أوقاف مصر تمنع الداعية محمد سعيد رسلان من الخطابة لهجائه الظالمين

20 سبتمبر 2018
منع الداعية محمد سعيد رسلان من الخطابة (يوتيوب)
+ الخط -

أثار قرار وزارة الأوقاف المصرية بإلغاء تصريح خطابة الشيخ السلفي محمد سعيد رسلان، ومنعه من إلقاء الدروس الدينية بالمساجد، الكثير من علامات الاستفهام، كونه محسوباً على جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) منذ ظهوره، ويعد من المؤيدين للسلطة الحاكمة، ودافع طويلا عن إجراءاتها الدموية منذ وقوع الانقلاب العسكري.

وقالت وزارة الأوقاف، في بيان رسمي، إن "رسلان خالف تعليماتها المتصلة بشأن خطبة الجمعة، والمتعلقة بالالتزام بنص الخطبة، أو بجوهرها على أقل تقدير، مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 إلى 20 دقيقة كحد أقصى"، مشيرة إلى أنها واثقة من سعة أفق المشايخ العلمي والفكري، وفهمهم المستنير للدين، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوي.
وشدد البيان على استبعاد أي خطيب لا يلتزم بالتعليمات، وأنه لا أحد فوق القانون أو المحاسبة، مشيرا إلى تكليف وكيل الوزارة بأوقاف المنوفية، الشيخ أحمد عبد المؤمن، بأداء خطبة يوم الجمعة المقبل بالمسجد الذي كان يخطب فيه رسلان، مع تعيين إمامين متميزين له، وهو المسجد الذي يسيطر عليه الأخير ومريدوه منذ قرابة 15 عاماً. مضيفاً: "لن نسمح لأحد بالتجاوز في حق المنبر، أو مخالفة تعليمات الوزارة، أو الخروج على المنهج الوسطي، أو اتخاذ المسجد لنشر أفكار لا تتسق وصحيح الإسلام".

وظهر الوهن واضحاً على صوت رسلان في خطبته الأخيرة بمسجد "سبك الأحد" بمركز أشمون في محافظة المنوفية، قائلاً في نقله عن إحدى روايات الأثر: "لقد قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا. رجاؤنا ألا نُظلم عندك أيها الملك"، موجهاً رسائل متفرقة عن التقصير في فهم الدين، والتطلع نحو نظم مستوردة من الخارج.
وأضاف رسلان، وهو يقرأ من ورق مكتوب كعادته: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ويجب أن نفهم ديننا، وأحكامه، وأسراره، ونطبق ذلك عملياً. الحرية في الدين الإسلامي تعني أن الإنسان حر في كافة الأمور التي أباحها الدين له، والدين يكفل للإنسان حقوقه، ويحترمها، وينظم المعيشة والاقتصاد أشد تنظيم".

وشدد رسلان، في خطبته التي امتدت إلى نحو 55 دقيقة، على حاجة الناس إلى الشريعة فوق حاجتهم إلى كل شيء، متطرقاً إلى مسألة تخفيف العقوبة لمصلحة المجتمع والفرد، وتوليد الرحمة، بالقول إن "العقوبة مانعة للجريمة قبل وقوعها، فإذا وقعت الجريمة فإن العقوبة تكون زاجرة للجاني، وقد تُشدد العقوبة على جريمة دون أخرى لمصلحة المجتمع، مع قبول العفو عن القاتل من أولياء الدم".

من جهته، قرر وزير الأوقاف المصري، مختار جمعة، إعفاء أي قيادة، مهما كان مستواها الوظيفي داخل الوزارة، إذا ثبت تمكينها لشخص غير مصرح له بالخطابة من صعود المنبر، أو تقصيرها في العمل على منعه، معتبراً الأمر "قضية أمن ديني وقومي، وإعلاء شأن دولة القانون، ولا يمكن التسامح فيه".

وولد محمد سعيد رسلان في العام 1955 بقرية "سبك الأحد" بمحافظة المنوفية، وهو ينتمي إلى المدرسة السلفية المدخلية، لإيمانه برؤى "محمد أمان الجامي"، وبعثه لأدبيات الطاعة الجامية، وله الآلاف من المريدين في مصر ودول المغرب العربي.
وحصل رسلان على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الأزهر، وليسانس الآداب قسم اللغة العربية (شعبة الدراسات الإسلامية)، ودرجة الماجستير في علم الحديث عن بحث "ضوابط الرواية عند المُحدِّثين"، واشتهر عنه تأييده للطغاة العرب، ومعارضته لثورات الربيع العربي، واعتبارها خروجاً على الحاكم، فضلاً عن معاداته لجماعة الإخوان، ووصف أنصارها في خطبه بـ"خوارج العصر".

نفاق السيسي

وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة عن رسلان تحفيزه المواطنين على انتخاب السيسي دون غيره، بزعم أن "ولي الأمر لا يُنازع في مقامه، ولا منصبه الذي بوّأه الله إياه، ولا مجال مطلقاً في أن ينافس عليه، بل هو باق فيه إلا إذا وقع عارض من موانع الأهلية".
ونافق رسلان السيسي في مقطع مصور، بالقول: "الدولة محددة برأسها، ورئيسها، والذي لا يقول عن كذب أو مبالغة، ويقول عن رؤية وبصيرة وواقع يعلمه علم اليقين. ومن أساسيات الأمن القومي ألا يصرح بتفاصيله، وأن يفهم صاحب كل عقل أن الدولة مهددة، والمؤامرة عُطلت، ولكنها لم تحبط، وماضية. وتتجمع خيوطها مجدداً، والمصريون لا يبالون".




وقال رسلان عن ضحايا فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر": "هؤلاء الذين اعتصموا في هذا المكان هم من خوارج هذا العصر. هؤلاء قيل لهم مرات على مدار 45 يوماً لا تعتصموا في هذا المكان، واعلموا أنكم ستتجنبون الملاحقة، ولن يمسكم أحد بسوء. ولكن قادتهم هربوا جميعاً، وتركوا من غرر بهم يحملون السلاح ويحاربون الأمن".
ووصف رسلان ذكرى مذبحة فض الاعتصامين، بـ"اليوم القومي لذكرى المحرقة، تماماً كما عند اليهود"، زاعماً أن "جماعة الإخوان تجد في المظلومية سنداً لها أمام العالم"، وزعم أن جماعة الإخوان أسست في الأصل على "الماسونية"، وأن شارة "رابعة" هي إحدى شارات "الماسونية"، معتبراً أن الاحتجاجات علناً تخالف الهدي الصحيح للإسلام، وأن على الشعب مناصرة جيشه في حربه.



وأظهرت وثائق جهاز "أمن الدولة" التابع لوزارة الداخلية المصرية، المسربة عقب اندلاع ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أن الجهاز الأمني كان داعماً لرسلان باعتباره مفيداً لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، في حين وظفت الأجهزة الأمنية رسلان لاحقاً في حملات التشويه الممنهجة ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، بغرض إسقاط حكمه.