في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات النقدية واللغوية والفكرية والتاريخية والتاريخ الاجتماعي والقصة القصيرة.
■ ■ ■
"العرب والهند: تحوّلات العلاقة مع قوّة ناشئة ومستقبلها" عنوان كتابٍ صدر قبل أيام عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، ويضمُّ ثلاثة عشر بحثاً قُدّمت في مؤتمر بالعنوان نفسه عقده المركز في الدوحة في 2018. تنطلق البحوث من اعتبار أنّ الصورة التي ترسم مستقبل الهند بصفتها قوّة عالمية صاعدة من الشرق، إضافة إلى قربها الجغرافي من البرّ العربي، وروابطها التاريخية والثقافية بشعوبه، ووجود عمالة هندية كبيرة في دول الخليج العربية، تفرض اهتمام العرب المتزايد بها، خصوصاً أنّها من أكبر مستوردي الطاقة العربية.
في طبعة مشتركة بين "منشورات سوتيميديا" و"مركز الموسيقى العربية والمتوسطية - النجمة الزهراء"، صدر أخيراً كتاب "تحولات العود: من الأرغانولوجيا إلى الفضاء التأليفي" للباحث والموسيقي التونسي حمدي مخلوف بتقديم جان-مارك شوفال. يقدّم العمل قراءة للتطوّر التاريخي والمورفولوجي لآلة العود، منذ كتابات الكندي والفارابي وابن سينا وصفي الدين الأرموي إلى اليوم، كما يقترح مقاربة تحليلية لممارسة العزف والتأليف على آلة العود منذ النصف الثاني من القرن العشرين، مقدّماً قراءة في عدد من التجارب التأليفية العربية.
"الفلسطينيون في سورية: ذكريات نكبة مجتمعات ممزقة"، عنوان كتاب الباحثة الفلسطينية وأستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأميركية ببيروت أناهيد الحردان الذي تصدر ترجمته هذه الأيام عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" بتوقيع محمد الأسعد. يقوم الكتاب على بحث تاريخي ومقابلات ميدانية أجرتها الكاتبة. من عناوين فصوله: "مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سورية"، "حركة حق العودة وذكريات من أجل العودة"، "رواية حكاية فلسطين وتناقل فقدانها"، "جماعات جيل فلسطين وذكريات النكبات"، لتختتم الكتاب بفصل بعنوان: "نكبات اليوم ونكبة العام 1948".
صدر حديثاً عن "منشورات مفترق الطرق" كتابٌ بعنوان "الدَّين العام والإمبريالية في المغرب (1856- 1956)" للباحث الفرنسي آدم باربي، بتقديم توماس بيكيتي. يعود العمل إلى "معاهدة فاس" عام 1912 التي وضعت المغرب تحت "الحماية" الفرنسية، موضّحاً كيف عجّلت الديون المتراكمة في فرض "الحماية" عليه، كما يُضيء الكتاب المرفق بجداول ورسوم بيانية على الآليات الاقتصادية والدبلوماسية الكامنة وراء هذه الضائقة المالية، معتبراً أنّ السياسة الإمبريالية في مجال الديون كانت أداةً للتوسُّع الاستعماري الأوروبي في القرن التاسع عشر.
"من إسطنبول إلى باريس: رحلة محمد جلبي أفندي إلى فرنسا-المعروف بيكرمي سيكز 1721-1720" عنوان الكتاب الصادر عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" و"ارتياد الآفاق"، بتحقيق وتقديم الباحث المغربي محمد الزاهي. تندرج هذه الرحلة ضمن الرحلات الدبلوماسية، على خلفية إرسال السلطان العثماني أحمد الثالث السفير محمد جلبي أفندي مبعوثا إلى ملك فرنسا لويس الخامس عشر، وقد دوّنها الكاتب إثر عودته من باريس في شكل تقرير عن الرحلة قدّمه إلى الصدر الأعظم إبراهيم باشا. حاز الكتاب "جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة" في فرع تحقيق المخطوطات عام 2020.
"المؤسسة الجامعية والحركات الطلابية: بين الإدماج والقطيعة" عنوان كتاب جماعي صدر أخيراً عن منشورات "لارمتان" تحت إشراف الباحثين الفرنسيين جان فيليب لوجوا وجان لوي فيولو. يدرس العمل تحوّلات الجامعة كفضاء اجتماعي ومعرفي وسياسي في آن، منذ بداية القرن العشرين إلى أيامنا، متوقفاً عند تواريخ مرجعية أبرزها "ثورة 68". كما ينفتح العمل على جغرافيات من خارج المركز الأوروبي، ومن ذلك مساهمة الباحث التونسي محمد ضيف الله بمقال بعنوان: "المشاركة والطرد: الطلبة التونسيون وإصلاحات الجامعة من 1958 إلى 1986".
عن "دار الفاصلة للنشر"، صدر قبل أيام كتابٌ بعنوان "التأويليات والفكر العربي"، يضمُّ عشرين دراسةً لباحثين وأكاديميّين عرب تبحث في الحوافز والمسوّغات التي تُوجّه اليوم الاهتمام الملحوظ بالتأويليات في الفكر العربي، وتذهب إلى أنّ ذلك يندرج في سياق مواصلة هذا الفكر سعيه إلى تجديد ذاته وتطوير أسئلته بما يتيح له التفاعل مع العصر. أُنجزت الدراسات ضمن مؤتمرٍ بالعنوان نفسه كان مقرّراً أن ينظّمه "مختبر التأويليات والدراسات النصية واللسانية" في تطوان المغربية في نيسان/ إبريل الماضي، لكن جرى إلغاؤه بسبب وباء كورونا.
عن "دار الآداب"، صدرت النسخة العربية من رواية "أنا تيتوبا.. ساحرة سالم السوداء" للكاتبة الغوادولوبية ماريز كوندي (1937)، ونقلها إلى العربية محمد آيت حنا. تستعير الروائية أساليب القص في منطقة الكاريبي حيث تنتمي إلى سكّانها الأصليين، لكنها في هذا العمل تعيد سرد حكاية امراة سوداء من الرقيق في ولاية ماساشوستس الأميركية، والتي اتهمت بالشعوذة خلال محاكمات السّحرة هناك، حيث تتخيّل قصتها لحظة حَمْلِ والدتها بها، على متن السفينة التي أقلَّتها لتُباع مع المستعبدين في جزيرة باربادوس، لترسم مسار حياتها في عالم يفتقد الحرية.
"بيتهوفن: حياة في تسع قطع" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "منشورات فايكنغ" للباحثة لورا تونبريدغ، في محاولة منها للابتعاد عن الأسطورة التي رُسمت للموسيقار الألماني (1770 – 1827) وتناول تفاصيل الواقع الذي عاشه وتنفي ما يشاع حول وحشيته وعزلته وغرابة أطواره وخلو حياته من الحب، وكيفية كسبه المال والتي لم تغب عن حساباته كما يظنّ كثيرون، موضّحة طبيعة الفوضى التي اشتهر بها حيث تنقّل بين أكثر من ستين بيتاً في فيينا، بسبب شكاوى الجيران من ضوضائه، ومواقفه إزاء بعض القضايا الاجتماعية والسياسية ورغبته في تبنّي طفل.
صدر حديثاً عن "الآن ناشرون وموزعون" كتاب "من الهرمية إلى الشبكية: وجهة الدول والمجتمعات في عصر اقتصاد المعرفة" للباحث الأردني إبراهيم غرايبة. يتتبع الكتاب هيمنة التكنولوجيا على المعنى ليس بوصفها توقعاً مستقبلياً ولا فكرة نظرية، لكنّه أمر واقع يتشكّل أسرع مما يتوقع معظم الناس في عصر المعلوماتية والثورة الرابعة والجينوم والروبتة والبرمجة الإدراكية والمعلوماتية، حيث لم يعد بالإمكان تكريس المعنى عبر التفكير والتحليل والخيال والشعر، ولا بد للبحث عن معنى جديد يتميّز به ولا تستطيع التكنولوجيا الجديدة أن تفعله.
صدرت أخيراً رواية "نازلة دار الأكابر" للكاتبة التونسية أميرة غنيم عن منشورات "مسكلياني"، وهو عملها الروائي الثاني بعد "الملف الأصفر" (2019)، كما صدر لها عمل بحثي في اللسانيات بعنوان "المزج التصوّري: النظرية وتطبيقاتها في العربية". تستعيد الرواية النصف الأول من القرن العشرين من خلال شخصية المصلح الاجتماعي التونسي الطاهر الحداد، وبناء على "حكاية متخيّلة" تحاول أن تضيء علاقته بفضاء النساء من خارج نصّ كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، بحسب ما ورد في تقديم وضعه للرواية الكاتب شكري المبخوت.