إسلاميو المغرب يخشون سيناريو "النهضة"

14 نوفمبر 2014
لا يزال إسلاميو المغرب موجودين في الحكم (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

بعد أن احتل إسلاميو تونس، ممثلين بحركة النهضة، المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية وراء حزب "نداء تونس" الذي يصنف بأنه حزب علماني، وقبل ذلك تم تغييب إسلاميي مصر قسراً من حكم البلاد، أصبح السؤال الذي يطرحه الكثيرون "ماذا عن إسلاميي المغرب"؟

يجد السؤال مبرره نظراً لأنّ إسلاميي هذه البلدان العربية الثلاث؛ تونس ومصر والمغرب؛ وصلوا إلى صدارة الحكم في دولهم في فترة زمنية واحدة عُرفت بـ"الربيع الديمقراطي"، أو "الهَبة" الشعبية التي أفضت إلى سقوط أنظمة تونس ومصر، وإجراء إصلاحات في المغرب.

فرياح الثورة الشعبية العارمة التي شهدتها تونس في ديسمبر/كانون الأول 2010، وتلك التي أدت في مصر إلى إسقاط نظام حسني مبارك وحلول نظام "الإخوان"، هي نفسها التي حملت إسلاميي المغرب لقيادة الشأن العام في البلاد، ردّاً على الحراك الذي جسّدته حركة "20 فبراير".

ويرى القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب، عبدالعزيز أفتاتي، أن إسلاميي دول الحراك لهم حَسَنة، أنهم استطاعوا مواجهة تيارات الاستبداد في بلدانهم، ما أثار مقاومة الدولة العميقة في بعض تلك الدول، الأمر الذي أفضى إلى ثورات مضادة.

ويلفت أفتاتي في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "التيارات الإسلامية التي تبوأت صدارة المشهد السياسي في بلدانها بعد "الربيع العربي"، تقاسمت في برامجها السياسية الإصلاحية نقاطاً متشابهة فرضتها التحولات السياسية لمرحلة الحراك، ولا سيما خلال سنة 2011".

ويوضح أنّ ما كان يجمع الحركات الإسلامية في عدد من دول الحراك، ومنها المغرب، أنها أعلنت صراحة محاربة الفساد بكل أشكاله ومظاهره، وتبني خِيار تجديد النخب السياسية، والقطع مع السياسات السلطوية القديمة، وهو ما تَوافق مع مطالب الشعب.

ويقلل أفتاتي من مقولة أفول الإسلام السياسي في بلدان الحراك، معتبراً أن ما حدث في مصر ليس انحساراً للحركة الإسلامية، ومشيراً إلى أن "تراجع إسلاميي مصر كان قهراً، وجاء بثورة مضادة مدعمة من العسكر وأطراف داخلية وخارجية لها المصلحة في انكسار الإخوان".

أما بخصوص إسلاميي المغرب الذين لا يزالون موجودين في الحكم، فيعتبر أفتاتي أنهم "تمسكوا بشرعية المؤسسات القائمة بهدف دعمها. كما يباشرون الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي وعدوا بها المواطنين، رغم جيوب المقاومة التي تضع العصا في عجلتهم".

من جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، محمد نشطاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ قراءة ذات بعد واحد لأحداث "الربيع العربي تدفعنا إلى استنتاج أن الإسلاميين غير قادرين على إدارة دواليب الحكم، باستثناء العدالة والتنمية في المغرب".

ويرى نشطاوي أنّ "الإسلاميين في مصر تمت إزاحتهم بانقلاب دموي من المشير، عبد الفتاح السيسي، وبمباركة غربية، جراء الخوف من الإسلاميين"، لافتاً إلى أن "الانقلاب على الشرعية يرسل إشارات سلبية ويشجع الجماعات المتطرفة".

أما في تونس، يعتبر نشطاوي، أنّ "حصول الإسلاميين على الأغلبية في الانتخابات السابقة، ثم تراجعهم في الانتخابات الأخيرة يمكن تفسيره بصعوبة وتعثر مسلسل التطبيع المؤسساتي".

ويعزو تراجع إسلاميي تونس إلى "توقعات المواطن بالقضاء على الفقر والبطالة والأمية، وتحقيق العيش الكريم وكرامة المواطن كبيرة. كما أن البيئة السياسية الداخلية والخارجية غير مستعدة لتقبل هذا الصعود غير المسبوق لقمة هرم السلطة".

ويلفت نشطاوي إلى أنّ أجواء الحرب العالمية المعلنة على "داعش" في سورية وجماعات مشابهة في ليبيا وسيناء المصرية، ساهمت في تجنيد الأنظمة العربية التسلطية، ومعها الدول الغربية التي تعاني من رهاب الإسلام السياسي، لممارسة ضغوط اقتصادية على تونس".

ويعتبر الأكاديمي المغربي أنّ "صعوبات اجتماعية واقتصادية تؤثر على الحياة في تونس ومصر، لكنها ليست مسوغة لإضفاء الشرعية على الانقلاب، إذ تم استغلال تلك المشاكل في مصر، وأُعدت قوائم جاهزة للاعتقالات، وأغلقت وسائل الإعلام".

ويشير نشطاوي إلى أنّ "النتيجة كانت فشل المسار الديمقراطي، ومعه فشل النخب العربية التي كانت تراهن على الديمقراطية، لكن عندما لم توصلها إلى الحكم، ارتمت في أحضان حكم العسكر، وشحذت سكاكينها ضد الإسلاميين".

وبخصوص إسلاميي المغرب، يرى أن "الحراك العربي كان وراء حصولهم على السلطة باعتبارهم "أقل سوءاً" من سابقيهم، وأنه لم تتح لهم أبداً فرص للحكم، ولكونهم الخيار الوحيد الذي بإمكانه تجنيب المغرب مصير دول أخرى عاندت تيار التغيير".

ويلفت نشطاوي إلى أن التخوف يكمن في أن أركان الدولة العميقة لن يدعوا إسلاميي المغرب يحكمون بسلام، وبأنهم سيستخدمونهم لضبط الشارع، وتمرير برامج وقرارات غير شعبية، وبعد ذلك يتم التخلي عنهم في أول فرصة مع الانتخابات المقبلة" وفق تعبيره.