في أولى خطواته لتنفيذ ما كان يعد به في حملاته الانتخابية، أعلن الحزب الاشتراكي الإسباني الذي يقود زعيمه بيدرو سانشيز حكومة مدريد منذ بضعة أسابيع، عزمه قريبا لإزالة الأسلاك الشائكة من الأسوار المحيطة بمدينتي سبتة ومليلية الواقعتين في الشمال المغربي، واللتين تخضعان للسيادة الإسبانية.
ونقلت صحف إسبانية تصريحات وزير الداخلية الإسباني في الحكومة الجديدة، فرناندو مارلاسكا، التي أكد خلالها أنه ينوي إزالة هذه الأسلاك الشائكة من محيط المدينتين، عازيا ذلك إلى كونها أسلاكا تفضي إلى إصابات مميتة للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يحاولون اقتحام أسوار سبتة ومليلية للوصول إلى "الأراضي الإسبانية".
ووفق وزارة الداخلية الإسبانية، فإن الحكومة الجديدة تفكر حالياً في تنفيذ تدابير بديلة لتعويض آلية الأسلاك الشائكة، مبديا أسفه لأن الحكومة السابقة لم تعمل على إزالة الأسلاك التي تعرض مهاجرين أفارقة غير شرعيين لإصابات بالغة، واعتبرها أسلاكا "تنتهك كرامة وحقوق الإنسان".ا
وأسس الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الإسبانية الجديدة برنامجه الانتخابي بناء على العديد من الملفات، بشأن طريقة تعاطي مدريد مع المهاجرين السريين، ومنها وعوده بإزالة الأسلاك الشائكة من السياج الحدودي لمدينتي سبتة ومليلية، وإلغاء القانون الذي يشرعن "الإعادة الفورية" للمهاجرين إلى الجانب المغربي.
وثمّن الباحث في مركز الأبحاث والدراسات الاجتماعية بجامعة الرباط، كريم عايش، "خطوة وزير الداخلية الإسباني الإنسانية، التي تقلل الإصابات البالغة التي يعاني منها المهاجرون السريون أثناء تسللهم إلى الثغرين المحتلين".
وتابع عايش أن "هذا القرار المرتقب تنفيذه يعلن بشكل ملموس قبوله بالهجرة، وفتح مدينتي سبتة ومليلية أمامها، في أفق توطين وإدماج للمهاجرين غير الشرعيين"، معتبراً أن "هذه المسألة ستشكل تهديدا حقيقيا للمغرب، الذي سيتحول إلى قناة رئيسة للهجرة من بلدان أفريقيا والشرق الأوسط نحو أوروبا".
وتوقع الخبير أن "يضاعف هذا الوضع أعداد المهاجرين، ويشجع عصابات الاتجار بالبشر والهجرة السرية على استغلال هذا الحدث لتقوية تجارتها"، مشيرا إلى ردود فعل الدول الأوروبية في فضاء شنغن التي "سترى في هذه الخطوة نشوء جزيرتي لامبدوزا جديدتين على جنبات أوروبا، لتصبح القارة العجوز محاصرة بجزر من اللاجئين والمئات من القوارب".
كما أشار المتحدث إلى أن هذه الخطوة هي هروب إلى الأمام بدل حلّ مشاكل بلدان أفريقيا والشرق الأوسط التنموية وإقرار الديمقراطية وحقوق الإنسان فيها. ورأى أيضاً أن "البديل هو تحقيق استقرار سياسي في الدول المصدرة للهجرة عقب التقلبات المدنية والعسكرية، التي عرفتها جراء الجشع الاقتصادي الأوروبي والسباق نحو الثروات والخيرات التي تملكها بلدان أفريقيا".
— Orange Wings Over Scotland (@Smur_OK) June 12, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
بدوره، اعتبر رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى، المتابع لملفات المهاجرين الأفارقة السريين، أن إزالة الأسلاك الشائكة في السياجات الحدودية لسبتة ومليلية له خلفيات أمنية بحتة، مع العلم أن تلك الأسلاك لم تحد كلياً من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وشدد المتحدث على أن المقاربة الأمنية للحد من تسلل المهاجرين السريين إلى الضفة الأخرى أثبتت غير مرة قصورها. ورأى أنه يتعين على الحكومات المعنية الالتفات إلى الجانب التنموي والاقتصادي، الذي يمنع هؤلاء المهاجرين من المغامرة بأرواحهم وأجسادهم وتسلق سياجات شائكة خطيرة.
— MC79 (@Virus1979C) June 12, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وسبق للمرصد الحقوقي أن نشر تقريرا بيّن فيه أن 20 في المائة من محاولات المهاجرين السريين الوصول إلى إسبانيا جاءت عن طريق اقتحام السياجات الشائكة الفاصلة بين سبتة ومليلية وبين التراب المغربي، مقابل 60 بالمائة كانت باستخدام ما يسمى قوارب الموت.
ووفق المصدر ذاته، شارك ما يزيد عن 1190 مهاجراً في محاولة تجاوز الحدود نحو مدينتي سبتة ومليلية وشبه الجزيرة الأيبيرية، 94 بالمائة منهم ينحدرون من دول جنوب الصحراء، و5 في المائة مغاربة، ونسبة 1 في المائة من جنسيات أخرى.