أوكرانيا: بوروشينكو يعد بخطّة شاملة لمعالجة ملف الشرق

07 يونيو 2014
يواجه بوروشينكو تحدّيات كبرى (بريندان هوفمان/Getty)
+ الخط -

دعا الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، اليوم السبت، في خطاب ألقاه عقب حفل تنصيبه رئيساً للبلاد في البرلمان، الانفصاليين الموالين لروسيا إلى إلقاء السلاح، متعهداً بضمان حقوق الناطقين بالروسية شرقي البلاد، وبالحفاظ على وحدة البلاد، ومشدداً على أهمية العلاقات مع أوروبا.

وقال بوروشينكو "لا أريد حرباً، ولا أريد ثأراً، أريد السلام وأريده أن يتحقق"، مضيفاً "رجاء ألقوا السلاح وأضمن الحصانة لكل من لم تتلوث يداه بالدماء". وأدى بوروشينكو (48 عاماً)، الذي انتخب في 25 مايو/أيار من الدورة الأولى بحصوله 54.7 في المئة الأصوات، اليمين على الدستور، وأُعلن رئيساً للبلاد من قبل رئيس المحمكة الدستورية.

وأكد أن "القرم كانت وتبقى أوكرانية"، ما أثار تصفيقاً حاداً في البرلمان، إذ حضر العديد من رؤساء الدول والحكومات الأجانب حفل التنصيب، مضيفاً "قلت ذلك بوضوح للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في النورماندي".

وعشية التنصيب عقد بوروشينكو اجتماعاً قصيراً مع بوتين في فرنسا، حيث كان الاثنان يحضران مراسم ذكرى الإنزال في النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية. وخلال الاجتماع، اتفق الرجلان على اطلاق المفاوضات ابتداءً من الأحد في كييف، في سابقة منذ بدء التصعيد في الأشهر الأخيرة.

وقال مصدر فرنسي إن "المفاوضات تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار"، بينما تبسط حركة التمرد يوماً بعد يوم سيطرتها على الشرق الصناعي في البلاد. وتعهد بوروشينكو في خطابه "بخطة شاملة لإنهاء العداوات بمجرد تولي السلطة، ومنها العفو عن المتمردين وتقديم عرض بإجراء انتخابات إقليمية مبكرة شرقي أوكرانيا".

وتوجه في خطابه إلى سكان منطقة دونباس الصناعية الموالية لروسيا، والتي يسيطر على القسم الأكبر منها الانفصاليون، فوعد بإجراء "لامركزية للحكم وضمان حرية استخدام اللغة الروسية". وأشار إلى "عزمه على توقيع الشق الاقتصادي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي قريباً جداً"، مما يعد أول خطوة على طريق العضوية الكاملة في الاتحاد.

كذلك أكد الرئيس الأوكراني المنتخب الخيار الأوروبي للبلاد، قائلاً "لا مساومة ممكنة حول القرم والخيار الأوروبي لأوكرانيا والبنية السياسية للبلاد"، رافضاً بذلك فكرة الفدرالية التي تدعو موسكو الى تطبيقها في المناطق الناطقة بالروسية. ووعد الرئيس بأن "يوقع في أسرع وقت ممكن" الشق الاقتصادي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإدخال نظام جديد للتأشيرات للأوكرانيين. وقال إن "الأوكرانيين انتزعوا لفترة طويلة من أوروبا. اليوم نعود الى بيتنا، إنها عملية لا رجعة عنها".

وانتخب بوروشينكو رئيساً لأوكرانيا بعد ثلاثة أشهر من اطاحة فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لموسكو، عقب احتجاجات في الشوارع فر بعدها إلى روسيا. وضمت روسيا منطقة القرم إليها بعد ذلك بأسابيع، مما أثار أسوأ أزماتها مع الغرب منذ الحرب الباردة.

ومنذ انتخاب بوروشينكو بدأت القوات الحكومية الأوكرانية في تكثيف حملتها على الانفصاليين الموالين لموسكو في الشرق والذين يؤيدون الانفصال عن كييف والانضمام إلى روسيا. وكان بوتين قد أنكر مزاعم كييف والغرب من أن روسيا حرضت على التمرد في شرق أوكرانيا، وأصر أمس الجمعة على أن بوروشينكو يحتاج إلى التحدث مباشرة إلى ممثلي الانفصاليين في الشرق. وقبل الاحتفالات بذكرى الإنزال في النورماندي، قامت روسيا بمبادرة انفتاح بإعلانها عودة سفيرها في أوكرانيا، ميخائيل زورابوف، إلى كييف.

ووسط أجواء التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار، أعلن الجيش الأوكراني أن "الانفصاليين في شرق أوكرانيا أسقطوا أمس الجمعة طائرة نقل عسكرية تابعة للقوات الأوكرانية قرب سلافيانسك"، معقل الموالين لروسيا. وأوضح الجيش الأوكراني أن "الطائرة من طراز انطونوف-26 كانت تحمل مساعدة غذائية إلى السكان".

ودعا الانفصاليون الموالون لروسيا في "جمهورية لوغانسك"، المعلنة من جانب واحد، بوروشينكو الى "سحب قواته المحتلة". وتوجّه "رئيس جمهورية لوغانسك"، فاليري بولوتوف، الى بوروشنكو بالقول "لا يمكن أن تبدأ مفاوضات الا بعد انسحاب قوات الاحتلال من ارضنا، واذا كانت كييف تعتبرن جميعاً ارهابيون، فليس لدينا ما نناقشه معهم".
 وأضاف "اليوم تم تنصيب رئيس أوكرانيا، البلد المجاور، وجمهوريتنا لا تقيم علاقات دبلوماسية مع أوكرانيا". 

وفي أول ردّ على خطاب بوروشينكو، دعته وزارة الخارجية الروسية إلى "التصرّف وفقاً لمبادئ مجتمع ديمقراطي، والإفراج عن صحفيين روسيين اعتقلا في شرق أوكرانيا". وركز بيان الخارجية الروسية على اعتقال الصحفيين، اللذين يعملان لقناة "ستار" التلفزيونية، وكانت السلطات الأوكرانية اعتقلتهما، أمس الجمعة، للاشتباه في أنهما يقومان بأنشطة مراقبة.

الى ذلك، أمر بوتين حرس الحدود، اليوم السبت، بتشديد المراقبة على الحدود مع أوكرانيا، واتخاذ كل الاجراءات اللازمة لمنع عبور الحدود بشكل غير شرعي، كما أفادت وكالات الأنباء الروسية، بعد اقرار كييف، يوم الخميس، بأن ثلاثة من مراكزها الحدودية سيطر عليها انفصاليون.

من جهته، أعرب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، اليوم السبت، عن ثقته بـ"فرص احراز تقدم لوقف التصعيد في الأزمة"، وعبّر عن أمله في امكان تجنب فرض عقوبات جديدة على روسيا. وأضاف خلال زيارته منطقة سان برياك سور مير (غرب فرنسا)، "أنا واثق أننا يمكن أن نشهد في الأيام المقبلة خطوات ستؤدي الى خفض التوتر، وننتظر من روسيا أن تقدم مساعدتها ونامل في ألا نضطر لفرض عقوبات أشد أو اجراءات أخرى".


المساهمون