انضم أكثر من 12 ألف مواطن أيسلندي، من أصل 300 ألف هم سكان الدولة الشمالية، إلى حملة بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب الحكومة باستقبال اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في بلادهم.
واستجاب رئيس الوزراء الأيسلندي سيغموند دافيد غونلاوغرسون، لهذه الحملة بالتأكيد أن حكومة ريكيافيك "سوف تنظر في مسألة استقبال السوريين" من دون أن يحدد رقماً محدداً لأعداد السوريين الذين يمكن لبلاده أن تستقبلهم.
وتأتي هذه الحملة على خلفية تصريح رسمي عن عدد متواضع (50 شخصاً) أعلنت حكومة ريكيافيك عن استعدادها لاستقبالهم، ويطالب السكان في تلك الجزيرة التي تقع في أقصى الشمال الأوروبي، والتي تعتبر من مجموعة "دول الشمال"، بأن تستقبل بلادهم المزيد من السوريين.
والحكومة الأيسلندية بصدد تشكيل لجنة مختصة لبحث الأعداد التي يمكن لأيسلندا استقبالها، بحسب ما صرح رئيس الوزراء "من دون تحديد أعداد ملزمة".
المثير في الحملة الشعبية الأيسلندية أن مواطنين عاديين، في بلد عانى قبل سنوات قليلة من أزمة اقتصادية أدت إلى إعلان إفلاس الجزيرة، أبدوا رغبتهم في إيواء هؤلاء اللاجئين في منازلهم وفي الثكنات العسكرية المقفلة في الجزيرة.
وعبر بعض هؤلاء عن تطوعهم لـ"مساعدة اللاجئين الجدد على الاندماج في المجتمع الأيسلندي"، وهو من أكثر المجتمعات الأوروبية مسالمة، خصوصاً في مجموعة دول إسكندنافيا والشمال.
وبحسب ما يقول الكاتب والبروفسور الأيسلندي، برونديس بيورغفينسوتير، للتلفزيون الأيسلندي فإن "الأيسلنديين شاهدوا بما فيه الكفاية من مآسي موت السوريين وتجمعهم على ضفاف البحر المتوسط، وبدل أن يبقوا متفرجين يبادرون الآن للعمل".
وخلال الأعوام الخمسة الماضية، استقبلت أيسلندا 13 سورياً ممن وصلوها بحراً، على الرغم من بعدها عن أوروبا، وهو رقم رفع عدد اللاجئين الذين استقبلتهم أيسلندا منذ عام 1956 إلى 511، بعضهم من العرب الفلسطينيين المقيمين فيها منذ عقود.
اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون.. مأساة القرن
انتقادات في الدنمارك
وفيما تشهد أيسلندا ذلك التحرك المتعاطف مع محنة اللاجئين السوريين، بقيت الوزيرة الدنماركية إنغا ستويبرغ، المسؤولة عن سياسة الدمج والأجانب في بلدها، على مواقفها المتعنتة، والتي توصف في كوبنهاغن بـ"صاحبة الموقف الأيديولوجي المسبق" من العرب والمسلمين والتي ترفض استقبال المزيد من السوريين.
وبدأت الأصوات تتعالى من داخل حزبها الليبرالي ذي التوجه اليميني المحافظ "فينسترا"، تطالبها بالكف "عن إيذاء مصالح وسمعة الدنمارك".
وجاءت تلك الانتقادات بعد أن وقفت ستويبرغ بشكل عنيد، ضد إيجاد سياسة أوروبية موحدة لحل تلك الأزمة الإنسانية التي تعيشها القارة.
اقرأ أيضاً: متطرفون يلاحقون اللاجئين السوريين في الدنمارك
وذهب عضو البرلمان الأوروبي من الحزب ذاته، ينس رودا، إلى القول إن الوزيرة ستويبرغ "تلعب الروليت الروسي بالنسبة للاستقرار في أوروبا والدنمارك بسبب مواقفها من أزمة اللاجئين".
وقال رودا: "إنه من الجنون أن نظن أننا كبلد مثل الدنمارك، قادرون على الاستمرار بالتمسك فقط بقوانيننا التي لا تحمل أي منطق تجاه أزمة اللاجئين الأكبر التي تعيشها أوروبا في الزمن الحديث".
وتساءل البرلماني الأوروبي: "لماذا لا نسير بالاتجاه السويدي والألماني والبريطاني والفرنسي ذاته لإيجاد حلول مشتركة؟".
وامتد الغضب إلى بعض أقطاب اليسار البرلماني الدنماركي، وهم يعترفون بأن بلادهم مع غيرها تضع فيتو على السياسة الموحدة، إلى اعتبار موقف كوبنهاغن "مخزياً إذا ما عرفنا أنه يتضامن مع يمين أوروبي آخر، ويرسل إشارات خاطئة بأنه يمكن استقبال نوع معين من اللاجئين، وكأننا بالفعل نفرق بين ضحايا المأساة السورية تماماً مثلما فعلت الحكومة السورية طيلة الأعوام الماضية باللعب على الوتر الطائفي، وهذه لعبة ليست في مصلحة أوروبا"، بحسب ما يقول ذلك المصدر المطلع على مناقشات بلاده من دون ذكر اسمه.
وما تزال أغلبية برلمانية، من اليمين ويسار الوسط، تصر حتى يومنا على أنه "للدنمارك حق التمسك بتقرير سياستها الخاصة بالهجرة واللجوء والحدود" على الرغم من أن فرنسا وألمانيا تطالبان بسياسة أوروبية موحدة.
اقرأ أيضاً: الحكومة الدنماركية تخنق اللاجئين السوريين
وفي محاولة لتليين الموقف (إذ تشير مصادر أوروبية إلى أن الدنمارك وبعض حكومات اليمين الأوروبية المتحالفة معها، يضعان فيتو على سياسة أوروبية موحدة) قال مقرر الشؤون الأوروبية عن حزب الأقلية اليمينية الحاكمة مورتن لوكاغوورد إنه "يمكن للدنمارك مساندة سياسة موحدة للاتحاد، في ما يتعلق بإقامة معسكرات استقبال للاجئين على حدودها الجنوبية في كل من اليونان وإيطاليا"، وهي المقترحات التي حملتها بنود ألمانيا العشر ة التي ستجري مناقشتها بين دول الاتحاد في اجتماعات طارئة بهذا الخصوص في 14 سبتمبر/أيلول الحالي، إذ يلتقي وزراء داخلية الاتحاد.
ويبدو أن تشدد ساسة اليمين ويمين الوسط في البرلمان والحكومة الدنماركية وغيرها من الدول الصغيرة في الاتحاد، تشعر بارتياح لوجود تأييد من أقطاب يسار الوسط، بينما ينتقد كثيرون تلك السياسات بالقول: "هؤلاء لا يدركون حجم الكارثة" وهو ما صرح به ينس رودا عن حزب ستويبرغ، والتي تقف موقفاً معانداً لكل الدعوات الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضاً: اعتقال دنماركي بعد الاعتداء على معسكر للاجئين