والمفارقة الغريبة، أن تتبوأ إسرائيل رئاسة لجنة دولية، يُفترض أن مهمتها الأساسية تعزيز القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بينما هي دولة الاحتلال الوحيدة في العالم، وهي الدولة الموغلة في خرق القانون الدولي، والاعتداء على كافة الأعراف الإنسانية، والاتفاقيات، والمعاهدات، وقرارات الأمم المتحدة بشكل متعمد ومتواصل.
وفي هذه الحالة لا يمكن فهم القرار الأممي، إلا كونه مكافأة للاحتلال الإسرائيلي على كافة الممارسات العنصرية التي يرتكبها على مدار الساعة ضد شعب أعزل، بما في ذلك توسيع الاستيطان غير الشرعي، وسرقة الأراضي والموارد والثروات الطبيعية، وعمليات التطهير العرقي، والإعدامات الميدانية، وجرائم "ترقى إلى جرائم حرب".
والمثير للجدل أكثر، وصف السفير الإسرائيلي، داني دانون، لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه "تاريخي لإسرائيل" لأن "إسرائيل رائدة عالمياً في القانون الدولي وفي مكافحة الإرهاب". ودانون هذا لمن لا يعرفه، هو من أشد المعارضين لحلّ الدولتين، الرافضين لإقامة دولة فلسطين، ويدعو لبقاء الاحتلال الإسرائيلي، بل والسيطرة على معظم أراضي الضفة الغربية. ودانون هذا، رفض وقف العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2014. كما تزعم تحركات معادية للعرب داخل إسرائيل إلى درجة أنه طالب بإبعاد النائبة العربية في الكنيست، حنين الزعبي إلى قطاع غزة.
ما يدعو للأسف في هذه المهزلة الدولية، هو مشاركة دول عربية في التصويت لصالح إسرائيل، وما يثير الدهشة أكثر أن مجموعة دول أوروبا الغربية، التي تزعم الحرص على "العدالة الإنسانية" فضّلت إسرائيل على السويد لهذا المنصب، وكأنّ سجلّ الكيان الاحتلالي العنصري في مجال حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، "أبيض" من سجلّ السويد. بكل بساطة، هي صورة مخزية للنفاق الدولي الذي يُنصّب إسرائيل رسمياً "دولة" فوق القانون الدولي.