إسرائيل سرقت مياه الأردن في "وادي عربة": موتوا عطشاً

20 أكتوبر 2014
التل: المعاهدة تخالف القوانين المائية الدولية (العربي الجديد)
+ الخط -
أورثت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة"، وملحقها الثاني المتعلق بالمياه، الأردنيين العطش منذ توقيعها قبل 20 عاماً وتتوعدهم باستمراره مستقبلاً.

تمكنت إسرائيل في المعاهدة وملحقها من قوننة شروطها المتعلقة بكميات المياه التي تحصل عليها ونوعيتها، بل وثبّتت لنفسها حقوقاً في مياه أحواض لا تقع ضمن حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا تساهم في تغذيتها.

جعلت معاهدة السلام من "العدالة" شرطاً مكتوباً للحصص المالية التي يحصل عليها الطرفان، من مياه نهري الأردن واليرموك والمياه الجوفية في منطقة وادي عربة الأردنية. وتركت للمحلق الثاني تنظيم "العدالة"، التي لم ترتقِ إلى حدودها الدنيا، كما يقول الباحث في شؤون المياه، وكبير المستشارين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سابقاً، سفيان التل.

وقبل الخوض في العدالة المفقودة لكميات المياه، التي ثبّتها الملحق المخصص لقضية المياه، يدحض التل "عدالة" منح إسرائيل حقوقاً مائية في أنهار عربية لا تُحاذي حدود الأراضي المحتلة عام 1948، إلا بنسب ضئيلة. ووفق كلامه، فإن نهر الأردن البالغ طوله قرابة 360 كيلومتراً، يقع 97 في المائة منه في الأردن وسورية ولبنان والأراضي المحتلة عام 1967، ويقع ثلاثة في المائة فقط من حوضه في الأراضي التي تحتلها إسرائيل عام 1948. وبحسب الدراسات، فإن 75 في المائة من التغذية المائية للنهر تأتي من الأردن وسورية ولبنان، فيما يأتي الباقي من الأراضي المحتلة.

أما في ما يتعلق بنهر اليرموك، يشير التل، إلى أن حوضه يقع بالكامل في سورية والأردن بنسبة 80 في المائة للأولى، و20 في المائة للثانية. وبالتالي يرى أن لا عدالة في تقاسم مياه النهرين بين الأردن وإسرائيل من دون توافق مع سورية ولبنان والسلطة الوطنية الفلسطينية، ولا عدالة بمنح إسرائيل حصصاً مائية في نهر اليرموك الذي لا يقع أي جزء منه داخل الأراضي المحتلة عام 48.

ويدعو الخبير إلى إسقاط المعاهدة، فهي للقوانين الدولية التي تنظّم المجاري المائية المشتركة بين أكثر من دولة، والتي تمنع تحويل مجاريها بشكل يلحق أضراراً بالدول المشتركة فيه. ويؤكد التل أن صمت المعاهدة عن إثارة قضية تحويل مجاري نهر الأردن، يمثل شرعنة أردنية لما قامت به إسرائيل.

وأخيراً، يرى التل في منح المعاهدة للإسرائيليين حقوقاً مائية في وادي عربة، وهي أراضي أردنية احتلت في نكسة يونيو/حزيران 1967، وأعيدت إلى السيادة الأردنية بناء على اتفاقية "وادي عربة"، تفريطاً وتنازلاً من المفاوض الأردني في حق الأردنيين في المياه.

ولدى الدخول إلى تفاصيل الحصص المائية التي يُنظّمها الملحق الخاص بالمياه، يظهر أن مجموع ما يحصل عليه الأردن من المياه، يبلغ 50 مليون متر مكعب سنويّاً، فيما تبقى الحصة الإسرائيلية الإجمالية مجهولة في الملحق، الذي يحدد فقط الكميات التي يحصل عليها الطرف الإسرائيلي من مياه نهر اليرموك. هذا الأمر يمنح إسرائيل حقوقاً مائية تفوق عشرات أضعاف ما يحصل عليه الأردن، كما يبيّن التل.

إذاً، ثبّتت إسرائيل حصصها المائية بالكميات، وتركت حصة الأردن لفائض التدفق إن وجد، وذلك عند التخصيص "العادل" لمياه نهر اليرموك، كما تنص المادة الأولى من المحلق الثاني في المعاهدة. وبذلك يصبح لإسرائيل الحق في ضخ 25 مليون متر مكعب من المياه على مدار العام، مقسمة على 12 مليون متر مكعب من المياه خلال فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب خلال فصل الشتاء، مع حقها في موافقة الأردن على أن تضخ 20 مليون متر مكعب إضافية من المياه خلال فصل الشتاء، فيما يغيب التحديد الكمي عن حصة الأردن، المنصوص عليها بحصوله على باقي التدفق.

ويشير التل إلى أنه خلال 20 عاماً من عمر المعاهدة، لم يحصل الأردن على أية حصة من مياه نهر اليرموك سوى مرة واحدة عندما زاد فيه حجم التدفق عن الحصة المقررة لإسرائيل. ويكشف أنه في سنوات كثيرة، كان حجم التدفق يعجز عن توفير الحصة الإسرائيلية، ما ينتج عنه "المديونية المائية" التي تترتب على الأردن لعدم التزامه ببنود الاتفاقية.

وبالانتقال إلى الحصص التي ثبّتها ملحق الاتفاقية في نهر الأردن، فالمعاهدة تمنح الأردن حقوقاً كمية، من دون أن تحدد الكميات الخاصة بإسرائيل. إذ تنص المادة الثانية أيضاً من الملحق، على موافقة إسرائيل على نقل مياه للأردن خلال فترة الصيف مقدارها 20 مليون متر مكعب من مياه نهر الأردن مقابل الكمية الإضافية التي تحصل عليها إسرائيل شتاءً من نهر اليرموك، على أن يتحمل الأردن كلفة نقل تلك المياه. كما يحق للأردن، وفقاً للمادة نفسها، تخزين 20 مليون متر مكعب من فيضانات نهر الأردن، والحصول شتاءً على 10 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.

ويحذر التل من خطورة تخزين حصة الأردن من المياه لدى الطرف الإسرائيلي، كما تنص المعاهدة، إذ أنه بالإضافة إلى تحمل الأردن كلف نقل تلك المياه المخزنة في بحيرة طبريا، لا يوجد نصّ في المعاهدة يحدد نوعية المياه المنقولة إلى الأردن. ويستذكر التل الواقعة الشهيرة عام 1996 عندما حوّلت إسرائيل مياه ملوثة إلى الأردن عجزت حينها محطات التنقية عن التعامل معها.

غير أن أخطر ما تضمنه ملحق المعاهدة الخاص بالمياه، كما يرى التل، يتمثل في المادة الرابعة التي منحت إسرائيل حق استخدام الآبار التي حفرتها في وادي عربة خلال احتلاله عام 1967، مع إلزام الأردن بعدم اتخاذ أو السماح بأي إجراء من شأنه تقليل إنتاج الآبار ويؤثر على نوعية المياه فيها.

هذا الشرط، يبرر التل من خلاله، الحملات التي يقوم بها الأردن لردم الآبار التي يحفرها الأردنيون في تلك المناطق، وذلك خوفاً من أن تؤثر هذه الآبار على الكميات التي تحصل عليها إسرائيل التي لم تحدَّد، والتي يقدرها بنحو 40 مليون متر مكعب تحصل عليها من 13 بئراً، مع منح إسرائيل استبدال أي بئر تفشل بأخرى.

هكذا، تبرر المعاهدة أسباب عطش الأردنيين كل عام، إذ تبلغ حصة الفرد السنوية من المياه العذبة 170 متراً مكعباً سنويّاً، فيما يحدد البنك الدولي الفقر المائي بألف متر مكعب سنويّاً، ليبقى الأردن في المرتبة الثالثة على سلم أفقر الدول مائيّاً. 
على الرغم من ذلك،  يكرر عرّاب معاهدة "وادي عربة" من الطرف الأردني، رئيس الوزراء الأسبق، عبد السلام المجالي، التأكيد في تصريحاته وحواراته الصحافية، أن الأردن حصل على حقوقه المائية كاملة بل وزيادة، فيما درج الوزراء المتعاقبون على وزارة المياه والري على نفي تلوث المياه، وفي حال ثبوته يرجعون الأمر إلى الأعطال الفنية.

المساهمون