إسطنبول نحو إجراءات مشدّدة حيال اللاجئين السوريين

13 يوليو 2019
لاجئون سوريون في إسطنبول (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -
يبدو أن الفترة المقبلة، بحسب مراقبين، ستشهد تشديداً على السوريين خصوصاً والعرب في تركيا عموماً، وفي ولاية إسطنبول على وجه التحديد، لتقنين وجودهم وعملهم. هذا ما أعلنه وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، اليوم السبت، خلال لقائه مع نشطاء وإعلاميين عرب وسوريين، طالباً الدعم من المجتمع المدني والإعلاميين العرب، لتوضيح النهج التركي الجديد الذي أصبح ضرورة، على حدّ وصفه.

وبيّن الوزير صويلو في الاجتماع الذي حضره والي اسطنبول، علي يرلي قايا، ومدير دائرة الهجرة، عبد الله أياز، أن بعض الأطراف والأحزاب التركية، استخدمت قضية اللاجئين، والسوريين منهم خصوصاً، لافتاً إلى "‏محاولات التكسب السياسي داخلياً من موضوع السوريين، وهذا غير مقبول ويجب التوقف عنه".

وأشار الوزير إلى "بعض التغيرات التي ستطرأ على التعاطي مع اللاجئين الذين بدلوا طبيعة وجودهم بتركيا، من لاجئ يحمل بطاقة حماية مؤقتة إلى إقامة سياحية". وقال: الإقامات السياحية ستكون لها سياسات خاصة بعد تجديدها الأول أي بعد السنة الأولى، إذ علينا أن نعرف كيف يعيش حامل الإقامة السياحية وأين؟. وأكد أن بلاده ستقوم "خلال الفترة القادمة بإجراءات مشددة لضبط الإقامات والأذونات وضبط الهجرة السرية". وأشار إلى إلقاء القبض على 10 آلاف شخص ممن يتاجرون بالمهاجرين، متعهدا بمواصلة مكافحة أي استغلال بحقهم.

الالتزام بالقوانين

واعتبر صويلو أن لدى بلاده فترة استقرار لأربع سنوات، ريثما يحين موعد الانتخابات الرئاسية، لذا لا بد من "رسم الطريق الصحيح". ولفت إلى ضرورة عدم إحداث تغيير ديموغرافي في الولايات التركية، والسكن بمكان تسجيل الإقامة المؤقتة، مضيفاً "يقال أن في إسطنبول زهاء 600 ألف سوري، وإن ‏150 ألفاً منهم انتقلوا من هاتاي، وعنتاب، ومرسين، وأضنة، وأورفا، نحو إسطنبول في السنوات الثلاث الأخيرة". كما أشار إلى التشدد في عدم تسجيل أي لاجئ جديد في إسطنبول، باستثناء الحالات الإنسانية المرضية أو الولادات.

كما أكد مدير الهجرة في إسطنبول، عبد الله أياز، أن في إسطنبول 547 ألف سوري يحملون بطاقات حماية مؤقتة، مشيراً إلى اكتظاظ المدينة بالسوريين ممن يحملون الإقامات السياحية.

وتابع أياز مدير الهجرة، مؤكداً طمأنته للسوريين بعد حملات التهديد والوعيد بالطرد التي قادها بعض الأتراك أخيراً، وقال: "تركيا تفعل ما بوسعها كي يعيش السوريون على أراضيها بشكل جيد"، داعياً وسائل الإعلام لعدم نشر الأخبار غير الصحيحة التي يبثها أصحاب النوايا السيئة، على حد تعبيره. وأضاف "أبواب تركيا مفتوحة للجميع وستبقى"، ولكن على الضيوف "الالتزام بالقوانين والقواعد التركية".

تراخيص العمل
من جهته، قال والي إسطنبول علي يرلي قايا: "إن رواية الأنصار والمهاجرين بدأت تنتهي، نسأل الثواب عن ذلك العمل في نصرة السوريين لكن التحديات الآن كبيرة"، متوعداً بمحاربة تجارة البشر في تركيا وإسطنبول خصوصاً. وقال إن "السوريين غير المسجلين بإسطنبول، سنعيدهم إلى مدنهم ونمنع التنقلات بين المحافظات لمنع العمل غير المرخص".

وركز الاجتماع على أربع نقاط، أولها نظام "الكوتا" أي تشغيل خمسة أتراك مقابل عامل أجنبي واحد في المنشآت التركية. وأشار الوزير صويلو إلى استثناء السوريين من هذا الشرط حالياً، مؤكداً تشديد الإجراءات عليهم وعلى غيرهم في حال مخالفتهم القوانين أو عدم امتلاك الأوراق الرسمية. كما توعد بترحيل أي سوري إلى شمال غرب سورية "المناطق المحررة" بحال ارتكاب جرم.

كما وعد الوزير بتوفير خط ساخن للتبليغ عن جرائم الكراهية، لافتاً إلى أن الوزارة تعتقل أسبوعياً ما يقارب 300 شخص في جرائم الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

يشار إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان سبق وأعلن خلال اجتماع هيئة القرار المركزي في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لتقييم نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، أول من أمس، أن حكومته ستتخذ خطوات جديدة تجاه السوريين في تركيا، تتضمن ثلاثة ملفات هي التشجيع على العودة، وترحيل مرتكبي الجرائم، وإيقاف خدمات الطبابة المجانية لهم.

ويشهد السوريون في تركيا في المرحلة التي تلت الانتخابات تشديدًا في تطبيق القوانين، بدأت بمطالبة المحال بإزالة اللافتات العربية غير المطابقة للمواصفات التركية في ولاية اسطنبول. كما فرضت وزارة العمل شروطًا مشددة للحصول على أذون العمل. ويقيم في تركيا 3605615 سورياً في مختلف الولايات حسب بيانات دائرة الهجرة التركية في عام 2019.

العلم التركي وسن الزواج

وفي السياق، عُقد قبل أيام اجتماع بين القائم مقام في منطقة شاهين بي في مدينة غازي عنتاب، إلى جانب مدير من دائرة الهجرة التركية، ومسؤول من مديرية التربية التركية، مع بعض منظمات المجتمع المدني وبعض الشركات التجارية وإعلاميين سوريين.

ورشح عن الاجتماع توجيهات من وزارة الداخلية التركية منها عدم رفع أي علم من قبل السوريين في تركيا عدا العلم التركي، والانضباط في الأماكن العامة وخصوصاً الحدائق، وعدم شغل مساحات كبيرة فيها لأن الأماكن العامة ملك للجميع، وسعي السلطات إلى توفير الانسجام للسوريين مع المجتمع التركي لحين توفير ظروف عودتهم إلى سورية، وذلك من خلال توعية اللاجئين بخصوص آداب التعايش مع الأتراك لإيجاد البيئة المناسبة للعيش المشترك.

ودعا القائم مقام السوريين لعدم الخوض في السياسة الداخلية التركية وخصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي، وتقّيد المحلات السورية باستخراج الرخص وأذون العمل وساعات العمل وأيام العطل المحددة في تركيا. كما أشار إلى أن سن الزواج المسموح به في تركيا هو 18 عاماً وما وفوق، مؤكداً محاسبة من يخالف القانون بهذا الشأن.

التأمين و"الكيملك" والمعابر

في المقابل، تقدم السوريون بطلبات عدة من الحكومة التركية، منها إعفاء أصحاب المحال الصغيرة السورية والتركية من التأمين (السيكورتا) لمدة عامين، وضرورة فتح التسجيل على الكمالك (بطاقات الائتمان المؤقتة) لمن هو مقيم في عنتاب ولا يملك كيملك. إضافة إلى تسهيل خروج السوريين من حملة الجنسية التركية إلى سورية من أي معبر حدودي.

ويرى الأكاديمي التركي سمير صالحة أن قضية اللاجئين السوريين بتركيا، ليست سياسية فقط، وتستخدم للتجاذبات والضغط خلال الاستحقاقات.

واعتبر صالحة في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "لا بد لكل طرف بتركيا أن يضع نصب عينيه دائماً البعد الإنساني والاجتماعي والتعليمي خلال المناقشات عن وجود السوريين، وعدم النظر بعين واحدة أو الترويج لمعلومات خاطئة". وقال: "لا أظن أن حكومة العدالة والتنمية ستتخلى عن تعهداتها بالتعامل مع ملف اللجوء بالمنطقة، أو أن تسمح للبعض بتحويل هذه القضية إلى ورقة ضغط سياسي داخلي، لأن الاعتبار الإنساني والاجتماعي لا يمكن فصله عن السياسة في نهج حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للحكم عام 2002".
المساهمون