمارة الإسلامية والتاريخ الاجتماعي والأسطورة والسيرة الذاتية والسياسة وتنظيم المدن.
■ ■ ■
"الفن القاشاني في ليبيا: جوامع مدينة طرابلس القديمة، العهد القرماني نموذجاً" عنوان الكتاب الصادر حديثاً للأكاديمية والباحثة العراقية صبا قيس الياسري عن "دار الرافدين". تتناول المؤلّفة أبرز المؤثرات التي صنعت الهوية العربية الإسلامية في ليبيا التي دخلتها الجيوش الإسلامية في القرن السابع الميلادي، كما ترصد الدراسة مراحل تطوّر الجامع الليبي من عناصره البسيطة في بدايات الفتح؛ وصولاً إلى الاحتفاء بالعناصر الجمالية وزخارف الفن القاشاني خلال العهد العثماني، مع تبيان الخصوصية التي تميّز جوامع طرابلس.
"الصينيون وطريق الحديد: بناء السكك الحديدية العابرة للقارات" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "منشورات جامعة ستانفورد" للباحثين غوردون اتش. تشانغ وشيلي فيشر فيشكين. يتتبع المؤلّفان تاريخ العمالة الصينية في تشييد خطوط سكك الحديد في الغرب حيث شكّلوا السواد الأعظم من المشتغلين في هذا القطاع، ويسلّط الضوء على تطوّر حرفتهم وعلاقتها بالسياسة والاقتصاد في العالم، والهجرة عبر المحيط الهادئ بين الصين والولايات المتحدة، وحضور الصينيين في الذاكرة الثقافية الأميركية وظروف عملهم وديناميات العنصرية التي يواجهونها.
صدر عن "دار ورد" كتاب "دراسات في الفنون الصخرية من البادية الأردنية الشمالية الشرقية (الحرَّة)، من عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن الثالث الميلادي" للباحث الأردني رافع حراحشة. يتناول الكتاب جانباً من الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية لسكان منطقتي وادي راجل وجاوا تحديداً من خلال ما تبرزه النقوش الصفائية والعربية المبكرة واليونانية والنبطية، إذ يقرأ المؤلف في الرسوم التي توضّح طرق الصيد والغزو والتي تحضر فيها الخيل بأغطيتها وسروجها وقلائدها، وصولاً إلى رسوم الموسيقى والرقص.
صدر مؤخراً للمؤرّخ التونسي لطفي عيسى كتاب "أخبار التونسيين.. مراجعات في سرديات الانتماء والأصول" عن منشورات "مسكلياني". يشتغل المؤلف على ما يسمّيه بمدوّنات "التاريخ المتوازي" حيث يحاول من خلالها التقاط عناصر الهوية السردية الجماعية في تونس، وكيفية تجدّد هذا الخطاب. يُعتبر هذا العمل امتداداً لكتاب سابق صدر لعيسى بعنوان "بين الذاكرة والتاريخ.. في التأصيل وتحوّلات الهوية" في 2015. من إصدارات المؤرخ التونسي الأخرى: "مميزات الذهنيات المغاربية"، و"كتاب السير"، و"أخبار المناقب"، و"مغرب المتصوّفة".
"الكوليزيوم.. التاريخ والأسطورة" عنوان كتاب صدر مؤخراً للباحثتين ماري بيرد وكيث هوبكنز عن منشورات "تالاندييه". يقوم العمل على منهج الحفريات المعرفية حيث يستقرئ المخيال الذي قامت عليه شهرة الكوليزيوم في روما وتحوّله إلى معلم سياحي، وهو ما ينتج حوله خطاباً يختلف عن حقيقة هذا المعلم على المستوى الأركيولوجي، خصوصاً حول طريقة بنائه وما كان يحتضنه من ألعاب. يدرس العمل أيضاً ما يسميه بالحياة الثانية للكوليزيوم وهي الاستعمالات اللاحقة لسقوط الحضارة الرومانية وفقدان مركزيته الأولى في العصر المسيحي ثم حديثاً.
ضمن سلسلة "الإبداع العربي" التي تصدر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، صدر كتاب "متفرقات هراوية" للقاص والروائي الليبي خليفة صالح أحواس، وهو سيرة ذاتية للكاتب في بلدته "هراوة" الليبية، ويضم مشاهدات الكاتب خلال مرحلة الطفولة إلى جانب حكايات من المنطقة وشخصيات مرّت في حياته، ليكوِّن مجموعها لوحة كبيرة عن سيرة الكاتب وأستاذ القانون وسيرة المكان شبه الصحراوي، هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها الكاتب سيرته الشخصية فقد سبق وأصدر "تلك الأيام" (2017) ويضم أيضاً مجموعة من التدوينات المقتبسة من تجربته الخاصة.
"دكتاتوريون بلا حدود" كتاب صدر حديثاً عن "منشورات جامعة يال" للباحثين وأستاذي السياسة والعلاقات الدولية ألكساندر كولي وجون هيثرشو، ويتناول الروابط غير المعلنة بين الأنظمة في آسيا الوسطى ومراكز القوة والثروة في الغرب. يتناول الكتاب النظرة العامة إلى دول مثل كازاخستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان التي يعتبرها العالم هامشية وشبه معزولة سياسياً عن العالم الخارجي، لكن العمل يكشف أن دول آسيا الوسطى هي في الواقع ذات مشاركة واسعة في الاقتصاد والسياسة الدولية والديناميات الأمنية خارج حدودها.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدرت طبعة ثانية منقحة ومزيدة من كتاب الباحثة الأردنية فاطمة الصمادي "التيارات السياسية في إيران: صراع رجال الدين والساسة"، والذي تتناول فيه العقد الأول من عمر الجمهورية الإسلامية وخطاب الثورة وما بعدها، ونشأة التيار الأصولي الإيراني وولادة التيار الإصلاحي، كما تقدّم تعريفاً لما سُمي "الحركة الخضراء" في إيران، وتناقش عدداً من الطروحات التفسيرية بشأن حركة الاحتجاج الأكبر في التاريخ الإيراني، باحثةً في تأثير التيار الأحمدي نجادي وحضوره، ونشأة تيار الاعتدال.
يصدُر قريباً عن دار "المحروسة" كتاب "شرح مواقف النفري" لكاتبه الشاعر الصوفي عفيف الدين التلمساني (1213 - 1291) بطبعة جديدة من تحقيق جمال المرزوقي. الكتاب يمثل دليلاً لقارئ النفري، حيث يعطي مفاتيح لفهم عبارته شديدة الرمزية والتكثيف، كما يكشف عن مذهب التلمساني الصوفي الذي لم يحظ بالكثير من الدراسات حتى الآن. يقول التلمساني عن أسلوب النفّري أنه "يحمل في طياته إشارات غير واضحة، واعترافات في نصف كلمات... وتعبيراً متقطعاً وقفزاً من قمة إلى قمة فوق هاوية هي بالنسبة إلينا الفراغ الذي لا تستطيع عقولنا أن تملأه".
في كتاب "مدن متمردة" الصادر حديثاً عن "بنغوين راندوم هاوس" يتساءل الباحث والأكاديمي ديفيد هارفي عن كيفية إعادة تنظيم المدن بطرق أكثر عدلاً من الناحية الاجتماعية والإيكولوجية، وكيف يمكن أن تصبح المدن الحديثة محوراً ضمن مناهضة الرأسمالية. يعود الباحث إلى تاريخ التفكير في المدينة بوصفها مركز تراكم رأس المال، حيث تعيش تيارات اجتماعية وسياسية، ويتحكم المموّلون في جودة وتنظيم الحياة اليومية وذلك من خلال دراسة مدن كجوهانسبرغ ونيويورك وساو باولو. كما يعود العمل إلى مقارنات تاريخية في مدن مثل باريس ولندن.