إسرائيل... صورة مشروع ينهار

11 أكتوبر 2019
تظاهرة برام الله دعماً لحركة المقاطعة بمايو الماضي(فرانس برس)
+ الخط -
قبل نحو 20 عاماً فقط، لم يكن كثيرون في الشمال الغربي الأوروبي يملكون جرأة الحديث، تحت سيف تهمة "معاداة السامية"، عن "وظيفة الدولة الصهيونية" كذراع استعماري غربي، كما يفعل كتّاب وصحافيو وساسة هذه الأيام.

جملة حرفية في سياق افتتاحية صحيفة "إنفارماسيون" الدنماركية للصحافي العريق لاسا إيلاغورد، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، تعليقاً منه على نتائج المشاركة العربية لفلسطينيي 48 بانتخابات الكنيست توضح هذا التحول، إذ قال "... ومن الناحية التاريخية، كانت إسرائيل موكلة بوظيفة كلب حراسة غير عربي وغير مسلم للمصالح الغربية في المنطقة، ما سمح للدولة الصهيونية بالسيطرة العسكرية والاقتصادية التدريجية على الضفة الغربية وضم الجولان وشرق القدس العربية". ما كتبه إيلاغورد، في افتتاحية "إنفارماسيون"، التي يعمل فيها منذ عام 1968، ليس عادياً في قياس المتغيّرات.

قراءات كثيرة أخرى عن تراجع مكانة دولة الاحتلال ودورها، تعكس أيضاً واقعاً سياسياً مختلفاً في النظر للحركة الصهيونية خلال السنوات الأخيرة. فالمتغيرات تجدها حتى في صفوف كتّاب اعتبروا أنفسهم سابقاً من الطليعة، بل كمنتسبين لفكرة الكيبوتس، الذين رأوا الاحتلال "فتحاً وكسباً"، أمثال رئيس تحرير صحيفة "بوليتيكن" السابق، هربرت بونديك، وصولاً إلى كبريات العائلات اليهودية المتنفذة والضاغطة شمالاً، أمثال عائلة ميلكيور.

ومقابل ذلك، ثمة عرب في 2019 يقدمون أنفسهم على أنهم حماة لديار المسلمين ومقدساتهم، تجدهم أكثر حماسة للكيان الصهيوني من بعض الغربيين.

وقد يرى البعض أنّ ارتفاع وتيرة انتقاد هذه الأصوات الغربية لدولة الاحتلال هو بسبب حرصهم عليها، وقد يكون ذلك صحيحاً. لكن ما يهم هنا، أنه ليس معزولاً عن تأثيره وتأثّره بصناع القرار الجدد. هذا إلى جانب تأثيره في الرأي العام، وفي الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً لناحية ذهاب مشروع دولة الاحتلال نحو الانهيار بفعل "اختيارها أن تصبح دولة أبارتهايد".

جملة أخرى نقتبسها من لاسا إيلاغورد، لم يكن لها مكان سابقاً، في سياق نفي وجود شعب فلسطين، بقوله "الشعب العربي في بلد الانتداب فلسطين ممن بقي على أرضه، ودخل الانتخابات بقائمة موحدة، سيتحول مع بقية شعب فلسطين إلى مقرر لمستقبل الدولة الصهيونية مع الانتهاء بحلّ الدولتين".

ذلك الإدراك الذي يبديه غربيون عن "إفلاس وشلل يهودية الدولة"، يقابله للأسف عربياً شخصيات ودول تدعم بكل وقاحة وعلنية صهيونية ويهودية دولة الاحتلال بحجة "السلام"، الذي يصفه ساسة وكتاب في الشمال الأوروبي بأنه "أوهام لم توقف بناء مستعمرة واحدة منذ قتل اسحاق رابين". بالمختصر، ثمة طرح غربي مستجدّ وواضح عن "مجموعات فساد عربية حاكمة تدعي أنها مع الفلسطينيين، فيما هي تدعم مشروعا سينتهي به المطاف إلى مشروع أبارتهايد".

سابقاً، كان من يعترض على المشروع الصهيوني، من بين كتاب وساسة، يتهم بشتى الاتهامات التي لا تقف عند حدّ دعم الإرهاب واللاسامية، تماماً كما يحصل مع العرب المنادين بوقف التطبيع ودعم فلسطين اليوم، وإن ينتهي حال الأخيرين وراء القضبان، مثلما يلاحق أعضاء في حركة "المقاطعة" عربياً.

المساهمون