أصيب عدد من الفلسطينيين خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لفعاليات ومسيرات سلمية انطلقت بعد صلاة الجمعة، اليوم، في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، رفضا للاستيطان والتطبيع، خاصة بعد الاتفاق الإماراتي الأخير مع دولة الاحتلال.
واعتدت قوات الاحتلال على المشاركين بالضرب والدفع خلال فعالية ضد محاولات المستوطنين السيطرة على أراضي في قرية حارس، شمال غرب سلفيت، شمال الضفة الغربية. وفيما منعت قوات الاحتلال الأهالي والنشطاء من الوصول للأراضي المهددة بالمصادرة حيث قامت بإغلاق البوابة الحديدية على المدخل الرئيسي للقرية، أقام الأهالي صلاة الجمعة في الشارع على مدخل القرية.
وأصيب خلال القمع الناشط أبو نمر موعد، الذي قال لـ"العربي الجديد" بعد الاعتداء عليه إنه حاول مع المشاركين المرور من تحت البوابة الحديدية التي أغلقها جيش الاحتلال، فقام جندي بضربه بعقب بندقيته ليصاب بجرح في وجهه. وقال موعد إن الشعب الفلسطيني سيبقى صامدا على أرضه وسيموت واقفا مدافعا عن أرضه.
وشارك عشرات المواطنين في صلاة الجمعة التي أقيمت في حارس، حيث تقام منذ قرابة ثلاثة أشهر فعاليات شعبية بشكل أسبوعي بعد قيام المستوطنين بقلع 200 شجرة زيتون. وقال منسق الفصائل في القرية عمار عامر لـ"العربي الجديد"، إن الأهالي مصرون على الوصول لأرضهم للدفاع عنها ومنع الاستيطان من السيطرة عليها.
وهتف النشطاء أمام البوابة العسكرية التي أغلقت طيلة الفعالية ضد الاستيطان وكذلك ضد اتفاقات التطبيع مع الاحتلال والخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن".
من جهته، قال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، بيان الطبيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الفلسطينيين سيواجهون الاستيطان والاحتلال بكل ما يملكون، وإن التطبيع لن يؤثر عليهم، فهم أصحاب القرار والقضية والأرض، موجها رسالة للعرب بعد اتفاق التطبيع الإماراتي قائلا: "ما تفعلونه مع دولة الكيان لن يخدمكم والاحتلال يقدم لكم هدايا من دم أبناء شعبنا".
في سياق آخر، أقام العشرات من أهالي بلدة بديا بمحافظة سلفيت صلاة الجمعة في خلة حسان المهددة بالمصادرة، حيث تقام الصلاة هناك للأسبوع الثامن على التوالي، بعدما قرر الأهالي إقامة الفعاليات بعد سلسلة اعتداءات وصلت لإطلاق النار والكلاب باتجاه المزارعين والمواطنين.
وقال عضو لجنة الدفاع عن الأراضي في بديا، يوسف أبو صفية، إن آخر تلك الاعتداءات حصلت الأربعاء الماضي، حيث اقتحم ثمانية من المستوطنين الأراضي في خلة حسان وقاموا بجولة فيها، ثم طاردوه هو وشخص آخر كان موجودا بالمكان.
ويحاول المستوطنون، بحسب الأهالي، منذ ثمانينيات القرن الماضي، السيطرة على أراضي خلة حسان، من خلال صفقات بيع ثبت أن معظمها مزورة من خلال قضايا بحثت لسنوات في محاكم الاحتلال، فيما بقي عدد من القضايا لم يتم البت فيها، لكن الأهالي مصرون على الحفاظ على كل الأراضي مؤكدين أنهم سيقومون بزراعتها والتواجد الدائم فيها إضافة إلى الاستمرار بإقامة الفعاليات الشعبية فيها بشكل أسبوعي.
على صعيد آخر، أقام أهالي قرى جبارة وشوفة والراس، صلاة الجمعة، اليوم، على أراضي قرية جبارة، جنوب طولكرم، ضد مخطط إقامة منطقة صناعية استيطانية في المنطقة. وشارك العشرات من الأهالي في الصلاة التي أقيمت على أراضٍ مهددة بالمصادرة، وألقيت الكلمات بعد انتهاء خطبة الجمعة حول خطورة المخطط الاستيطاني في المكان.
وقال الناشط المناهض للاستيطان مراد دروبي، لـ"العربي الجديد"، إن جيش الاحتلال قام، أمس، بمصادرة مفاتيح مركبة لمواطن من قرية جبارة في منطقة غير مهددة بالمصادرة أصلا، لكن الاحتلال بدأ قبل أيام بتجريف أراض لإقامة شارع يحيط بالمنطقة الصناعية الاستيطانية المفترضة، والتي ستقضم 720 دونما من أراضي القرى الثلاث، فيما ستتم إقامة فعالية كبيرة يوم الثلاثاء القادم، دعما للأهالي وتأكيدا على رفض المخططات الاستيطانية. وحذر دروبي من هذه المنطقة الصناعية، واصفا المشروع بأنه الأكبر في الضفة منذ العام 1967.
الى ذلك، أصيب شاب فلسطيني بالرصاص المعدني في ذراعه خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة الأسبوعية في قرية كفر قدوم، شرق قلقيلية، شمال الضفة الغربية، المناهضة للاستيطان، والتي خرجت تنديدا بجرائم الاحتلال بحق أبناء البلدة والتي كانت آخرها زرع عبوات ناسفة على جانبي أحد الشوارع.
وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي، في تصريحات صحافية، بأن جنود الاحتلال اعتدوا على المشاركين في المسيرة بعد دقائق من انطلاقها من مسجد عمر بن الخطاب باستخدام الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط، ما أدى الى إصابة أحد الشبان بعيار في اليد تسبب بحدوث جرح قطعي عميق عولج ميدانيا.
واكد شتيوي أن القرية شهدت أخيرا حادثا غريبا وخطيرا تمثل بقيام جنود من وحدة "ناحال" الإسرائيلية بزراعة عبوات ناسفة انفجرت إحداها وأصابت شابا بجروح في يده وعينه، مشيرا إلى أنه لأول مرة تشهد القرية حدثا كهذا منذ انطلاق المسيرة.
وأوضح شتيوي أن جنود الاحتلال، حسب اعترافاتهم في تقرير أعدته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كانوا ينوون "ردع المواطنين"، مؤكدا أن كل هذه الوسائل لن تثني أهالي القرية عن الاستمرار في مسيرتهم حتى تحقيق أهدافها.
وانطلقت المسيرة بعد أداء صلاة الجمعة بمشاركة مئات المواطنين، الذين رددوا الشعارات المنددة باتفاق التطبيع الذي وقعته الإمارات أخيرا مع دولة الاحتلال برعاية أميركية، مطالبين الشعوب العربية بالضغط على الحكومات لمنع توقيع اتفاقات مماثلة.
في خضم ذلك، أقيمت صلاة الجمعة في خيمة الاعتصام في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، رداً على الهدم الذاتي الذي يفرضه الاحتلال على المقدسيين.
وكانت قد وجهت دعوة لأصحاب القرار والناشطين والمسؤولين من بلدات العيسوية وجبل المكبر وصور باهر وغيرها من البلدات للمشاركة في إقامة صلاة الجمعة في حي البستان.
وقال الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الذي أم المصلين هناك، إن خيمة سلوان هي للتضامن مع أهلها المهددة منازلهم بالهدم من قبل الاحتلال الظالم الذي يجبر المقدسيين على هدم منازلهم أو يقوم بهدمها مشرداً الصغار والكبار.
وأضاف صبري: "أوجه رسالتي للمواطنين بأن يبقوا متمسكين ببيوتهم وبأرضهم، وأن لا يستسلموا لسياسة الاحتلال العنصرية التي تستهدف تهجير المواطنين من أرضهم".
يذكر أن نحو 90 منزلا ومنشأة هدمها الاحتلال منذ مطلع العام الجاري في القدس المحتلة، أو أرغم أهلها على هدمها ذاتيا.