أين بوصلة حزب الله؟

24 يناير 2015
+ الخط -

قبل أيام، خرج حسن نصر الله متحدثا عن معادلة "توازن الرعب"، متوعدا الكيان الصهيوني، في إطار الحرب النفسية التي يخوضها الحزب، والتي تبرع فيها آلة الدعاية التابعة له، إلى درجة أن بعضهم شبه نصر الله بصدام حسين، وصفق له آخرون، وحبس البقية أنفاسهم.
ظهور جاء بعد تراجع شعبية هذا الحزب في الشارع العربي وفي المنطقة، وتراجع مشروعية السلاح الذي أقسم نصر الله على أنه لن يوجهه إلا للجنوب اللبناني في صدر الصهاينة، وخدمة للقضية اللبنانية والفلسطينية، فإذا بهذا السلاح يقفز شرقاً إلى دمشق، وكأن الصهاينة بدلوا عاصمتهم إلى هناك، وليتحول إلى خدمة الإيرانيين، لا اللبنانيين وقضايا التحرر العربي، وقد بدا هذا واضحا في تحول الخطاب المقاوم للعدو الصهيوني إلى خطاب سياسي عقائدي طائفي.
فميلشيات حزب الله التي تنسق وتعمل بإمرة إيرانية وسورية، فيما يشبه جيشا إقليميا يتحرك بتحرك الملف النووي الإيراني، ويصعد ويهدىء بحسب إرادة دولة ولاية الفقيه، لم يعد لبنانيا ولم يعد ممكناً الحديث، حتى عن سيادة لبنانية في ظل قوة فعلية مرتهنة للخارج، لا للداخل.
المهم في العملية الأخيرة في القنيطرة أن مقتل ضباط بهذه الرتب والرمزية التي يحملونها، يعيدنا إلى الحرب النفسية التي يخوضها الحزب، والتي تبرع فيها آلة الدعاية التابعة له إلى درجة أن بعضهم شبه نصر الله بصدام حسين، وصفق لذاكرة سيناريو، محمد شوربة، قائد الفرقة 901، أهم فرقة في هيكل الحزب، والذي تم الايقاع به بتهمة التخابر مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وهو الاختراق الأسوأ في تاريخ الحزب.
على حزب الله، الآن، أن يتراجع إلى الوراء، ويميز صفوفه، قبل أن يبدأ في الحديث عن مؤامرة كونية، تستهدف "نيرون دمشق"، فالخيانة قد تكون تحت أنفك أحيانا، وعليه أيضا العودة إلى مربع مصلحة الشعوب العربية، والإدراك بأنه لا مجال للإصلاح في سورية، إلا برحيل النظام، وأن من يسمون المتشددين والتكفيريين هم نتاج لتراكمات النظام السوري وفشله، على جميع الأصعدة، منذ تولي حافظ الأسد زمام السلطة في دمشق، فمن فتح الحدود للجهاديين حتى يغرقوا العراق، ومن جلس إليهم وقدم لهم الدعم إلى درجة التوتر في العلاقات مع العراق، لا يحق له البكاء، اليوم، حين ارتدوا عليه.
والواضح أن إسرائيل، والتي دفعت التحدي إلى حدوده القصوى، لم تقم بعملية الاستهداف من دون تحضيرات مسبقة وقراءة لتداعياتها، والواضح، أيضاً، أن معادلة توازن الرعب التي تحدث عنها نصر الله لم تعن إسرائيل كثيراً، إلى درجة المغامرة بإحراجه. الكرة، الآن، في ملعب حسن نصر الله، والحل والربط بيد إيران، خصوصاً أنها أيضا معنية بالاستهداف، بعد مقتل بعض ضباطها، والسيد في موقف لا يحسد عليه، فالرد لن يكون آنيا، بل سيرتبط بالملف النووي الإيراني، وعليه سيتم تقرير الرد، وإن حسم الملف لن يكون هناك رد.
يرفع الداخل اللبناني حالة من التأهب وسط دعوات بالانكفاء على الذات، وعدم التدخل في شؤون الآخرين. لا أحد، الآن، يستطيع التنبؤ بمستقبل المنطقة، ولمن سيكون الحسم الذي لا أفق له كما يبدو.

27D5F4EF-5B05-449B-AC6C-7303748A696C
27D5F4EF-5B05-449B-AC6C-7303748A696C
محمد بوكوم (تونس)
محمد بوكوم (تونس)