ودافع النحاس في المقابل عن نزاهة الحكم الوفدي، واستنكر رئيس المجلس علي زكي، المسلك الذي وصفه بـ"الشائن" لعبيد، واستهجن تلك "التهم الطائشة". وصوّت على فصل عبيد بأغلبية 208 أصوات ضد 17 صوتاً رافضاً، واعتُقل بالقرب من مدينة المنصورة، إلا أن نجاح القصر الملكي في إقالة النحاس عام 1944 سهّل لعبيد تولي رئاسة الوزراء بعد ثمانية أشهر من إسقاط عضويته.
سابقة عهد السادات
في عام 1971، شهدت مصر سابقة برلمانية، بعد أن اجتمع 263 نائباً ووقّعوا طلباً بإسقاط رئيس المجلس محمد شقير، ووكيليه كمال الحناوي وأحمد فهيم، و15 عضواً آخرين من زملائهم، معلنين تأييدهم المطلق للرئيس أنور السادات في تصديه لمراكز القوى، فيما سمى وقتها بـ"ثورة التصحيح"، ونجح النواب في إسقاط عضويتهم.
"ملعون من الله، ومن الشعب من يتجاوز إرادة أمة"، بهذه الكلمات خاطب عضو مجلس قيادة الثورة كمال الدين حسين، السادات في برقية أرسلها في أعقاب الانتفاضة الشعبية على الغلاء في يناير 1977، منتقداً فيها إدارته للدولة وتجاوزه لسلطة مجلس الشعب في التشريع وسنّ القوانين، ما أغضب الرئيس الراحل، واعتبرها تجاوزاً غير مقبول وأحالها للبرلمان، الذي قرر إسقاط العضوية عنه.
كما أُسقطت عضوية نائب دائرة الجمرك في الإسكندرية الشيخ عاشور، في مارس/آذار 1978، بعد أن أحال رئيس المجلس سيد مرعي اقتراحاً مقدّماً من خمسين عضواً من الأغلبية، يطالبون بإسقاط عضويته عقاباً على هتافه تحت قبة البرلمان: "يسقط أنور السادات". وخرج عاشور مغادراً جلسة عاصفة عن سوء حالة رغيف الخبز، مردداً "ده مش مجلس الشعب... ده مسرح مجلس الشعب"، بعد أن أحاله رئيس البرلمان إلى اللجنة التشريعية لإهانته المجلس، أعقبها بهتافه ضد السادات، فجاء التصويت على إسقاط عضويته.
ولم يحتمل السادات رفض 13 نائباً لاتفاقية "كامب ديفيد" ومعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني، وأمر بحل المجلس عام 1979، وكان من بينهم النائب الحالي كمال أحمد، والراحلان عادل عيد وأبو العز الحريري.
وفي 20 فبراير/شباط 1989، اعتدى وزير الداخلية الأسبق زكي بدر بالضرب على النائب الوفدي أنور رسلان، تحت قبة البرلمان أثناء مناقشة بعد استجواب ضد الوزير حول تعذيب معارضين في السجون، إلا أن لجنة القيم انحازت للأخير، وقررت إسقاط عضوية زميلهم المُعتدى عليه بعد ثمانية أيام، بدعوى مهاجمته وزير الداخلية. وكان بدر، وهو والد وزير التنمية المحلية الحالي أحمد زكي بدر، قد هاجم أعضاء البرلمان من المعارضة، بالسباب والشتائم، وأذاع مكالمات سجلتها الداخلية للمعارضين، من بينهم رئيس حزب الوفد فؤاد سراج الدين، ما أثار غضب رسلان الذي ذهب للمنصة وحاول الاشتباك مع الوزير.
نواب مبارك في الصدارة
اختلس نائب الحزب الوطني بهاء قدري المليجي، أراضيَ من الدولة في منطقة "منشأة لطف الله" في محافظة المنيا، بنحو 65 مليون جنيه، وصدر حكم بحبسه 15 عاماً بعد إسقاط عضويته في 2002. فيما قضى نائب الحزب الوطني عماد الجلدة، عقوبة السجن لثلاث سنوات، بعد تقديمه رشاوى لكبار المسؤولين في وزارة البترول، ما سهل إسقاط عضويته في 2007.
وفي العام ذاته حصلت شركة دنماركية على حكم قضائي بإشهار إفلاس النائب الحالي محمد أنور السادات، لإصداره شيكاً لها بقيمة 250 ألف دولار دون رصيد، ما دفع مجلس النواب للتصويت على إسقاط عضويته، رغم أن محكمة النقض قضت بإلغاء الحكم بعد تسعة أشهر.
كما تورط نائب الحزب الوطني هاني سرور، في قضية أكياس الدم الفاسدة، التي وردها إلى مستشفيات الحكومة من خلال صفقات ارتبطت بمسؤولين بارزين في وزارة الصحة، كانت وراء إسقاط عضويته في العام 2010، بعد موافقة 314 نائباً على طلب إسقاط العضوية.
عكاشة والتطبيع
في مخالفة لنصوص اللائحة المنظمة، أسقط مجلس النواب الحالي عضوية توفيق عكاشة في مارس/آذار الماضي، بدعوى استقباله للسفير الإسرائيلي في القاهرة بمنزله، ومناقشة أمور وقضايا تمس الأمن القومي المصري، رغم حالة التطبيع الصريحة التي ينتهجها نظام السيسي. اللافت أن مدير الاستخبارات الحربية الأسبق ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان كمال عامر، أبدى ترحيبه باستقبال السفير الإسرائيلي في مقر المجلس النيابي عقب إسقاط عضوية عكاشة.
كما أسقطت محكمة النقض عضوية أحمد مرتضى منصور، بعد إعادة فرز أصوات دائرة الدقي والعجوزة في الجيزة، وصعّدت محله منافسه البرلماني السابق عمرو الشوبكي، إلا أن البرلمان لم يعلن حتى الآن فوز الأخير بالمقعد.