أوكرانيا: ياتسينيوك يدعو لحل سلمي وواشنطن "تعاقب" موسكو

04 مارس 2014
أوكرانيا تتهم روسيا بنشر ١٦ ألف جندي في القرم
+ الخط -

 
 أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، أرسيني ياتسينيوك، تأييده لحل سلمي، عبر الطرق الدبلوماسية، للأزمة المستمرة في بلاده.
وقال ياتسينيوك، في تصريح لصحيفة "بيلد" الألمانية، "أنا مع أن تُحل هذه الأزمة بشكل سياسي ودبلوماسي، كما حدث في الماضي، لأن حدوث اشتباك عسكري في أوروبا، لن يمثل فقط تهديداً للوضع الأمني، وإنما سيهدد كذلك أسس الاستقرار العسكري والسياسي والاقتصادي في أوروبا". وأكد أنه يجب على روسيا أن تتقبل كون أوكرانيا جزءاً من أوروبا.

وانتقد ياتسينيوك، الخطوات العسكرية التي اتخذتها روسيا، قائلاً: "لا أحد في القرن الحادي والعشرين يمكنه أن يتصرف بهذا الشكل. لا يمكن تحقيق أي شيء باستخدام الدبابات والجنود والتهديدات. وقد جرب الروس ذلك من قبل في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية".

وطالب ياتسينيوك، روسيا أن تقوم أولا بسحب قواتها العسكرية، مشيراً إلى أن الحكومة الأوكرانية، مستعدة لاستئناف علاقاتها مع روسيا بشكل جديد.
وتزامنت تصريحات ياتسينيوك مع حراك دبلوماسي أووربي وأميركي داعم لأوكرانيا في مواجهة روسيا. وأعلن وزير خارجية النمسا، سباستيان كورتس، الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية لمجلس أوروبا، عن تعيين وإرسال مبعوث خاص إلى كييف لدعم البرلمان الأوكراني، وتقديم المساعدات المباشرة له أثناء سن التشريعات القانونية فى مجالات الديموقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.
وجاء ذلك بعد تصعيد الإدارة الأميركية من ضغوطها على روسيا في محاولة لثنيها عن التدخل في أوكرانيا، وذلك بعدما علّقت وزارة الدفاع الأميركية "البتاغون" التعاون العسكري فضلاً عن توقيف محادثات التجارة والاستثمار مع روسيا والتهديد بمزيد من الاجراءات. أما روسيا فتبدو غير آبهة بجميع التحذيرات الغربية بعدما عززت سيطرتها على القرم. ونشرت، حسب السلطات الأوكرانية، ١٦ ألف جندي في شبه الجزيرة، مستندة إلى طلب "الرئيس الاوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش من روسيا استخدام جيشها لاستعادة القانون والنظام في أوكرانيا”.
 
عقوبات أميركية

وفي أحدث إشارة إلى الغضب الأميركي من الموقف الروسي، أصدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، الأدميرال جون كيربي، بياناً قال فيه انه "في ضوء الأحداث الأخيرة في أوكرانيا، عمدنا إلى تعليق كل التواصل العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا".

وأوضح كيربي، أن هذه الخطوة تشمل التدريبات والاجتماعات الثنائية وزيارات الموانئ والتخطيط لمؤتمرات. وذكر ان تعليق التعاون العسكري يأتي "بالرغم من أن وزارة الدفاع تقيّم العلاقة العسكرية التي تطورت خلال السنوات الأخيرة مع الاتحاد الروسي لزيادة الشفافية، وبناء تفاهم وتقليص خطر سوء الحساب العسكري".

وأشار كيربي إلى ان وزارة الدفاع الأميركية تراقب الوضع عن كثب، وتبقى على اتصال وثيق مع وزارة الخارجية والوكالات الحكومية الأميركية، والحلفاء والشركاء، وحلف شمال الأطلسي”. ودعا روسيا إلى التخفيف من حدة الأزمة في أوكرانيا، مطالباً "بعودة القوات الروسية في القرم إلى قواعدها كما تقضي الاتفاقات التي تحكم أسطول البحر الأسود الروسي".

وأشار إلى انه بالرغم من التقارير عن تحرك محتمل لسفن أميركية في المنطقة، إلا ان لا تغيير في تمركز الجيش الأميركي في أوروبا أو البحر الأبيض المتوسط. وقال ان "وحدات سلاح البحرية تقوم بعمليات وتدريبات روتينية كان مخططاً لها مع الحلفاء والشركاء بالمنطقة".
وفي إجراء اضافي، أعلن متحدث باسم مكتب الممثل التجاري الأميركي أن "الولايات المتحدة أوقفت محادثات التجارة والاستثمار مع روسيا، التي كانت جزءاً من مسعى نحو توطيد الروابط الاقتصادية والتجارية".
وجاءت هذه الاجراءات التي من شأنها اضافة المزيد من التوتر على العلاقة بين واشنطن وموسكو، بعد اجتماع عقده الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على مدى أكثر من ساعتين مع مستشاريه لشؤون الأمن القومي. وناقش خلاله السبل التي يمكن بها للولايات المتحدة وحلفائها فرض "مزيد من العزلة" على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا.
وناقش الفريق سبل "تأكيد أنه لا تزال امام الروس فرصة لاتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل الأزمة وإلا واجهوا مزيداً من العواقب السياسية والاقتصادية من جانب المجتمع الدولي".
وكان أوباما، قبيل لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو، أكد أن روسيا انتهكت القانون الدولي بتدخلها العسكري في أوكرانيا. واعتبر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يجب أن يسمح لمراقبين دوليين بالتوسط لإبرام اتفاق مقبول لكل الشعب الاوكراني.

كما أشار إلى أن وزير الخارجية جون كيري، الذي يصل إلى كييف اليوم، سيقترح السبل التي يمكن من خلالها إجراء تفاوض بين روسيا وأوكرانيا تحت إشراف منظمة متعددة الأطراف. وسيعرض كيري أيضاً حزمة من المعونات الاقتصادية لأوكرانيا.

ومع سعي الإدارة الأميركية لحشد الضغوط الدولية على روسيا، أعلن عضو مجلس الشيوخ الأميركي، السناتور الديموقراطي كريس ميرفي، أن المشرعين الأميركيين يدرسون فرض عقوبات على بنوك روسيا وتجميد أموال المؤسسات العامة الروسية والمستثمرين الروس من القطاع الخاص ردا على الأحداث في أوكرانيا.
وأضاف "إذا أغلقت الولايات المتحدة أبوابها الاقتصادية امام روسيا وتركت أوروبا ابوابها مفتوحة فلن يحدث تغير كبير في سلوك موسكو".

تبرير روسي
من جهتها، بدت روسيا متمسكة بقرارها البقاء في شبه جزيرة القرم، وإن سعت إلى تبرير تدخلها بحماية مواطنيها.

وذكر المكتب الصحافي للكرملين، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحث هاتفياً مع كل من الرئيس الكازاخي نور سلطان نزاربايف، ورئيس جمهورية بيلاروس الكسندر لوكاشينكو، "تطور الوضع المتأزم فى أوكرانيا، وما قد يترتب عليه من أخطار على سلامة الناطقين بالروسية ومصالحهم، ولا سيما فى القرم، وشرق أوكرانيا". 

وجاء ذلك بعدما أعلن الكرملن صباح الثلاثاء عن عودة القوات الروسية التي كانت تجري تدريبات في مقاطعة لينيغراد الروسية إلى قواعدها.

وكان المبعوث الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، برر خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، في وقت متأخر من ليل الاثنين - الثلاثاء تدخل بلاده. وقال: "إن الرئيس الاوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش، بعث برسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلب منه استخدام الجيش الروسي لاستعادة القانون والنظام في أوكرانيا".

ورفع تشوركين نسخة من الرسالة، التي قال إنها مؤرخة في الأول من مارس آذار، أمام أعضاء مجلس الأمن ليروها خلال الجلسة العاصفة للمجلس التي تبادل فيها المبعوثون الغربيون والسفير الروسي الاتهامات على مدى ساعتين ونصف.
وتحدث معظم اعضاء المجلس ليستنكروا اجراءات روسيا في اوكرانيا، فيما أعلن سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة، يوري سيرغييف، أن روسيا أرسلت قرابة 16 ألف جندي إلى منطقة القرم الأوكرانية منذ الأسبوع الماضي، عن طريق السفن الحربية والمروحيات وطائرات الشحن من الأراضي المجاورة للاتحاد الروسي".
وحذّر سيرغييف، الذي طلب من مجلس الأمن حماية بلاده، من أن الأنشطة التي تقوم بها روسيا في جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي، تشير إلى إمكان غزو روسيا لأوكرانيا، موضحاً ان الأمر لن يقتصر على شبه جزيرة القرم بل يشمل المناطق الشرقية أيضاً.
وأشار إلى أن"القوات الروسية لا تزال تقوم بمحاولات للاستيلاء، والسيطرة على مواقع حكومية وعسكرية حاسمة لأوكرانيا في شبه جزيرة القرم. وتشمل هذه المؤسسات برلمان القرم، جميع المطارات المدنية والعسكرية، ووسائل الاتصالات، المحطات الإذاعية، مصلحة الجمارك، قواعد عسكرية تابعة لخفر السواحل، مقر البحرية في أوكرانيا في شبه جزيرة القرم.

من جهتها، رفضت السفيرة الأميركية، سامانثا باور، المسوغات الروسية للتدخل في أوكرانيا، وتحديداً تلك القائلة إن الأوكرانيين الناطقين بالروسية معرضون للخطر في المنطقة الشرقية من هذه الجمهورية السوفياتية سابقاً.