أويحيى وراء القضبان بتهم الفساد... أول رئيس حكومة يُسجن بتاريخ الجزائر

12 يونيو 2019
وزيران سابقان يتنازلان عن الحصانة (بلال بن سالم /Getty)
+ الخط -
قررت المحكمة العليا في الجزائر، اليوم الأربعاء، إيداع رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى السجن المؤقت على ذمة التحقيق في قضايا فساد، فيما قرر وزيران سابقان التنازل عن الحصانة البرلمانية لبدء التحقيق معهما.

وتعد هذه سابقة أولى في تاريخ الجزائر، إذ لم يسبق ملاحقة وسجن رئيس حكومة منذ استقلال البلاد عام 1962. 

وشوهدت سيارات الشرطة وهي تنقل أويحيى تحت حراسة مشددة إلى سجن الحراش في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، ليلتحق بعدد من كبار رجال الأعمال الموقوفين هناك.

ولقي قرار إيداع أويحيى السجن ارتياحا كبيرا لدى جموع الجزائريين الذين كانوا ينتظرون قرار سجنه، إذ يعد أكثر المسؤولين غير الشعبيين في البلاد، بسبب "سياساته القمعية وتعجرفه السياسي وتصريحاته المستفزة".

وينتظر أن يصدر القاضي القرار نفسه في حق رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال، وثمانية وزراء سابقين الحكومة.

وبدأ قاضي التحقيق المكلف لدى المحكمة العليا، الأربعاء، التحقيق مع رئيسي الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزراء سابقين، وحكام ولايات، في قضية فساد مدوية تخص نهب وتبديد المال العام، واستغلال السلطة والنفوذ، ومنح صفقات غير قانونية والاستفادة من عمولات وعقارات بدون وجه حق.

ويمثل في القضية نفسها، اليوم، إضافة إلى رئيسي الحكومة السابقين أويحيى وسلال، ثمانية وزراء سابقين، هم وزراء النقل السابقون عبد الغني زعلان وعمار تو وبوجمعة طلعي وعمار غول (رئيس حزب تجمع أمل الجزائر الذي يتمتع بالحصانة البرلمانية)، ووزير المالية السابق كريم جودي، ووزير التجارة السابق عمارة بن يونس، وهو رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، ووزير الفلاحة عبد القادر بوعزقي، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، إضافة إلى محافظ العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ، الذي أقيل من منصبه قبل شهر، والمحافظ الحالي لولاية البيض جنوب غربي الجزائر محمد جمال خنفر.

وتخص القضية حصول رجل الأعمال علي حداد، وهو زعيم الكارتل المالي المعتقل في السجن، بحكم علاقته مع شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة، على امتيازات وصفت بـ"الخيالية" في قطاعات الإنشاءات الخاصة بالطرق السريعة والسكك الحديدية وأراض للاستثمار الزراعي، مقابل تقديمه امتيازات وعمولات للوزراء، فضلا عن تمويل أحزاب موالية تدافع عن السياسات الحكومية وعن عبد العزيز بوتفليقة.

وهذه هي المرة الثانية التي تم فيها التحقيق في هذه القضية مع المسؤولين المتهمين الـ12، حيث سبق لقاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية أن استمع إليهم في 26 مايو/ أيار الماضي، لكنه اضطر إلى رفع ملف القضية إلى المحكمة العليا، لكون القانون الجزائري لا يسمح للمحاكم الابتدائية بمحاكمة الوزراء ورؤساء الحكومات في القضايا التي تخص فترة توليهم مناصبهم.

وكذلك، يلاحق رئيس الحكومة الجزائرية السابق أويحيى وعدد من الوزراء، بينهم وزير السياحة السابق عبد القادر بن مسعود، وزير السياحة والنقل السابق عمار غول، ووزيرا النقل بوجمعة طلعي وزعلان عبد الغني، إلى جانب مسؤولين آخرين، في قضية ثانية تخص رجل الأعمال وصاحب مصنع للسيارات وشركة نقل تحتكر النقل الجامعي محيي الدين طحكوت، تم التحقيق معهم فيها يوم الاثنين الماضي.


وقرر قاضي التحقيق نقل ملف القضية الثانية أيضا إلى المحكمة العليا، ووجه إلى أويحيى وعدد من الوزراء رسمياً تهماً تخصّ تبييض الأموال وتحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية لجرائم الفساد، وإخفاء وتمويه مصدر غير مشروع في إطار جماعة إجرامية، وتبديد أموال عمومية، ومنح منافع غير مستحقة للغير، والاستفادة من سلطة.

وعلى صعيد متصل، قرر وزيران سابقان، وهما عضوان في مجلس الأمة (البرلمان)، التنازل عن الحصانة النيابية للسماح للقضاء بالتحقيق معهما في قضية فساد مالي.

وأعلنت المحكمة العليا في الجزائر أن وزيري التضامن السابقين جمال ولد عباس، أمين عام سابق لحزب جبهة التحرير الوطني، والسعيد بركات، تنازلا طواعية عن الحصانة النيابية، تمهيدا لمحاكمتهما في قضايا فساد، تتعلق بتسييرهما لوزارة التضامن عندما كانا يشغلان المنصب الحكومي قبل سنوات.

وكان القضاء الجزائري قد طلب رفع الحصانة عن بركات وولد عباس، وكان مقررا أن يعقد مجلس الأمة، الغرفة العليا للبرلمان، اجتماعا في 19 يونيو/ حزيران الجاري لرفع الحصانة النيابية عنهما. 

وكان القضاء الجزائري ينتظر رفع الحصانة البرلمانية عن الوزيرين السابقين لبدء ملاحقتهما بتهم الفساد وتبديد المال العام ومنح والحصول على امتيازات غير مشروعة عندما كانا يشغلان منصب وزير التضامن.

وإضافة إلى الوزيرين، قدم القضاء طلباً إلى مجلس الأمة لرفع الحصانة عن عمار غول، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، العضو في ائتلاف سياسي كان يدعم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

وتعد هذه القضية ثاني قضية فساد مدوية تشهدها الجزائر منذ بدء العدالة حملة ضد كبار رموز النظام السابق ورجال أعمال كانوا على علاقة بمقربين من محيط الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

وشملت الملاحقات حتى الآن أكثر من 400 بين رجل أعمال ووزراء ومسؤولين سابقين وحاليين وسياسيين، بتهم تبديد المال العام والنهب واستغلال السلطة، 11 من رجال الأعمال وأقربائهم يوجدون في السجن، وتم منع كثيرين منهم من السفر ومغادرة التراب الوطني.