قدمت لنا الأونروا الخيام، لكن بعد أن طالت مدة لجوئنا بدأ الناس ببناء بيوت أسقفها من ألواح "الزينكو"
يقول اللاجئ الفلسطيني إبراهيم واكد إنه ما زال يتذكر رائحة التراب في بلدته عمقا في فلسطين التي غادرها عندما كان في التاسعة من عمره. يعرّف عن نفسه على الشكل التالي: "اسمي إبراهيم أحمد واكد، وأعيش حالياً في الشارع التحتاني لمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. كان والدي مزارعاً كما أنه كان يبيع شتى أنواع الخضار التي يجنيها من أرضنا. كنا نعيش حياة طبيعية إلى أن وقعت مجزرة دير ياسين التي حصدت أرواح الأبرياء. شعر الناس حينها بالخوف، فبدأوا بالهروب من قراهم". يتابع: "كنا خمسة أخوة عندما هربنا. توجهنا في البداية نحو الحقول واختبأنا تحت أشجار الزيتون مع عدد كبير من الناس الذين تركوا بيوتهم، ثم هربنا نحو بلدة جت. مكثنا فيها مدة، ثم هربنا نحو بلدة دير القاسي إلى أن قصف العدو الصهيوني المنطقة، فتوجه الجميع نحو جنوب لبنان. وصلنا أولاً إلى بلدة عيتا الشعب. ومن عيتا الشعب انتقلنا إلى بلدة الخيام، ومن هناك نقلتنا "الأونروا" إلى منطقة عنجر، في محافظة البقاع. مكثنا بها إلى أن حصلت موجة برد شديدة، ولم يكن بمقدور الناس تحمل هذا البرد، فانتقلنا إلى مخيم نهر البارد، شمال لبنان. قدمت لنا الأونروا الخيام، لكن بعد أن طالت مدة لجوئنا بدأ الناس ببناء بيوت أسقفها من ألواح الزينكو".
يضيف: "لم أتابع تحصيلي العلمي. درست في فلسطين حتى الصف الثالث الأساسي، وهنا في لبنان عندما فتحت المدارس أبوابها كانوا يريدون إعادتي إلى الصف الأول الأساسي، فرفض أهلي ذلك. ونزلت إلى العمل بعدها لأساعد والدي في المصروف. كان والدي قد تقدّم في السن، وما يتقاضاه من أجر لقاء عمله لا يكفي العائلة".
تنقّل إبراهيم في عدة أعمال، منها الزراعة والبناء، إلى أن بلغ السابعة عشرة من عمره فتزوج. عندما تزوج قرر الانتقال للعمل في بيروت. فتعلّم مهنة "الموبيليا" (صناعة المفروشات) في المدينة ثم عمل لفترة في معمل للبلاط وقصّ الحجر. وفي وقت لاحق انتقل إلى مخيم عين الحلوة حيث عمل في بيع السمك. في عام 1982 حصل الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وعندما بدأ قصف العدو الصهيوني يطاول المخيم، ترك المخيم وتوجه نحو مخيم نهر البارد، حيث بقي فيه مع عائلته خمسة أشهر، ومن هناك انتقل إلى مدينة بعلبك في البقاع إلى أن عاد مجدداً إلى مخيم عين الحلوة. بعد التنقل في كل هذه المهن المتعبة والتقدّم في السن وتراجع نشاطه، قرّر الحاج إبراهيم افتتاح محل لبيع الخرضوات في المخيم. وهكذا كان.
يختم كلامه بالقول: "لا أظن أنني سأعود إلى فلسطين وقد بلغت هذه السن. فأنا من مواليد العام 1939، ولا أظن أنني سأعود لأدفن في تراب بلدي. كانوا يقولون لنا سبعة أيام وتعودون، وها نحن سننهي العام الـ72 وما زلنا لاجئين".