رتل من العربات والمجنزرات يقتحم المدن بعد منتصف الليل، قوات كثيفة مدججة بأنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة تصحبها كلاب بوليسية، حالة من الاستنفار العالي على الحواجز وفي محيط مدن الضفة وقت الاقتحام. هكذا يكون حال قوات الاحتلال الإسرائيلي في مشهد يتكرر عند دخولها مدن الضفة الغربية للقبض على مطلوبين، مشهد قد اعتاده الفلسطينيون من قديم عند القبض على أحد المقاومين أو القادة الحركيين، لكنه أصبح يتكرر مؤخرا للقبض على أطفال يتم اختطافهم من بين أهليهم وتعصيب أعينهم وتقييدهم بصورة مؤلمة وإساءة معاملتهم جسديا ولفظيا، ثم تعريضهم للسجن والتحقيق وفق أساليب شديدة القسوة تشمل العديد من الانتهاكات والاعتداءات ليس أقلها الاحتجاز في سجون انفرادية!
وذكرت "المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال" في تقرير نشرته الإثنين أن إسرائيل تعتقل أعدادا متزايدة من الأطفال الفلسطينيين في سجون انفرادية.
وقالت المنظمة إنه في واحدة من بين كل خمس حالات سجلتها في العام 2013، فإن الأطفال
الذين يعتقلهم الجيش لاستجوابهم "يخضعون للسجن الانفرادي"، مؤكدة أنها زيادة بنسبة 2 بالمئة عن العام 2012.
وصرح إياد أبو قطيش، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية، لوكالة رويترز أن "استخدام السجن الانفرادي ضد الأطفال الفلسطينيين كأداة استجواب أصبح ظاهرة متنامية في إسرائيل"، وأضاف "هذا انتهاك لحقوق الأطفال، وينبغي على المجتمع الدولي أن يطالب بتطبيق العدالة والمحاسبة".
وجاء في التقرير الذي تضمن إفادات 98 طفلا فلسطينيا تراوحت أعمارهم بين 12 و17 عاما، أنه "على نطاق العالم، يتم احتجاز الأطفال والفتيان في سجن انفرادي إما كإجراء تأديبي وإما لفصلهم عن البالغين"، وأضاف أن "استخدام السلطات الإسرائيلية للسجن الانفرادي لا علاقة له بأي دواع تأديبية أو حمائية أو طبية".
ويأتي تقرير المنظمة بعد أشهٍ من موافقة جيش الاحتلال -بعد ضغوط دولية- على اختبار أساليب بديلة للتعامل مع الأطفال الذين يعتقلهم في الضفة الغربية المحتلة.
وكانت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) ذكرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن إسرائيل وافقت على تجربة أساليب أخرى للتعامل مع الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم في الضفة الغربية، بما في ذلك إصدار مذكرات استدعاء بدلا من مداهمة منازل الأطفال واعتقالهم في منتصف الليل.
وخلال السنوات العشر الأخيرة اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي واستجوبت وحاكمت نحو7000 طفل فلسطيني تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما أغلبهم من الأولاد، مشيرة إلى أن هذه النسبة توازي معدل "اعتقال طفلين في اليوم"، وأن هناك 18 طفلاً من بين 27 طفلاً أُلقي القبض عليهم في الخليل في مارس 2013 لم تتجاوز أعمارهم 12 عاما.