إسرائيل وإغلاق الحسابات.. القنطار نموذجاً

23 ديسمبر 2015
+ الخط -
بعد كل جريمة اغتيال، تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي لأحد المطلوبين لها، وخصوصاً ممن اتهموا بعمليات قتل للمستوطنين، يسارع المسؤولون السياسيون والعسكريون في إسرائيل إلى القول "أغلقنا الحساب"، كما أن الإعلام العبري يعنون صحفه بالبنط العريض "أغلقنا الحساب"، و"تم دفع الفاتورة"، فبعد اغتيال جهاز الموساد القيادي في كتائب القسام محمود المبحوح في دبي عام 2010، نشرت الصحف العبرية آنذاك، وعلى الصفحة الأولى، وفي كل المواقع العبرية "أغلقنا الحساب"، وهذا ما فعله بعد عملية اغتيال سمير القنطار القيادي في حزب الله، والأسير السابق لدى إسرائيل، فقد نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت "إسرائيل أغلقت حسابها مع القنطار"، ورحب رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، بالعملية، مباركًا من قام بها ومن بادر إليها، قائلًا "الحساب أغلق بمقتله".
تعتبر إسرائيل أن من يقتل أحد الإسرائيليين، فقد فتح معها حسابا، ولا يغلق إلا بقتله، حتى ولو تم سجنه وأخذ جزاءه، فإن الحساب لم يدفع كاملاً كما تقول، وبالتالي، القتل والتصفية هي الوسيلة الوحيدة لدفع الفاتورة وإغلاق الحساب.
تواصل إسرائيل سياستها لتصفية الحساب مع رجال المستوى التنفيذي في الفصائل والنشطاء الذين تسببوا بخسائر لها على الصعيدين، البشري والمادي، وتهدف من عمليات الاغتيال إلى إرسال رسالتين. الأولى، للقوى الفاعلة والتي تعمل ضدها، خصوصاً حركات المقاومة وقادتها، وتحديداً من أفرج عنهم ضمن عمليات تبادل للأسرى، وإخبارهم بأن يد إسرائيل طويلة، تستطيع الوصول إليهم أينما كانوا، وعندما تجد ثغرة أمنية تهيأ الفرصة لها لاغتيال أحد المطلوبين، فإنها لا تتوانى عن فعل ذلك. والرسالة الأخرى لطمأنة الشارع الإسرائيلي بمقدرتها على تتبع المسؤولين عن العمليات حيث كانوا، وأن إسرائيل لا تغض الطرف أو تعفو وتصفح عمن قتلوا إسرائيليين إلا بعد قتلهم.
تتعمد إسرائيل في عمليات اغتيال كثيرة، خصوصاً التي تكون خارج حدود فلسطين إلى عدم تبنيها رسمياً إلا بعد سنوات من تنفيذها، وهذا ما حدث مع عملية اغتيال القائد خليل الوزير ( أبو جهاد) في تونس عام 1988، ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية إلا بعد 27 عاما، وفي عملية اغتيال سمير القنطار تتعمد إسرائيل، حتى اللحظة، عدم الإعلان عن العملية، والتزام الحكومة الإسرائيلية الصمت، على الرغم من مباركة أطياف سياسية وعسكرية إسرائيلية الجريمة، وغالبيتهم قالوا إن العالم أفضل من دون القنطار، وأنه تلقى جزاءه، وأن العملية جاءت تصفية حساب قديم في رقبته، وأن ما حدث يعتبر من باب العدل التاريخي.
1CEC15CB-CEB5-4D55-A776-CCBEF78634E6
1CEC15CB-CEB5-4D55-A776-CCBEF78634E6
ماهر الكومي (فلسطين)
ماهر الكومي (فلسطين)