ووفقاً لموقع الكرملين الرسمي، فقد تمّ الاتفاق على بدء تطبيق مجموعة من إجراءات اتفاقيات مينسك، للسماح بخفض كثافة العمليات في دونباس، والتقليل من عدد الضحايا بين السكان المدنيين. كما تم الاتفاق مبدئياً على إجراء اتصالات بين وزراء خارجية، أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، لتنفيذ الاتفاقيات.
وكان ممثل "جمهورية دونيتسك الشعبية"، المعلنة من جانب واحد، في مفاوضات مينسك، دينيس بوشيلين، قد أعلن عبر إذاعة "خدمة الأخبار الروسية" عن بدء عملية سحب الأسلحة الثقيلة إلى الخط المتفق عليه في مينسك، ولكنه توعّد بالعودة لشغل هذه المواقع في حال لم تنفذ كييف قسمها من الاتفاق.
ولفت بوشيلين إلى أن الانفصاليين المدعومين من روسيا بدأوا "بسحب الأسلحة الثقيلة من ثلاثة مواقع، يلينوفكا وتيلمانوف وياسينوفاتيا. وننتظر خطوات مشابهة من جانب أوكرانيا، فإذا لم تبدأ كييف بسحب الأسلحة الثقيلة من مواقعها في وقت قريب، فإننا لن نسمح بتحويل متطوعينا إلى لحم للمدافع".
من جهته، توقف بوروشينكو عند حصار ديبالتسيفو بعد أن كان قد أنكره في تصريحاته التي أعقبت مباحثات مينسك. وأفاد الموقع الرسمي للرئاسة الأوكرانية بأن "الرئيس دعا أثناء المحادثات إلى عدم التظاهر بأن ما جرى في ديبالتسيفو يوافق اتفاقات مينسك". وطالب بـ "العمل على ضمانات دقيقة لمواجهة أي محاولة محتملة لخرق الاتفاقات، وإطلاق سراح جميع الأسرى، بمن فيهم أولئك الذين وقعوا في الأسر في منطقة ديبالتسيفو".
مع العلم بأن الحديث عن أسرى في ديبالتسيفو يتناقض، بصورة ما، مع ما نشره موقع الرئاسة الأوكرانية الرسمي يوم الأربعاء، حول إعلان بوروشينكو أن "انسحاب القوات من ديبالتسيفو تمّ بنجاح"، مضيفاً بأن "روسيا أربكت تلك الإجراءات من خلال دعوتها الجنود إلى إلقاء سلاحهم ورفع الراية البيضاء وتسليم أنفسهم كأسرى".
ووفقاً له فإن "الجنود الأوكرانيين كالوا الصاع صاعين لأولئك الذين حاولوا محاصرتهم وخرجوا من ديبالتسيفو". وأضاف "لقد أكدنا وأثبتنا أن ديبالتسيفو كانت تحت سيطرتنا، ولم يكن هناك أي حصار. وحداتنا وقطعنا خرجت من هناك بشكل مخطط له ومنظم. خرجوا مع عتادهم الحربي كاملاً".
حصار ديبالتسيفو كان من الملفات، التي ناقشها بوتين في مؤتمر صحافي في العاصمة المجرية بودابست، يوم الثلاثاء، حين دعا الجنود الأوكرانيين إلى الاستسلام، مطالباً قياداتهم السياسية بتسهيل ذلك، عبر إصدار الأوامر بالاستسلام. وأشار بوتين، إلى أن "ما يجري هناك مفهوم ومتوقع، ووفقاً لمعلوماتنا، فقد وقعت مجموعة من القوات الأوكرانية في الحصار هناك، قبل لقاء مينسك بأسبوع تقريباً".
وأضاف "أعوّل جداً على ألا يعيق المسؤولون في القيادة الأوكرانية الجنود في الجيش الأوكراني عن إلقاء سلاحهم، وإذا عجزوا هم أنفسهم عن إعطاء مثل هذا الإيعاز، فعليهم في الحد الأدنى عدم ملاحقة أولئك الذين يريدون الحفاظ على حياتهم وحياة أناس آخرين، والمستعدين لالقاء سلاحهم". وتابع بوتين "كما أعوّل على ألا يقوم ممثلو القوات الشعبية (في دونباس) وقيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، بتوقيف هؤلاء وألا يعرقلوا إمكانية مغادرتهم منطقة النزاع والمنطقة المحاصرة والعودة إلى عائلاتهم".
وفي وقتٍ تناقلت بعض وسائل الإعلام خبراً عن عرض قدمته دونيتسك، يقضي بتأمين ممر آمن لخروج المحاصرين من دون سلاحهم في ديبالتسيفو، نفت الحكومة الأوكرانية في 13 فبراير/شباط الحالي، أن يكون ممثلو "جمهورية دونيتسك الشعبية" قدّموا مثل هذا الاقتراح. حسب ما ذكر الممثل الرسمي لهيئة الأركان الأوكرانية، فلاديسلاف سيليزنيوف. ونقلت قناة "آر تي" الروسية عنه قوله، إن "اتفاقات مينسك موجودة، ووفقاً لها فإن ديبالتسيفو لنا، ولن نغادرها".
لكن القوات الأوكرانية اضطرت إلى المغادرة في نهاية المطاف، من دون معرفة آلية خروجها، ما إذا تمّ عبر القتال، أم بطريقة منظمة، في ظلّ حديث عن سقوط عدد كبير من القتلى أثناء محاولة فكّ الحصار بقوة السلاح.
اقرأ أيضاً: بوتين يبحث عن شرخ أوروبي في المجر
اقرأ أيضاً: الصراع الروسي ـ الأميركي يستعر أوكرانياً
ونقلت "وكالة أنباء دونيتسك" عن رئيس "جمهورية دونيتسك الشعبية"، ألكسندر زاخارتشينكو، تأكيده أن "أوكرانيا خسرت في حصار ديبالتسيفو أفضل وحداتها، بالإضافة إلى كمية كبيرة من العتاد والذخائر". وأضاف "أنهينا عملية تمشيط ديبالتسيفو من التشكيلات المسلحة غير النظامية. وللأسف، لم تصغ القيادة الأوكرانية إلى صوت العقل لإلقاء السلاح. فقد وصلت الخسائر بالأرواح في صفوف الجيش الأوكراني إلى ما بين ثلاثة آلاف وثلاثة آلاف وخمسمائة قتيل". ودعا زاخارتشينكو كييف إلى استلام جثث قتلاها وأسراها، وتابع "دعونا أهالي وأمهات الجنود الأوكرانيين إلى ديبالتسيفو كي يأخذوا، الذين لا يزالون أحياء. سنسلّمهم عدداً كبيراً من الأسرى".
وفي سياق متصل، روّجت وسائل إعلام روسية خبراً عن وجود مقاتلين أجانب بين المحاصرين في ديبالتسيفو، مستندة إلى ما ذكرته وكالة "ريا نوفوستي" في 9 فبراير الحالي، نقلاً عن نائب قائد قوات "دونباس الشعبية"، إدوارد باسورين، الذي وفقاً للوكالة إياها، أكد التقاط أجهزة الإشارة الخاصة بهم أحاديث بلغات مختلفة منها الإنكليزية والفرنسية والبولندية بين المحاصرين في ديبالتسيفو، الأمر الذي لم تؤكده مصادر أخرى.
وعلى غرار ذلك، نقلت قناة "إن تي في" الروسية عن أحد المقاتلين الأوكرانيين الأسرى المدعو يفغيني تشودينوف، قوله إنه "كان في عداد الفوج أجانب، سويديون وفرنسيون. وكان لديهم بنادق أجنبية ووسائل اتصال"، الأمر الذي لم يؤكده أيضاً أي مصدر أوكراني أو محايد. في الوقت الذي يتكرر فيه الحديث عن وجود مقاتلين روس في صفوف انفصاليي دونباس.