إدوارد سنودن.. مذكرات "السجل الدائم"

11 سبتمبر 2020
(إدوارد سنودن)
+ الخط -

طبعة جديدة صدرت حديثاً من مذكرات إدوارد سنودن "السجل الدائم" (دار ماكميلان) التي أثارت الضجيج وأحيل النظر في أرباحها إلى القضاء الأميركي قبل حتى أن تصدر أول مرة في أيلول/ سبتمبر 2019، فقد أصدر قاضٍ أميركي العام الماضي الحكم بعدم أحقية مؤلّفها في الحصول على أرباح منها، وجاء في نص الحكم أن أي أموال يتم جنيها يجب أن تذهب إلى حكومة الولايات المتحدة.

آنذاك كتب سنودن على تويتر: "قد تسرق الحكومة دولاراً ، لكنها لا تستطيع محو الفكرة التي أكسبته... لقد كتبت هذا الكتاب لك، وآمل أن يلهمك تهافت الحكومة بيأس لمنع نشره أن تقرأه - ومن ثم إهدائه إلى شخص آخر "، وأضاف: "لا يمكنهم (حتى الآن) حظر الكتاب، لذلك يحظرون الربح لمحاولة منع كتابة مثل هذه الكتب في المقام الأول".

غلاف الكتاب

 

عندما سأله أحد معجبيه عما إذا كان من الممكن شراء الكتاب والتبرع بالمبلغ نفسه لمؤلّفه، أوصى سنودن القرّاء بالتبرع بالمال للعائلات التي ساعدت في إيوائه في هونغ كونغ بعد بداية قصته في 2013، ووضَع وقتها رابطاً للمؤسسة الخيرية التي تدعمهم.

في المذكرات، يروي سنودن قصته وكيف توصل في آخر المطاف إلى قراره بتسريب وثائق سرية للغاية تكشف عن خطط الحكومة للمراقبة الجماعية. 

يروي سنودن من أين جاء عنوان مذكراته هذه، "السجل الدائم"، فحين كان طالباً في الثانوية كان كثير التذمر من الواجبات المدرسية، وكان استياءه في الأساس من الطريقة التي استغرقت بها الواجبات المنزلية وقتًا ثمينًا كان يفضل أن يقضيه على الكمبيوتر، لذا قام بتحليل نظام وضع العلامات وأدرك أنه يمكن "اختراقه"، وأنه إذا أجرى الاختبارات القصيرة فقط فيمكنه الحصول على نقاط كافية للنجاح، فتوقف عن أداء واجباته المدرسية، وحين اكتشفه مدرس الرياضيات ذات يوم، قال له: "ذكي جدًا إيدي، ولكن يجب أن تستخدم عقلك هذا ليس لمعرفة كيفية تجنب العمل، ولكن للقيام بأفضل عمل يمكنك القيام به. عليك أن تبدأ في التفكير في سجلك الدائم".

وُلد سنودن لعائلة شبه عسكرية: أب في خفر السواحل، وأم تعمل كاتبة في وكالة الأمن القومي، وكان سيتبع الطريق نفسه لولا أنه أخبر العالم كيف تحولت أجهزة استخبارات بلاده سرًا من الحماية إلى المراقبة الجماعية باسم الأمن القومي. 

عندما كان مراهقًا، زار الموقع الإلكتروني لمختبر الأبحاث النووية في لوس ألاموس ولاحظ وجود ثغرة أمنية كبيرة فيه. فاتصل بالمختبر وترك رسالة يخبرهم فيها بالأمر. لم يحدث شيء لفترة، ثم في أحد الأيام رن هاتف سنودن وكان المتصل رجلاً من لوس ألاموس يشكره على اكتشاف الثغرة الأمنية التي تم إصلاحها ويسأله إذا كان يبحث عن عمل. أجاب سنودن أنه مشغول حاليًا في الثانوية، فقال له الصوت على الجانب الآخر: "حسنًا يا فتى، لديك رقم الاتصال الخاص بي. اتصل بك عندما تبلغ 18 عامًا". 

كانت لحظة 11 سبتبمر 2001 أساسية في حياة سنودن

كانت لحظة 11 سبتبمر 2001 أساسية في حياة سنودن؛ إذ كان رد فعله عليها هو الانضمام إلى الجيش، وأُرسل إلى القوات الخاصة لكنه سقط وأصيب بكسور بليغة، فتقدم بطلب للحصول على تصريح رفيع كان شرطًا للعمل في وكالة الأمن القومي ووكالة المخابرات المركزية. لكن الوظائف في تلك الوكالات كانت نادرة، بينما كانت الوظائف للمتعاونين الذين يعملون لديهم وفيرة. اكتشف أن الكثير من عمل وكالات الاستخبارات الأميركية يتم في الواقع من قبل متعاقدين من القطاع الخاص وليس من قبل موظفين. يعد هذا جزئيًا مراوغة إدارية للتحايل على القيود الفيدرالية على تعيين الموظفين الحكوميين، والحقيقة أن سنودن كان في معظم حياته المهنية مجرّد متعاون مع الوكالة تم استخدامه لاحقًا لتشويه سمعته.

كان هذا مضللًا لأن المتعاقدين مع مستوى سنودن من التصاريح الأمنية كانوا فعليًا موظفين في وكالة الأمن القومي أو وكالة المخابرات المركزية. في حالة سنودن، كان لقبه مسؤول النظام، وكان لديه دائمًا وصول مذهل إلى الملفات الأكثر حساسية. كانت الوكالة تقلل من أهمية مسؤولي النظام الذين يحافظون على استمرارية أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وهم غالبًا ما يكونون الأشخاص الذين يعرفون كل شيء. 

أدى وصوله إلى المواد الحساسة إلى اللحظة المحورية الثانية في حياته. فأثناء علمه في أحد الأيام اطلع على النسخة السرية من تحقيق حكومي في "برنامج مراقبة الرئيس" (PSP) المثير للجدل الذي أذن به بوش في أعقاب 11 سبتمبر.

أدرك سنودن أن هذا لا علاقة له بالتقرير غير السري الذي عُرض على الكونغرس. وبدلاً من ذلك، قدمت النسخة السرية "حسابًا كاملاً لبرامج المراقبة الأكثر سرية لوكالة الأمن القومي وتوجيهات الوكالة وسياسات وزارة العدل التي تم استخدامها لتخريب القانون الأميركي ومخالفة دستور الولايات المتحدة"، بحسب سنودن.

كانت هذه اللحظة والاكتشافات التي توالت بعدها فتيل الغضب الذي شعر به وأدى ذلك في النهاية إلى أن يصبح سنودن ما هو عليه اليوم.

الجزء الختامي من الكتاب يصف الطريقة التي حصل بها على أدلة وثائقية وكيف جمع المواد واختار ما يشاركه مع الصحافيين. كما تطرق إلى آلامه النفسية والعاطفية بسبب مشروعه السري، لا سيما اضطراره للتخلي فجأة عن حبيبته، دون أن يفسر لها شيئاً. 

المساهمون